الخليفة حفتر.. هل يُخطط لانقلاب عسكري يوصله إلى حكم ليبيا؟

نشر
6 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
Credit: KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Image

ليبيا (CNN)—من عسكري في جيش الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي إلى قائد عسكري، يبدو الجنرال خليفة حفتر الشخصية النافذة التي تربعت على عرش المشهد السياسي والعسكري الليبي منذ فبراير/شباط 2014، يقدّم نفسه على أنه منقذ ليبيا من الإرهاب والفوضى، غير أن تشبثه بمواقفه وتمسكه بالسلطة مع معاداته لحكومة الوفاق جعلت الشكوك تحوم حول نواياه وترى فيه مشروع انقلابي عسكري.

محتوى إعلاني

خليفة حفتر خريج الأكاديمية العسكرية ببنغازي الذي تجاوز عمره الـ 70 سنة ، العسكري المنشق عن نظام القذافى منذ أواخر الثمانينات، عاد إلى الواجهة من جديد بعد منفى في الولايات المتحدة الأمريكية دام 20 عاما، ليصبح أكثر شخصية جدلية تتصدر نشاطاته عناوين الأخبار الرئيسية وأحاديث الناس.

محتوى إعلاني

يلّخص مهمته التي عاد من أجلها للبلاد في تطهيرها من التكفيريين والمسلحين وتخليصها من الإرهاب، وأمام خبرته العسكرية ومعارضته السابقة للقذافي وجد دعما سياسيا وشعبيا خاصة في مدن الشرق، فتم ترشيحه لقيادة أقوى قوة أمنية في البلاد في وقت كانت عدد من المدن الليبية تكتوي بنار الجماعات المتطرّفة التي سيطرت عليها.

 وللإيفاء بوعوده يقود حفتر منذ ماي 2014 عملية عسكرية تحت شعار "الكرامة" وتهدف إلى تحرير مدينة بنغازي من المتشددين والعصابات الخارجة عن القانون، لكن المواعيد التي حدّدها لهذا الهدف طالت كثيرا حيث أصبح غارقا في المواجهة معهم لأكثر من عامين قُتل على إثرها مئات الأشخاص، وهو ما جعله عرضة للاتهامات و الانتقادات.

ففي حين يعزو حفتر وموالوه المراهنين على نجاحه ذلك إلى الحظر الدولي المفروض على توريد الأسلحة في ليبيا، يتهمه معارضوه بالفشل وبمحاولة استنساخ السيناريو المصري من خلال السعي إلى إقصاء الإخوان المسلمين من المشهد السياسي الليبي، تحت ستار محاربة "الجماعات الإرهابية" المنفلتة في ليبيا وذلك بهدف إعادة البلاد الى مرحلة الدكتاتورية العسكرية.

ولطالما صنّف حفتر جماعة الإخوان المسلمين في خانة التنظيمات الإرهابية المتطرفة وساوى بينها وبين تنظيم "داعش" وتنظيم القاعدة حيث يصفها بالقنبلة الموقوتة أينما تحل، يحل معها الإرهاب والخراب، لكنه في المقابل أكد أنه ليست له طموحات في السلطة، وإن كل ما يريده هو عودة الاستقرار إلى ليبيا وإنهاء حكم الإخوان والميليشيات المسلحة.

بيد أن المتأمل في المشهد السياسي الليبي الحالي يلحظ أن الاستقرار لم يتحقق وأن الإرهاب مستمرّ، حتّى أن الوضع سائر نحو التعقيد مع دخول حكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة إلى ليبيا وتطلعها إلى استلام مهامها، لكن حفتر الذي يحظى بتأييد مصري وإماراتي متهم بأنه يقف حجر عثرة أمام ذلك من أجل الاستمرار في السلطة والنفوذ.

هذه الاتهامات اعتبرها حفتر باطلة لأن الجيش لا يتدخل إطلاقا في السياسية، وعن ذلك يعلّق الناشط الليبي محمود أبو عقيلة: " الظاهر أنه لا يتدخل في السياسة لكن أصبح معلوما أنه يمارس سلطته على مجلس النواب حتى لا يمنح الثقة لحكومة الوفاق إلى حين الاستجابة لطلبه بالبقاء على رأس القيادة العسكرية".

فبقاء حفتر كجزء في العملية السياسية هو الشرط الأساسي لمجلس النواب لدعم حكومة الوفاق، حتى أنه طالب بتعديل المادته الثامنة من الاتفاق السياسي الأممي التي تنص على أن مجلس الرئاسة يجب أن يكون القائد الأعلى للجيش الليبي، تعديلها بالشكل الذي يضمن لحفتر استمراره في منصبه.

وأمام تعنّته في مطلبه وإصراره على الاستمرار في القيادة العسكرية، برز تخوف وتوّجس في عدد من جهات ليبيا، خاصة في مناطق الغرب، من نوايا حفتر وازدادت الشكوك حول احتمال مضيه في استنساخ التجربة المصرية في ليبيا كما فعل عبد الفتاح السيسي عندما وضع حدًا لحكم الإخوان عبر ما وصفه متتبعون بانقلاب عسكري.

والمتأمل في تاريخ حفتر العسكري يلاحظ أن هذا الجنرال يهوى الانقلابات والإطاحات بالسلطات الحاكمة، فقد شارك الرئيس الراحل معمر القذافي في الانقلاب الذي أوصله لسدة الحكم عام 1969، قبل أن يحاول حفتر الانقلاب عليه عام 1993، وكرّرها في فبراير 2014 في عهد حكومة علي زيدان عندما انقلب على المؤتمر العام الوطني الذي يسيطر عليه الإسلاميين وقام بتجميد عمله.

كما أن حفتر الذي عرف بميولاته الناصرية العلمانية لا يخفِ إعجابه بالرئيس السيسي معتبرا إياه من خيرة الرجال الذين يقودون مصر بعد جمال عبد الناصر:" لم نر أحدا مثله، ونتمنى أن يكون هذا الرجل في هذا المستوى لرفع الروح المعنوية الهابطة لدى العالم العربي كله" يقول حفتر في تصريح سابق له.

عدم الارتياح تُجاه هيمنة حفتر العسكرية وخططه المستقبلية دفع برئيس حكومة الوفاق فايز السراج إلى تشكيل حرس رئاسي تحت إمرته من أهم مهامه حماية المؤسسات السيادية والعامة، وهو ما نتج عنه اندلاع حرب باردة بين الرجلين خاصة بعد إعلان المجلس الرئاسي تشكيل غرفة عمليات لتحرير سرت من قبضة "داعش"، رغم تحرك قوات الجيش الذي يقوده حفتر في مهمة مشابهة.

هذا التصعيد بين الجانبين يوضح أن الأزمة الليبية سائرة نحو التعقيد وأن التوافق المنشود مازال بعيد المنال، فحفتر مازال رقما صعبا في المعادلة السياسية الليبية، فيا ترى هل يمثل عائقا للسلام فيها أم أن وجوده ضروري من أجل الحفاظ على التوازنات والمعادلات السياسية والجغرافية؟

نشر
محتوى إعلاني