هل من أمل في إنصاف بن حيدرة؟ -رأي لجواد مبروكي
هذا المقال بقلم الدكتور جواد مبروكي، ولا يعبّر عن وجهة نظر CNN بالعربية.
--كما كان مقررا، انعقدت جلسة محاكمة حامد كمال بن حيدرة في 24 أبريل/نيسان 2016، ثم أجلت من جديد إلى شهر يوليوز/تموز من نفس السنة. وقد رفضت المحكمة إطلاق سراحه مؤقتا لإجراء عملية جراحية.
يعاني حامد كمال بن حيدرة من عذاب السجن وعذاب المرض . كما يعاني بسبب حرمانه من الحرية، وحرمانه من عائلته، وكذلك من أبسط وسائل العلاج.
يا ترى لماذا سُجن حامد؟ أيّ جريمة ارتكبها حامد تجعل المحكمة تصل إلى درجة منعه من إجراء عملية جراحية ضرورية لعلاجه؟ هل حامد خطير لهذه الدرجة أم فقط لأنه بهائي؟
هذا مجرد سؤال ولن أتحيز في الدفاع عن حامد لثلاث أسباب.
أولا، لأنه قد يظن البعض أنني أدافع عنه لمجرد أنني بهائي،
ثانيا، لأنني لست برجل قانون،
ثالثا وأخيرا، لأن هناك عدالة سوف تقوم بهذا العمل وأنا أومن بالعدالة مهما ما يقال عنها.
يبدو وكأن العدل من وظائف الحكام و المحاكم فقط و لهذا يخرج مآت الآلاف من البشر إلى الشوارع طالبين العدل في مسألة من المسائل.
لكني كطبيب ومحلل نفساني، أراجع نفسي باستمرار وبدون انقطاع وأتساءل دائما:
"هل أنا عادل " في حياتي اليومية؟ هل أنا عادل مع زوجتي، مع أطفالي، مع زملائي، مع جيراني، مع مجتمعي، مع حكومتي؟ هل أنا "عادل" في تفكيري، في نظري، في كلامي، في سلوكي، في عملي؟
في نفس الوقت فالكل يشتكي حاليا من عدم الوفاء وعدم الثقة. فكيف بإمكاني الشعور بالأمان في هذه الحالة؟
العدل هو أم الفضائل وبفقدانه لا مجال للبحث عن الثقة والأمن والاستقرار والرخاء والسلم والسلام. لهذا أومن بأن العدل هو الفضيلة الأولى التي يجب علي تطويرها في نفسي أولا وغرسها في أعماق سلوكي.
العدل هو نور إذا تركته يدخل في كياني وحياتي، فسوف ينسحب الظلام ويضيء داخلي ومحيطي وتنعكس أشعة الراحة والمحبة والمودة علي وعلى كل من حولي.
في أول الأمر كنت دائما أتساءل: كيف يمكنني أن أقوم بإدخال نور العدل بداخلي؟ في البداية كنت أظن أنه يكفي أن أكون ملما بالقانون ليتحقق لي ذلك. وبعدئذ اتضح لي أن هذا غير كاف. فليس بالضرورة أن يكون كل ملم بالقانون عادلا، وهذا لا يحتاج لأدلة، فلكل منا عدد من الأمثلة عن ضحايا العدالة. فهناك عدة سلوكات تزرع فينا منذ صغرنا وتبعدنا عن روح العدالة، فعلى سبيل المثال "الغش في الامتحانات، الكذب، التصرف في أشياء غيرنا، المؤامرات و المراوغات داخل العائلة بنفسها... ".
بعد البحث عن الحقيقة حول هذا الأمر، اتضح لي أن "الإيمان" هو أصل العدل. أنا لا أتحدث عن ذلك الإيمان الموروث عبر الأجيال ولا أقصد كذلك العدل في المحاكم للقضايا الكبرى، بل أود الحديث عن الإيمان الذي توصلت إليه بالتحري الشخصي والمستقل عن الحقيقة. ذلك الإيمان الذي علمني الانقطاع ومحبة البشرية جمعاء والخدمة من أجل راحة ورخاء الإنسان كيف ما كان شكله أو جنسيته أو عقيدته. نفس الشيء الذي تعلمته و أديت اليمين بأن أحترمه في مزاولة مهنتي "أن أعالج كل مريض بغض النظر عن دينه أو جنسيته أو انتمائه السياسي...."
يا ليت لو كان مثل هذا القسم يؤدى في جميع المدارس ويردده كل طفل وطفلة في كل أركان العالم: "أقسم أن أتعامل بالعدل والإنصاف مع مجتمعي، مع بلدي، مع العالم، مع كل إنسان، بغض النظر عن دينه وعن عرقه وعن وطنه وأعتبر الكل إخواني، وأن أساعدهم على نشر الوحدة و السلم و السلام حتى نصبح عائلة موحدة ونحول الأرض بأكملها إلى بلد واحد ونكون كلنا أوراق وأثمار شجرة واحدة"
أتصور الغد وأتساءل "أهؤلاء الأطفال الذين أدوا هذا القسم طيلة فترة دراستهم ومنذ صغرهم" هل سيسجنون أبناء حامد لمجرد أنهم بهائيون؟