القلق يغزو قلوب اللاجئين السوريين في أوروبا.. شبح "الأسلاموفوبيا" يستعيد تأثيره.. ومخاوف حول مصير "القضيّة السوريّة"

نشر
7 دقائق قراءة
تقرير محمد الأزن
Credit: Thierry Chesnot/Getty Images)

دمشق سوريا (CNN)-- أثارت هجمات باريس الإرهابية ليل الجمعة الفائت قلقلاً بين أوساط اللاجئين السوريين إلى أوربا على مصيرهم، في ضوء المستجدّات الأخيرة، بينما يتواصل تدفقّهم، عبر البحر والبر باتجاه القارة الأوربية، مشكليّن أكبر موجة نزوحٍ بشري يشهدها  العالم خلال الأعوام الأخيرة هرباً من جحيم الحرب السوريّة.

محتوى إعلاني

CNN بالعربية تواكب مخاوف السوريين في أوربا من انعكاسات أحداث باريس الأخيرة عليهم، مالذي يخشونه في فرنسا؟ وكيف يبدو الحال بالنسبة إليهم في ألمانيا؟ 

محتوى إعلاني

فابيين بريقع أخصائية ومعالجة نفسية سوريّة مقيمة في فرنسا، كانت على مقربة من ساحة "الجمهورية" بباريس، بعيد وقوع الاعتداء على روّاد مطعم le petit cambodge، وتحدّثت لـ CNN بالعربية عن أوقاتٍ عصيبة عاشتها مع الناس، حتى تمكّنت من أخد سيّارة أجرة أقلتّها حيث تقيم: "في البداية دفعنا فضولنا للسير باتجاه تواجد سيّارات الشرطة،  لكنّنّا تراجعنا حينما رأينا حالة الاستنفار الكبيرة في المكان، وشعرنا بخوفٍ وتوترٍ كبيرين، ثم اتجهنا نحو محطّة الميترو القريبة لنكتشف أن جميع المحطّات أغلقت، ثم بدأت تتواتر الأخبار عن سقوط ضحايا، ووقوع الإعتداءت في أكثر من مكان منها استاد فرنسا الرياضي، لكّن أكثر ما آلمني على المستوى الشخصي هو استخدام اسمنا كسوريين بشكل جارح، حينما اقترن إطلاق الرصاص من المعتدين على الأبرياء باسم  بلادنا، مستخدمين عبارة (لأجل سوريا) بحسب ما ذكر التلفزيون الفرنسي، فنحن نريد أن نعمل للحوار والسلم والبناء واللقاء، وليس الإرهاب والقتل."

وأضافت فابيين: "انتابتنا المخاوف من إغلاق الحدود، خاصّة أن هناك سوريين كثر ممّن ينتظرون وصول أقاربهم."

 لكن ألا يشكّل ما قيل عن وجود جواز سفر سوري بجانب أحد منفذي الهجوم مصدر قلق على أوضاع السوريين المقيمين في فرنسا من اعتداءاتٍ محتمله عليهم؟ تجيب بريقع "ذلك  لا يعدو كونه ورقّة للاستخدام السياسي"، مؤكدةً أن فرنسا:  "دولة قانون، وتحمي حقوق اللاجئين وتدافع عنهم بموجب الدستور، واجراءات الطوارئ التي تسري على الجميع شيء، والسياسة شيء آخر."

كلام فابيين بريقع الذي يقلل من حجم القلق حول أوضاع اللاجئين السوريين في فرنسا بسبب الهجمات الإرهابية الأخيرة، يتفق مع ما يقوله مظفر سلمان (المصور الصحفي السوري، الذي لجأ إلى عاصمة النور منذ العام 2013) لـ CNN بالعربية ، مشيراً لكون: "أغلب اللاجئين أتوا إلى هنا بموافقة مسبقة من الحكومة الفرنسية، وعدد الواصلين لفرنسا بطريقة غير شرعية يبدو نادراً، وهي بلد يستقبل لاجئين من سنوات طويلة،  وتعطيه حقوق تضاهي المواطن الفرنسي، ولو حدث أي تغيير على أوضاعهم سيكون ذلك ضمن إطار قانوني، وسيشمل كل الجنسيّات، وليس السوريين فقط."

واستدرك سلمان قائلاً: " لكن ربمّا سيتعرض الواصلون بطريقة غير شرعيّة إلى فرنسا، للضرر بسبب تفعيل التشديد على مراقبة الحدود."

