رأي: كيف أثار رجم امرأة العالم.. "الغضب الإلكتروني" هل يترجم لواقع؟
كاتبة المقال هي غيل زيماش لييمون، زميلة ونائب مدير برنامج النساء والسياسة الخارجية بمجلس العلاقات الخارجية، وهي مؤلفة كتاب "خياط خير خانا" الذي يتناول قصة صبية أفغانية ساهمت أعمالها في خلق وظائف وآمال إبان حقبة طالبان.. والمقالة التالية لا تعبر سوى عن رأي الكاتبة وليست عن موقف الشبكة.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- "كنا نستغيث طلبا للنجدة... لكن ما من مجيب"... كانت هذه كلمات محمد إقبال حول حادثة مقتل زوجته الحامل، فرزانة بارفين، 25 عاما، بأيدي أقاربها من تجمعوا لغاية قتلها امام قاعة محكمة بمدينة لاهور الباكستانية.
اكثر من 20 من أفراد عائلتها شاركوا في رجمها بالحجارة حتى الموت، بجريرة جلب العار للأسرة بزواجها بمن اختاره قلبها، وليس زواج تقليدي مرتب من اختيار عائلتها... قال ضابط شرطة إ، احد أفراد الأسرة وضع مشنقة مصنوعة من نسيج خشن حول رقبتها فيما هشم اشقائها جمجمتها بالحجارة .
على الفور انتشرت على المواقع الاجتماعية نبأ الجريمة البشعة التي وقعت في العلن... فرزانة أصبحت هاشتاغا استنفر حوارا بشأن ما يدعى "جرائم الشرف" وتسامح المجتمع تجاهها ولا مبالاة الشرطة بها.. فجأة أصبحت جريمة كانت حتى وقت قريب للغاية لا يلتفت إليها، لتصبح مبعث ذعر ومحوراً للنقاش الدائر على المواقع الاجتماعية داخل وخارج باكستان، وكشفت المناقشات عن حقيقة بشعة اخرى.. اعتراف إقبال، لـCNN بأنه قتله زوجته الاولى للاقتران بفرزانة.
هاشتاغ فرزانة تلو قضية قديمة، لم يلتفت اليها سوى نادرا، أججت مخيلة الناس وعاصفة غضب عن استحقاق وهي: اختطاف طالبات مدرسة في شمال نيجيريا بواسطة مليشيات بوكو حرام.
اطلق محام نيجيري هاشتاغ " أعيدوا فتياتنا" لجذب الأنظار لقضية اختطاف الصغيرات بعد تجمعهن بالمدرسة لأداء الامتحانات.
وما ان دشن الوسم (هاشتاغ)، حتى كان الاختطاف محور حديث المواقع الاجتماعية حول العالم، انضم إليها صحفيون وسياسيون، فالنقاشات الدائرة حول تعليم الفتيات وجرائم بوكو حرام، أنهت، وأخيرا، حالة عدم اللامبالاة العامة.
في أمريكا، أججت جريمة مروعة جديدة النقاش بالمواقع الاجتماعية، هذه المرة شاب، 22 عاما، هدفه "القصاص" بتعذيب وقتل كل من هو جميل، قبل أن يدشن حربا على النساء عقابا لهن على حرمانه من الجنس، على حد زعمه، كما ان لهجة الكراهية والمرارة ،التي اتسم بها خطابه المكون من أكثر من مائة صفحة، دفعت بنساء لإطلاق هاشتاغ "نساء يسال" بشأن قضية نادر ما تطرقت إليها النقاشات، رغم تكرارها، الا وهي قضية العنف ضد النساء - من تحرش جنسي الى مضايقات وصولا الى الوحشية والعنف المنزلي.
واكتسب الهاشتاغ زخما دوليا وتلقفته وسائل إعلام قامت باقتفاء اثر نساء نالهن نصيب وافر من الجرائم والوحشية، بما يكفي لدفعهن الحديث علانية عن انعكاسات ذلك على حياتهن.
ورغم التوعية المنبثقة عن أوسام المواقع الاجتماعية الالكترونية، يبقى السؤال المطروح هو: هل ما يحدث في تلك المساحات الالكترونية يظل حبيسا في ذلك النطاق؟ ام ان السخط الالكتروني سيقود الى تغيير فعلي على أرض الواقع؟ هل سينظر اخيراً الى الجرائم المرتكبة ضد النساء على أنها مؤذية ومعيقة ليس للمرأة فحسب بل للمجتمع الذي تعيش فيه؟. سينجز الكثير لو ترجم النشاط الالكتروني الى حملات حقيقية تؤدي إلى تقدم ملموس وراسخ مثل:
- سن قوانين تحمي الفتيات الصغيرات، من تتراوح أعمارهن بين سن 8 و9 سنوات، من الزواج القسري.
- توفير مساعدات وحوافز لضمان استمرارية تعليم الفتيات والتصدي لتقاليد تحرمهن من الدراسة
- تسليط الضوء على أباء وأشقاء قدوة دعموا تعليم الفتيات ما عرض حياتهم، أحيانا، للخطر، والوقوف ضد المجتمع.
-- هذه مجرد البداية.. نشطاء الهاشتاغ وغضب الإعلام المجتمعي بداية هامة لمناقشة قضايا طالما وقف العالم طويلا لا مباليا تجاهها.. لكنها تبقى مجرد خطوة واحدة.
يبقى على عاتقنا جميعا مسؤولية ترجمة الأقوال إزاء تقوية المرأة وعدم تعريضها للخطر، إلى أفعال على أرض الواقع.. وتظل المخاطر جسيمة على الجميع.