دون مكيّفات.. سكان مناطق مغربية يُواجهون حرارة رمضان بطرق بسيطة
الرباط (CNN)— كعادته خلال السنوات الأخيرة، تزامن شهر رمضان مع فصل الصيف في غالبية مناطق العالم الإسلامي، ومن ذلك المغرب، حيث سجلت مجموعة من المدن، خاصة غير الساحلية، درجات مرتفعة من الحرارة خلال الأيام الثلاثة الأولى للشهر، في وقت لا تشهد فيه المكيفات انتشارًا كبيرًا داخل كل المنازل.
وسجلت بعض المدن مثل طاطا ومراكش وفاس ومكناس وبني ملال والرشيدية وتارودانت ارتفاعًا وصل إلى 40 درجة في بعض فترات النهار، ورغم إعلان انخفاض درجات الحرارة ابتداءً من اليوم الجمعة، إلّا أن الرشيدية سجلت اليوم 40 درجة، بينما سجلت طاطا 48 درجة، وسجلت بني ملال 39 درجة.
ويثير هذا الارتفاع في الحرارة مصاعب عديدة للمغاربة الحريصين على صوم رمضان، خاصة منهم من يعملون في الهواء الطلق، زيادة على تزامن بداية رمضان لهذا العام مع امتحانات البكالوريا التي تستدعي تحضيرًا خاصًا، غير أن تعوّد المدن المذكورة على الحرارة، وتعايشها مع رمضان في الصيف خلال السنوات الأخيرة، جعل عددًا من سكانها يتتبعون عادات تمكّنهم من صوم الشهر الفضيل.
ويتحدث حسن بيان، من مدينة طاطا، أن سكان الجنوب الشرقي من المغرب يعرفون بالصبر والتحمل، سواء في قيظ الصيف أو في زمهرير الشتاء، حتى ولو كان ذلك في رمضان، لذلك فهم يزاولون مهامهم بشكل عادي، متحدثًا عن أن ارتفاع درجة الحرارة تدفع بالناس إلى عدم الخروج للشوارع بين الظهر والعصر، وهو أمر عادي لأنه ليس وقتًا للتجوال بشكل عام.
ويتابع بيان لـCNN بالعربية أن سكان القرى يستفيدون من طبيعة مساكنهم التي تعتمد على الطين، ممّا يخفف درجات الحرارة داخل المنازل، زيادة على قيام النساء برشّ كل أرجاء المنزل في الصباح الباكر بالماء حتى يبقى الجو رطبًا داخل البيت، ويستعن في أعمالهن اليومية بماء السواقي البارد بدل ماء الصنابير الذي يكون ساخنًا، كما يؤدين غالبية الأشغال في وقت مبكر أو ما بعد العصر، في حين يلجأ الرجال بعد نهاية أعمالهم، إلى أفنية المنازل البادرة في انتظار أذان المغرب.
ومن الرشيدية، يتحدث حسن بلهادي أن سكانها لا يخرجون في النهار إلّا للضرورة القصوى، وفي الغالب لا تشهد المدينة حركيتها المعتادة إلّا قبيل موعد الإفطار بقليل، حين يتجه كل واحد إلى المحلات التجارية لشراء ما يلزم البيت، أما من يضطر إلى الخروج في النهار، فيعمد إلى وضع منشفة على رأسه حتى لا يصاب بضربة شمس.
ويتحدث بلهادي أن هناك من يختار قضاء يومه في البيت مستعينًا بالمكيفات، في حين يعمد من لا يتوّفرون عليها إلى قضاء أيام القيظ في الطابق الأرضي الذي يكون باردًا مقارنة بالطوابق الأخرى، بينما يختار البعض الآخر قضاء اليوم بأكمله في مسابح المدينة.
ومن الظواهر التي تنتشر في بعض المدن، هي الإقبال الكثيف على الأسواق الممتازة، ليس فقط لأجل شراء المواد الضرورية، بل لأجل الاستفادة من برودتها، بل هناك من يختار الوقوف مطوّلًا أمام ثلاجات التبريد، ويتعامل حراس الأمن بمرونة مع هؤلاء الناس، حتى منهم من يعمدون إلى التمدد لبعض الوقت بالقرب من الثلاجات، فيما يلجأ بعض السكان إلى نشر ثوب مبلل على نوافذهم حتى يتم ترطيب الهواء الداخل إلى البيت.
وتتحوّل "صيكوك" إلى أكلة شهيرة في موعد السحور بالمناطق الحارة، وتتكون من الكسكس أو الشعير ويتم خلط أحدهما جيدًا باللبن. وتساعد هذه الأكلة على إبقاء الجسم مرتويًا طيلة النهار، ممّا يساهم في تخفيف الإحساس بالعطش.
وفي بني ملال، يؤكد إيدر أوحكا، أن السكان تأقلموا مع الصيف الحار والشتاء البارد، لذلك توجهوا منذ سنوات إلى ابتياع المكيفات، ممّا ساهم في رواج هذه التجارة، غير أن هذه المكيفات لا تشهد انتشارًا في القرى، حيث يستفيد السكان من قنوات الري التي تجلب المياه من سد بين الويدان حتى يستمعوا بالماء البارد.
وإذا كان ماء قنوات الري يتيح تلطيف الأجواء، فإنه يتحوّل في بعض الأحيان إلى سبب للوفاة، وبالضبط عندما يُقدم الأطفال على السباحة في مناطق خطرة دون وجود من يراقبهم، يستدرك إيدر، لافتًا إلى وفاة طفل هذا الأسبوع في ضواحي المدينة بالطريقة ذاتها.