لتحدي الإرهاب.. تونسيون يحتفلون برأس السنة في أخطر منطقة ببلادهم

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: MOHAMED KHALIL/AFP/Getty Images

تقرير: منية غانمي

محتوى إعلاني

تونس (CNN)-- بعيدًا عن أجواء المطاعم والنزل والسهرات الفنية، سيستقبل عدد من التونسيين العام الجديد في مرتفعات جبل الشعانبي وعلى مقربة من أوكار الإرهابيين، لتوجيه رسالة تحد ضد الإرهاب والتعبير عن رفضهم لثقافة الموت والعنف التي تقودها الجماعات المتطرفة وكذلك لتأكيد مساندتهم المطلقة ودعمهم لجهود رجال الأمن والجنود في حربهم ضد الإرهابيين.

محتوى إعلاني

وأعلن ناشطون في مؤسسات مجتمع مدني بداية هذا الأسبوع، اعتزامهم قضاء ليلة رأس السنة بجبل الشعانبي، وذلك بالتنسيق مع وزارة الدفاع التونسية في إطار مبادرة أُطلِق عليها اسم "قافلة التّضامن مع جنودنا وأمنيّينا وأهالينا في الشعانبي" ستضم عشرات المثقفين والإعلاميين فضلا عن مئات المشاركين من شباب المنظمات كذلك من المواطنين.

رجاء بن سلامة ناشطة سياسية وأستاذة جامعية وإحدى المنظمات لهذه البادرة، أكدت أن الهدف من ورائها هو بعث رسالة تحدّي للجماعات الجهادية التي استوطنت مرتفعات جبل الشعانبي منذ أكثر من ثلاث سنوات وأقامت فيها معسكرات تدريب، مضيفة أنها ستكون كذلك قافلة مساندة للأمنيين الذين يدافعون عن الوطن هناك، وتكريم لسكان محيط الشعانبي على صمودهم في وجه الإرهاب ومواصلة تعمير المكان وعدم الهرب من مساكنهم ليعشش فيها دعاة الظلام وأعداء الحياة.

وأصبحت مرتفعات الشعانبي بعد الثورة التونسية، معقلا للمجموعات الإرهابية المسلحة خاصة كتيبة عقبة بن نافع وذلك بفضل تضاريسه الصعبة التي جعلت منه مكانا محبذا للإرهابيين للتخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية التي استشهد خلالها عشرات الأمنيين والعسكريين، وهو اليوم يعد منطقة عسكرية مغلقة، تقوم فيها وحدات الأمن والجيش بعمليات تمشيط مستمر وتعقب للعناصر الإرهابية.

وفي هذا السياق قال الناشط عبد المجيد دبار، إن الاحتفال برأس السنة الجديدة في قمة جبل الشعانبي هي حركة رمزية موجهة للإرهابيين وكذلك لقوات الأمن والجنود، قائلا" مع منتصف الليلة الفاصلة بين العام الحالي والعام القادم سنبث رسالة من عقر الإرهاب مفادها أن الشعب التونسي يحب السلام والحرية ويرفض العنف والقتل والظلامية ويقف صفا واحدا وراء المؤسسة الأمنية والعسكرية".

وأكد في تصريح لـCNN بالعربية إن هذه التظاهرة غايتها الأساسية إعطاء دفع معنوي لقوات الأمن والجيش ودعم مجهودهم في حربهم ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة، مشيرا إلى أنهم سيواصلون الوقوف وراءهم إلى حين تمكنهم من دحر الإرهاب والقضاء على جميع المتطرفين، مضيفا أنه سيتم إقامة مأدبة عشاء مع الجنود ليلة رأس السنة.

ومن المقرر أن يرافق هذه التظاهرة أنشطة خيرية وموسيقية وطبية، وتوزيع مساعدات على الأهالي القاطنين في سفح الجبل وعلى القرى الحدودية خاصة لتلاميذ المدارس، إلى جانب تكريم الجنود المرابطين في الجبال وعلى نقاط التفتيش الحدودية، فضلا عن عدد من الندوات التحسيسية بمخاطر الإرهاب والتطرف الديني والموجهة لشباب هذه المناطق.

وفي هذا الجانب، نوه الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني كمال الجندوبي، بأهمية الاحتفال بالسنة الجديدة في الجبهة الأولى من الحرب على الإرهاب، مشيرا إلى أن مثل هذه المبادرات من شأنها الرفع من معنويات الأمن والجيش وبعث رسالة سلام وحب للحياة إلى العالم تبرهن على أن تونس صاحبة جائزة نوبل هي فعلا أرض سلام وأن السنة الجديدة ستكون دون خوف وسيتحدّى خلالها الشعب التونسي ثقافة الموت وينتصر على الإرهاب.

يذكر أن تونس عاشت هذا العام أحداثاً أليمة خلّفت خسائر كبيرة في صفوف رجال الأمن والجيش، كان آخرها استهداف حافلة للأمن الرئاسي في 24 نوفمبر الماضي راح ضحيتها 13 شخصاً بعملية انتحارية، فضلا عن خسائر جسيمة في القطاع السياحي بعد استهداف التنظيمات الإرهابية للسياح في مناسبتين وهو ما خلف عديد الضحايا من جنسيات مختلفة وأبرزها الهجوم الإرهابي الذي استهدف إحدى فنادق مدينة سوسة السياحية وقتل على إثره 38 سائحا.

وبادرة الاحتفال برأس السنة الميلادية في أعلى قمة في تونس وتمضية الليلة هناك بعيدا عن الاحتفالات الكلاسيكية في المدن، فكرة راقت للكثير من التونسيين الذين رحبوا بذلك وتفاعلوا معها خاصة من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الكثير منهم عن رغبته في المشاركة واستعداده لتقديم المعونة والدعم اللازم، ومن المتوقع أن تشهد هذه الفعالية التي ستنطلق منذ يوم 30 ديسمبر حضورا مكثفا.

" طبعا من الضروري أن ندعم مثل هذه الخطوات ونشارك فيها، لأننا لا نريد أن يصبح جبل الشعانبي رمزا للإرهاب والظلام، بل نريده أن يكون رمزا للنور والسلام والجمال، لهذا سنقيم احتفالاتنا هناك وسنمضي ليلتنا فيه، يجب على الإرهابيين أن يعرفوا ويقتنعوا بأنه لا يمكنهم منعنا من الذهاب إلى أي شبر من تراب البلاد" يقول بوبكر غزال ناشط بمنظمة حقوق الإنسان بمدينة سوسة.

وأضاف في تصريح لـCNN بالعربية، أن هذه الخطوة تعد فرصة لتحسيس كل الأمنيين الذين يحرسون أمن البلد أن كل التونسيين وراءهم وأنهم لا يحاربون الإرهاب بمفردهم، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يشد أزرهم ويقوي عزائمهم ويشجعهم على الصمود في وجه الإرهابيين حتى القضاء على آخر واحد فيهم لكي تبقى تونس دائما بلد أمن وأمان.

نشر
محتوى إعلاني