بعد استمراره عاما إضافيا.. هل يتحوّل بنكيران إلى الزعيم الأوحد لـ"العدالة والتنمية"؟
الرباط، المغرب (CNN)-- كان المتتبعون للشأن الحزبي بالمغرب يتوقعون استمرار عبد الإله بنكيران على رأس حزب العدالة والتنمية في المؤتمر الاستثنائي الذي نظمه الحزب المتزعم للحكومة نهاية الأسبوع الماضي بالرباط، فالحزب ذو المرجعية الإسلامية، لم يكن ليفرّط في زعيمه القوي الذي أوصله إلى رئاسة الحكومة المغربية للمرة الأولى في تاريخ الحزب، ولو كان ذلك عبر تمديد ولاية بنكيران لعام إضافي على الأقل.
ورغم أن القانون الداخلي لـ"العدالة والتنمية" يقضي بألّا تتجاوز فترة أي أمين عام للحزب ولايتين، أو ثماني سنوات بما أن كل ولاية تصل إلى أربع سنوات، وقانون الأحزاب المغربي يشترط ضرورة تنظيم كل حزب لمؤتمره مرة كل أربع سنوات، إلّا أن بنكيران سيبقى على رأس الحزب للعام التاسع على التوالي، بعدما اختار إخوانه التصويت على تأجيل المؤتمر الثامن إلى غاية 2017 وبالتالي استمرار كل هياكل الحزب إلى العام القادم.
وصوّتت غالبية المؤتمرين لصالح استمرار بنكيران على الحزب وتأجيل المؤتمر الثامن إلى وقت لاحق. الهدف من هذا الإجماع هو إعداد أكبر للحزب "الإسلامي" لخوض الانتخابات التشريعية القادمة والحفاظ على حظوظه لترؤس الحكومة القادمة ومضاعفة حظوظ بنكيران للبقاء على كرسي رئاسة الحكومة، ليكون بذلك أول رئيس حكومة/وزير أول يتزعم حكومتين في تاريخ الملك محمد السادس، وذلك في فترة لم تشهد بزوغًا لوجه آخر من "العدالة والتنمية" يحمل مشعل الحزب كما فعل بنكيران الذي مثّل نقلة نوعية في تاريخ الحزب لم يُعهد مثلها سابقًا.
بنكيران الذي يتفوق في لغة "البوليميك السياسي" على بقية زعماء الأحزاب التي تنافسه بشكل مباشر، وفرض نفسه بقوة كأكثر الشخصيات الحزبية المغربية إثارة للانتباه، مع وجود نقاش واسع حول نجاعة تدبيره للحكومة ومدى نجاحه في التجاوب مع قضايا المغاربة، لكن استمرار تزعمه حزبه بات يطرح أكثر من سؤال حول إمكانية هيمنة الرجل على واحد من أكثر الأحزاب شعبية في المغرب، ومدى تأثير ذلك على الخارطة السياسية لبلد خرج سالمًا من دوامة "الربيع العربي".
يرى خالد أشيبيان، عضو بالمجلس الوطني لـ"الأصالة والمعاصرة"، وهو حزب يوجد في المعارضة البرلمانية، أن استمرار بنكيران على رأس العدالة والتنمية يبين "تحكم هاجس الانتخابات لدى أعضاء هذا الحزب، فهم مستعدون لضرب جميع القوانين عرض الحائط مقابل الفوز بالانتخابات القادمة بأي طريقة"، ويضيف أشيبيان: " العدالة والتنمية كان يحاول دائمًا التدخل في شؤون الأحزاب المنافسة ويتهمها بعدم احترام القوانين الداخلية، وهو نفسه اليوم من خرق قانون الأحزاب وأسس لحزب الزعيم الواحد الذي لا يمكن تعويضه".
ويضيف أشيبان لـCNN بالعربية: "غياب أسماء مطروحة لتنافس عبد الإله بنكيران داخل الحزب يعكس الهيمنة التي تعرض لها من طرف الجناح الإسلامي المتطرّف داخل الحزب، المدعوم بالحركة الأم التوحيد والإصلاح، وذلك منذ وفاة الدكتور الخطيب. فهذا الجناح يسعى إلى السيطرة على مفاصل الدولة، والحركة تسيّر الحزب بيد من حديد ولا يهمها سوى الفوز بالانتخابات لبسط مزيد من النفوذ".
ويتابع أشيبان أن "بنكيران يتقن الشعبوية ويستغل جهل فئات من المغاربة بالقانون ليدغدغ مشاعرهم، وبالتالي لن تجد الحركة أحسن من بنكيران لجلب التعاطف. ومن جهة ثانية تخشى الحركة من وصول شخص إلى الزعامة يكون له تصور مخالف لتصورها وغير منضبط لمبدأ السمع والطاعة التي يتقنها بنكيران، ومن جهة ثالثة فصقور الحركة يرغبون باستغلال أكبر لصورة بنكيران واستنزافها ما تبقى منها بعد التجربة الحكومية المنهكة وتعدد إخفاقاتها، فإذا لم ينجح بنكيران في الانتخابات المقبلة، فستعمل الحركة على طي صفحته نهائيًا".
غير أن حسن حمورو، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، يرى أولًا بأن المؤتمر الاستثنائي انعقد في احترام تام للقوانين الداخلية للحزب وقانون الأحزاب، فالمؤتمر العام الذي كان مفروضَا أن ينعقد في يوليوز هذا العام لم يكن ممكنًا تأجيله قانونيًا إلا من طرف مؤتمر آخر، دون أن يعني ذلك تمديد ولاية الأمين العام للحزب، لأن ذلك يتطلب تعديلا في النظام الأساسي، وهو "ما ليس مطروحًا اليوم على الأقل"، متحدثًا أن أسباب التأجيل واضحة وتتعلق بالانتخابات التشريعية القادمة والاستعداد الجيّد لها وكذا صعوبة عقد المؤتمر الثامن في موعده الطبيعي لما يستدعيه من جهد، لذلك وقع شبه إجماع في التصويت على التأجيل.
وينفي حمورو أن يكون الحزب مرتبطًا ببنكيران: "حزبنا حزب مؤسسات وليس أشخاص، وهو ليس عقيما أبدًا، فكما أنجب بنكيران سيستطيع إنجاب غيره. صحيح أن شخصية عبد الإله بنكيران متميزة واستفاد معها الحزب من دون شك، لكن الحزب لا تحكمه أبدًا عقلية الزعيم الذي لا شريك له، وبنكيران أول المدافعين عن فكرة المؤسسات وليس الأشخاص".
لكن هل سيعمل الحزب على تعديل قانونه الأساسي لتمكين بنكيران من ولاية ثالثة؟ يجيب حمورو بأن "القانون الداخلي للحزب ليس قرآنا مقدسا غير قابل للتعديل.. المطلوب هو أن تكون مبررات التفكير في تعديله موضوعية ومفهومة ومرتبطة بمصلحة فضلى وعليا، وليس بمصلحة شخص أو أشخاص، والذي أستطيع أن أؤكده هو أن العدالة والتنمية لا تغير من قوانينها من أجل الأشخاص فقط"، متابعًا أنه بين أهداف تأجيل المؤتمر هو تقديم بنكيران مرشحا للحزب لرئاسة الحكومة المقبلة في حالة الفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة، متحدثًا عن أن الحزب يحتاج بنكيران، كما يحتاج بقية القياديين، في الانتخابات لقوة دفاعهم عن اختيارات ومواقف العدالة والتنمية.