داعش وبوكو حرام يستغلان الفوضى الليبية لسنّ تحالف جهادي يهدّد المنطقة

نشر
6 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
Credit: AFP getty images

ليبيا (CNN)-- فتحت قنوات التواصل بين تنظيم "داعش" في ليبيا وبوكو حرام في نيجيريا وتنامي علاقات التعاون بينهما خطوة يمكن أن تكون مقدمة لعمل جهادي أكبر ونشاط إرهابي كبير خلال المرحلة المقبلة خاصة في منطقتي شمال وغرب إفريقيا، ممّا قد قد يفرض كذلك ضغوطا أكبر على الدول الغربية خاصة تلك التي لديها مصالح في المنطقة.

محتوى إعلاني

وقد تنامت في الفترة الأخيرة علاقة التعاون بين التنظمين، إذ بادر بوكو حرام بإرسال مقاتلين من صفوفه لمعاضدة جهود تنظيم داعش في مديبة سرت الليبية وفك الحصار المفروض عليه من قبل الجيش الليبي، وقد مهدت حالة الفراغ الأمني في ليبيا التي تسبب فيها صراع السياسيين والكتائب المسلحة على السلطة وضعف الرقابة على الصحراء الليبية ومسالك التهريب المليئة بالثغرات التي تربط الدول الافريقية بليبيا، لدخول بوكو حرام إلى ليبيا والتحامه بداعش.

محتوى إعلاني

وكمؤشر على وجود التعاون بينهما، تم القبض مؤخرا من طرف جهاز مكافحة الإرهاب في مدينة سبها التي تقع على بعد 700 كلم جنوب طرابلس على مجموعة من المتسللين الأفارقة الذين ينتمون إلى حركة بوكو حرام وهم في طريقهم إلى مدينة سرت ، وذلك أيام قليلة بعد تأكيد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية وجود تعاون بين التنظيمين.

التحالف بين هذين التنظيمين اللذان يعدان من أكثر التنظيمات الارهابية دموية في منطقة شمال إفريقيا ودول الصحراء والساحل، عمّق مخاوف دول المنطقة من إمكانية تشكيلهم لحزام إرهابي يربط بين منطقتي شمال إفريقيا وغربها للضرب بشكل أقوى، كما أثار هواجس الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا من خطورة التهديدات التي سيشكلها هذا الاتحاد على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة والتي غالبًا ما تُمثل الهدف المفضل لأي جماعة جهادية.

وما يجعل من هذا السيناريو معقولاً وقابلاً للتحقق هو أن كلتا الحركتين تتقاسمان النظر إلى نظام الدول الغربية على أنه عدو لتطبيق الشريعة الإسلامية، فمن جهته يهاجم داعش في أغلب خطاباته وبياناته الغرب ويندّد بسيطرته على الموارد الطبيعة للمسلمين كحقول النفط والغاز الطبيعي، ويشجب دوره في دعم الأنظمة المحلية التي يصفها بالمرتدة والفاسدة، ومن جهتها تستهدف بوكو حرام، الحركة السلفية الجهادية المسلحة التي ظهرت في إفريقيا منذ عام 2009، ضرب المصالح والثقافة الغربية في المنطقة.

ويرى مازن الشريف، خبير أمني، أن هذا التخوف من تداعيات اندماج التنظيمين في محله، لأن التعاون بين داعش وبوكو حرام على الأرض حقيقي وانطلق منذ فترة، معتبرا أنهما وباقي الحركات المتطرفة على غرار القاعدة يتبنون عقيدة ومنهجية واحدة ويتقاسمون الأهداف نفسها.

وأشار مازن في تصريح لـCNN بالعربية أن التعاون بين الطرفين يعد مؤشرا خطيرا يهدد لا فقط منطقة شمال إفريقيا وغربها، بل يهدد السلام والأمن القومي العالمي بسبب ازدياد قوة الجماعات الجهادية واتساع رقعة العمليات التي تقوم بها وتنوّعها.

ويعدّ الاشتراك في الأهداف والمواقف والايديولوجية سببا كافيا لإعلان تنظيم بوكو حرام العام الماضي ولاءه لتنظيم داعش، فبوكو حرام يسعى منذ فترة إلى السيطرة على أكبر مساحة جغرافية في المنطقة من أجل تثبيت استراتيجيته التي تقوم في جزء منها على الدخول إلى منطقة شمال افريقيا التي يطلق عليها إسم "بوابة روما".

وعلى هذا الأساس من المرجح أن يسمح الاتحاد مع داعش لبوكو حرام بنشر أفكاره وتعزيز مكانته، كما سيجد هذا التنظيم في الأراضي الليبية المتصلة مع النيجر وتشاد، فرصة ذهبية للتمدد ولرفع سقف طموحاته للدخول إلى منطقة شمال إفريقيا ومنها إلى أووربا، وهذا ما أكدته دراسة صدرت الشهر الماضي عن مرصد التطرف والنزاعات الدينية في إفريقيا التابع لمعهد تمبكتو الإفريقي لدراسات السلام.

وذكرت هذه الدراسة أن حركة بوكو حرام تمكنت من فتح خطوط إمداد جديدة بالأسلحة لفائدتها بعضها من ليبيا والبعض الآخر من وسط إفريقيا وتشاد والسودان وهي تستعد لتوسيع عملياتها العسكرية في هذه المناطق.

في المقابل سيجني تنظيم داعش من وراء اندماجه مع بوكو حرام بأن يصبح جماعة عابرة للحدود تجسيدا لشعاره " باقية وتتمدد" كما سيتتمكن من إيجاد ملجأ للهروب نحو بلدان غرب افريقيا إذا حدث أي تدخل عسكري ضده في ليبيا، إضافة إلى أنه سيحصل على خطوط إمداد جديدة لمقاتليه بالأسلحة.

وأمام الضغوط العسكرية التي تتعرض لها جماعة بوكو حرام من طرف التحالف العسكري الإفريقي، فإن ليبيا الغارقة في الفوضى أضحت بيئة مناسبة للعمل الجهادي، لذلك من المتوقع أن تشهد تدافع أكبر لمقاتلي بوكو حرام على مدينة سرت الساحلية ممّا قد يؤدي إلى موجة عنف تستهدف دول وشعوب المنطقة.

لكن هادي يحمدي الباحث والمختص في الجماعات الجهادية قلل من نتائج وتداعيات هذا التعاون بين التنظيمين، موضحا أن ارسال بوكو حرام لمقاتليها لنجدة داعش ليبيا هو مجرد تضامن معنوي أكثر منه تضامن على الأرض.

وأشار في تصريح لـCNN بالعربية أن هذا التقارب يمكن أن يكون في واقع الأمر، مجرّد طلب للمساعدة نظرًا لسلسلة الهزائم التي تكبدها بوكو حرام في نيجيريا وهو يندرج في إطار نوع من الدعاية ولا يمكن أن يشكل خطورة على الأرض على المدى القريب أو البعيد.

نشر
محتوى إعلاني