وفي تعليقه على قصّة العثور على جواز سفر سوري إلى جانب أحد الانتحاريين، ومدى تعريض ذلك اللاجئين للأذى، قال مظفر لـ CNN بالعربية:  "أعتقد أنّ هذا الإعلان ينطوي على رسالة سياسية لا أكثر، لن تؤثر كثيراً على المواطن الفرنسي الذي يمتلك وعياً سياسياً بالعموم، أما من يتبنى منهم آراءاً متطرفّة، فهو لا ينتظر أساساً مثل هذه الذرائع، لكي يقابل وجود اللاجئ بالرفض أو الاعتداء، فاللاجئ  إلى فرنسا محمي بموجب القانون، ولن يتمكن المتطرّف حيال ذلك فعل أي شيء سوى افتعال بعض العراقيل التي يتم تجازها قانونياً، كما أنّه لا توجد تجمّعات للسوريين،  وأشكالهم تبدو قريبةً من الفرنسيين، ممّا  يساعد بتجنبيهم احتمالات التعرض لأذى جسدي مباشر."

هكذا يقلل سلمان من شأن انعكاسات  هجمات باريس الإرهابية على اللاجئين السوريين في فرنسا، لكنّه بالمقابل، لايخفي مخاوفه حول: "مصير القضيّة السوريّة، فثمّة ما يغذي الشعور بأن هناك تلاعب بين القوى الدولية تحت الطاولة، ساهمت بتمريره الأحداث الأخيرة، وهذا ما أسفرت عنه نتائج مؤتمر فيينا الثاني حول سوريا، والذي تم فيه الاتفاق على تنسيق الجهود لمواجهة الإرهاب، قبل كل شيء، بمعنى أن المسألة الخلافية (حول مصير الأسد)، تم تجاهلها أو ترحيلها."

لكنّ الحال يبدو مختلفاً بالنسبة لمحمد ياسين  وهو من اللاجئين السوريين الواصلين إلى ألمانيا هذا العام، وينتظر دوره في الحصول على الإقامة،  وأعرب لـ CNN بالعربية عن مخاوفه الجديّة، من انعكاسات هجمات باريس الإرهابيّة على وجود اللاجئين بألمانيا، والتعامل معهم، كـ"تأخير إجراءات الإقامة، أو صدور القرار الذي تردد الحديث عنه مؤخراً في أروقة الحكومة الألمانية بمنع لم شمل العائلات السوريّة."

محمد قال لـ CNN بالعربية: "إنّ مثل هذه المخاوف موجودة بالأصل لدى السوريين في ألمانيا، وتضاعفت بسبب الأحداث الأخيرة، لأنّ هناك قسم من الشعب الألماني   يرفض بالأصل وجود اللاجئين، ويخرج في مظاهرات باستمرار تعبيراً عن  رفضه لهم، بالتوازي مع حدوث اعتداءات طالت بعض مخيّماتهم، فيوم حدوث هجمات باريس، كشفت الشرطة الألمانية عن إحباط محاولة تفجير لأحد المخيّمات،  وتم إلغاء عدّة مهرجانات كانت مقررة لدعم  اللاجئين وتقديم المساعدة لهم، ما يعني أن شبح (الإسلاموفوبيا) الذي يتذرّع به المتطرفون الألمان لرفض وجودنا، عاد تأثيره بقوّة بفعل تلك الاعتداءات الإرهابيّة على العاصمة الفرنسية، رغم جهود المستشارة  الألمانية  أنجيلا ميركل لمحاولة طمئنة شعبها، ومحاولات السوريين للاندماج سريعاً بالمجتمع الجديد، ونجاحهم بتكوين صداقات مع مضيفهم."

شبح "الإسلاموفوبيا" عاد إذاً إلى الصورة، مما يمنح اليمين المتطرف الأوربي المزيد من الذرائع لرفض المهاجرين والسعي لطردهم أيّاً كانت أسبابهم أو ظروفهم، ويدفع البلدان الأوربية لتشددٍ أكبر بإجراءت مراقبة حدودها، هكذا لن تكون هنغاريا الدولة الوحيدة التي تغرّد خارج السرب، فهاهي فرنسا وبلجيكا تغلقان حدودهما، وتبدو الظروف مهيّأة  لانتهاج بلدانٍ أخرى السياسة ذاتها، بالتوازي مع حدوث اعتداءات متفرقة على مخيمات للاجئين، في "كاليه" على الحدود الفرنسية- البريطانية، وقبلها بالسويد، وألمانيا... مما يدخل "التغريبة السوريّة" منعطفاً جديداً، ستتكشف ملامحه في قابل الأيّام مع تصاعد وتيرة الحراك الدولي لإنهاء فصول حربٍ أرهقت سوريا وأهلها، والعالم.

نشر
محتوى إعلاني