لماذا يخاطر آلاف المهاجرين بأرواحهم في سبيل الوصول إلى "الأرض الموعودة"؟
روما، إيطاليا (CNN)- ينظر آلاف المهاجرين واللاجئين في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء إلى جزيرة "صقلية" الإيطالية، باعتبارها "الأرض الموعودة"، عندما يتخلون عن كل ما يملكون ويضعون بأنفسهم على متن أحد القوارب، في رحلة بائسة، عبر البحر المتوسط.
وبحسب إدارة حرس السواحل في إيطاليا، فإن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص تمكنوا بالفعل من الوصول إلى جزيرة صقلية، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، على متن عدد من القوارب انطلقت بهم من ليبيا، بينما لقي مئات آخرون مصرعهم غرقاً، أو أصبحوا في عداد المفقودين.
الحديث عن قصص الموت التي يواجهها هؤلاء الباحثين عن "مستقبل أفضل"، أو حجم المعاناة التي يتعرضون لها، عبر رحلة محفوفة بالمخاطر، على متن قوارب متهالكة أو تحمل أضعاف حمولتها، من سواحل أفريقيا في جنوب البحر المتوسط، إلى أوروبا على الضفة الأخرى من البحر.
كما أن رحلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ليست حديثة العهد، وإنما تمتد إلى تاريخ طويل، إلا أن أكثر ما يثير الاهتمام بهذه القضية في الوقت الراهن، هو ذلك العدد الهائل من المهاجرين الذين يلقون حتفهم في بصورة شبه يومية، بعد أن أصبحت هذه الرحلات "خارج السيطرة."
ففي نظام العقيد الراحل، معمر القذافي، لم تكن الحكومة الليبية تحظر انطلاق رحلات هجرة شرعية من موانئها إلى السواحل الأوروبية عبر البحر المتوسط، إلا أنها كانت تفرض نوعاً ما من السيطرة على تلك الرحلات، التي يُعتقد أن "جماعات منظمة" تشرف على تشغيلها وإدارتها.
وفي عام 2008، وقع الزعيم الليبي ورئيس الوزراء الإيطالي آنذاك، سيلفيو بيرلسكوني، "اتفاقاً تاريخياً"، وعدت إيطاليا بموجبه باستثمار خمسة مليارات دولار في مشروعات البنية التحتية في ليبيا، وفي المقابل تعهد القذافي بوقف تدفق المهاجرين الأفارقة إلى إيطاليا، انطلاقاً من السواحل الليبية.
وبالفعل حافظ القذافي على وعده بالسيطرة على رحلات المهاجرين إلى إيطاليا، إلا أنه في أغسطس/ آب 2010، وخلال زيارة رسمية إلى روما امتدت لثلاثة أيام، هدد صراحةً بأنه سيعمل على "تحويل أوروبا إلى قارة سوداء"، إذا لم تحظ ليبيا بامتيازات في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.
وبعد الإطاحة بنظام القذافي، بدأت رحلات الهجرة غير الشرعية تتضاعف بصورة مطردة، وأكدت مصادر في المنظمة الدولية للهجرة في روما، لـCNN أن أكثر من 140 ألف شخص تمكنوا من الوصول إلى الجزر الإيطالية، قادمين من السواحل الأفريقية، خلال عام 2011.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2013، بعد قليل من كارثة غرق أحد قوارب المهاجرين قرب جزيرة "لامبيدوزا"، والتي سقط خلالها نحو 349 قتيلاً، بينهم عدد من الأطفال، كان بعضهم مازالوا متعلقين بأمهاتهم، بعد أن تم حشرهم في أحد القوارب، أعلنت إيطاليا أن عليها أن تتخذ إجراءات ما.
وبمجرد وصول المهاجرين إلى إيطاليا، فإنه من المفترض ان تنظر الحكومة إلى حالاتهم باعتبارهم من طالبي اللجوء السياسي، ويخضعون للمراقبة حتى يتم قبول أو رفض طلباتهم، إلا أن إيطاليا خضعت لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي، بسبب عدم أخذ بصمات الأصابع للقادمين الجدد.
وبموجب القانون، يتوجب على السلطات الإيطالية أن تقدم الرعاية إلى هؤلاء المهاجرين، إلا أن الكثيرين منهم لا تكون لديهم النية للبقاء في إيطاليا، كما أن عدداً قليلاً من مراكز إيواء اللاجئين لديه بوابات، الأمر الذي يعني أن بإمكانهم الخروج والدخول وقتما يشاؤون، كما أنه في ظل عدم وجود حدود فعلية بين إيطاليا وجيرانها، يكون بإمكانهم أيضاً التنقل بحرية بين دول القارة الأوروبية.