باحثة مغربية: سكان الحدود المغلقة خلقوا شرعية إنسانية وتجارية رغم القرار السياسي
إسماعيل عزام، الرباط (CNN)-- اختارت الباحثة المغربية فتيحة الداودي التركيز على المعاناة الإنسانية لساكنة الحدود الجزائرية-المغربية، ومدى تأثر العائلات بقرار إغلاق الحدود منذ عام 1994، كي تنجز بحثًا للدكتوراه حمل عنوان "المعيش الحدودي بين الجزائر والمغرب منذ 1994: الحياة اليومية لساكنة منفصلة"، أثمر كتابًا بالفرنسية يحمل الإسم ذاته.
الكتاب الصادر عن دار النشر لارماتان باريس، يأتي بعد مناقشة الكتابة المغربية أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية بجامعة غرونوبل الفرنسية شهر مارس 2015، وقد ارتأت الباحثة نشر أطروحتها على شكل كتاب، لا سيما وأنها تحمل همّ إيصال صوت الساكنة منذ سنوات، فهي ابنة مدينة وجدة الحدودية، وعاشت مرحلة فتح الحدود ثم إغلاقها.
وبدأت فتيحة العمل على بحث الدكتوراه عام 2010، غير أن علاقتها بالملف تعود إلى سنوات قبل ذلك عندما بدأت النضال الحقوقي لأجل تقريب وجهات النظر والمطالبة بالإنصات للعائلات التي تفرّق شملها، إذ تقول في حديثها لـCNN بالعربية، إن هذه العائلات خلقت شرعية خاصة بها كي تستمر في الزيارات بينها عبر الحدود المغلقة، بعيدًا عن احترام القرار السياسي.
وتابعت الداودي أن سكان الحدود اعتادوا العيش في الاختلال، وأن سلطات البلدين تغضّ الطرف كثيرًا عن هذا الاختلال بما أنها تدرك صعوبة منع العلاقات الإنسانية، متحدثة عن أن بحثها تناول كذلك الجانب الاقتصادي لهذه الساكنة، لكن فقط لمن يمتهنون التهريب بحثًا عن لقمة العيش، وليس من أسمتهم "مافيات التهريب" الذين خلقوا ثروات واسعة من الحدود المغلقة.
وأضافت الداودي أن أكبر الصعوبات التي واجهتها أتت من الجهة الأخرى، أي الجزائر، حيث وجدت صعوبة بالغة في الحديث عن العائلات التي تتخوّف من المضايقات رغم أن البحث لا يرّكز على الجوانب السياسية، مبرزة كذلك أن هناك من السكان من يرفض فتح الحدود خوفًا من ضياع لقمة العيش، بعدما غادروا مهنهم وأنشطتهم الأصلية.
وتقول الباحثة في ملخص كتابها: "يتضح من تحليل تجارب العيش قرب الحدود أن ذلك 'الانحراف' يشكل طريقة للحفاظ على احتياجات السكان الخاصة والاستجابة لها. بعبارة أخرى، فإن التجارة والعلاقات الأسرية التي كانت تمارَسُ في إطار الشرعية قبل إغلاق الحدود، تحولت إلى ممارسات "اختلالية"، ولذلك فهذا "الاختلال" هو الرد على عدم ملاءمة قرار إغلاق الحدود لنوعية معيشة الساكنة".