محلل سياسي مغربي: اعتراف السويد بالبوليساريو تشويش على مسار المفاوضات
الرباط، المغرب (CNN)-- خلق موقف الحكومة السويدية بالتوجه نحو الاعتراف بدولة البوليساريو التي أُعلِن قيامها من جانب واحد الكثير من الجدل في المغرب، إذ أصدرت جلّ الأحزاب بيانات منددة بهذا التوجه الرامي إلى تشجيع جبهة البوليساريو في مطالبتها بانفصال الصحراء الغربية، المنطقة الواسعة التي يؤكد المغرب أنها جزء من ترابه.
وتزامن التنديد مع قرار المغرب بإلغاء تشدين مشروع تجاري ضخم لشركة سويدية بمبرّر غياب شهادة المطابقة، وذلك في ظل حديث تقارير إعلامية أن السويد لن تتوقف عند الاعتراف، بل قد تتجه إلى مجلس الأمن، من أجل مطالبة الأمم المتحدة بترويج مشروع قرار نحو الاعتراف بهذه "الدولة".
"إن كان اعتراف السويد بمكوّن لا تتوّفر فيه مقومات الدولة قرار سيادي خاص بها، فهو كذلك تدخل في الشؤون السيادية للمغرب، وتشويش على مسار القضية التي تقوم الأمم المتحدة برعايتها، خاصة وأن مجلس الأمن يؤكد على ضرورة توفير كل الشروط لمرور المفاوضات بشكل سليم" يقول إدريس لكريني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش.
ويتابع لكريني لـCNN بالعربية:" القانون الدولي لا يشجع على التجزئة، ويؤكد أن تقرير المصير لا يجب أن يكون على حساب وحدة الدول، ولو سرنا بهذا المنطق، أي تشجيع كل من يرغب في تشكيل كيان جديد، فأغلب دول العالم ستتعرّض للتجزئة".
ويضيف: "الأكيد أن قرار السويد الأخير ستكون له تبعات خطيرة على المغرب، بما أنه قد يشجع دولًا أخرى على التفكير في الاعتراف بالبوليساريو، لكن الآثار السلبية ستكون على الدول الأوروبية كذلك، فالكثير منها تعاني من حركات انفصالية كما يقع في تركيا واسبانيا وإيرلندا، وتزكية القرار السويدي سيشجع هذه الحركات على المضي قدمًا في مطالبها".
كما ندّد لكريني بطريقة تعاطي الديبلوماسية المغربية مع ملّف الصحراء:" على امتداد سنوات طويلة، أُدير الملف بأسلوب أحادي منغلق، وهو ما كلّف المغرب كثيرًَا. صحيح أنه وقع خلال السنوات الأخيرة نوع من الانفتاح وأضحى البرلمان يساهم في تدبير السياسة الخارجية، لكن على المغرب أن يتوقف عن ديبلوماسية حمل الرسائل، وكذلك ديبلوماسية ردود الأفعال".
ويشرح لكريني أكثر:" الديبلوماسية القويّة تفترض تحرّك المجتمع المدني والأحزاب والإعلام وعمداء المدن، كما تفترض إلمامًا بطبيعة النزاع وأبعاده التاريخية، وتشترط ذكاءً في التعامل، وليس كما وقع مؤخرًا من إغلاق لمشروع سويدي في المغرب، فهذا القرار يعدّ متسرّعًا، وقد يؤثر بشكل سلبي على جلب الاستثمارات الخارجية ويخلق تخوفًا لدى الشركات الأجنبية الحاضرة بالمغرب".
جدير بالذكر، أن مفاوضات متعددة تجمع المغرب بجبهة البوليساريو منذ سنوات لأجل إيجاد حلّ لهذا النزاع الذي يستمر منذ جلاء القوات الإسبانية عن منطقة الصحراء الغربية. وفيما تصرّ البوليساريو على مبدأ تقرير المصير لتحديد مستقبل المنطقة، يشّدد المغرب على أن مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته، هي أقصى ما يمكن تقديمه.