كيف تحوّل فيسبوك إلى سوق للمتاجرة بالأسلحة في ليبيا؟
تونس (CNN)-- إذا كنت في ليبيا، فإنه يمكنك الحصول على أي نوع من الأسلحة أو تصبح تاجرا فيها، يكفي أن يكون لديك جهاز كمبيوتر أو هاتف جوال مرتبط بالانترنت لتجد نفسك عضوا في أحد الصفحات الإلكترونية المتخصصة في بيع الأسلحة، عندها تصبح قادرا على التفاوض وإبرام صفقات البيع والشراء.
ويتم هذا الأمر عن طريق نشر إعلانات لبيع وشراء الأسلحة على صفحات ومجموعات خاصة بذلك أنشئت على شبكة فيسبوك تماما مثلما تفعل عند أي عملية تسوّق على شبكة الأنترنيت، فبمجرد التقدم بطلب عضوية للدخول في هذه المجموعات يتم إضافتك بسرعة لتجد نفسك في سوقا إلكترونية يعرض كل أنواع الأسلحة الحديثة منها والمستعملة وما تبعها من عتاد ومستلزمات.
تجارة الأسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا منتشرة جدا حيث توجد العديد من المجموعات والصفحات الخاصة بذلك يدخل إليها يوميا عشرات الأشخاص قصد الاطلاع على ما تقدمه من عروض في البيع وفرص أو الإعلان عن عروض للشراء.
ومن خلال متابعتنا لأحد الصفحات المختصة في تجارة الأسلحة على الموقع الاجتماعي فيسبوك تبين أن المشرف عليها شخص ينتمي إلى أحد المجموعات العسكرية بمدينة سبها، كما تبين أنها تستقطب الكثير من الناس إذ يزداد عدد الأعضاء المشاركين فيها يوما بعد يوم ويعتمد أغلبهم على أسماء مستعارة، وتشمل الأسلحة المعروضة فيها جميع الأنواع من أسلحة خفيفة ومسدسات وبنادق إضافة إلى الرشاشات الثقيلة والذخيرة الحية فضلا عن المعدات العسكرية اللوجستية الأخرى.
وتتم عملية البيع والشراء بعد إطلاع الزبناء على الأسلحة المعروضة والمرفقة عادة بصورها ثم يقع التواصل بينهم وبين الباعة إما مباشرة في التعليقات المصاحبة للصور أو عبر تبادل الرسائل الخاصة فيما بينهم وأحيانا يتطلب الأمر تبادل أرقام الهواتف وذلك من أجل التفاوض حول الأسعار والكميات المرغوب بها وطرق وأماكن التسليم.
آخر الإعلانات التي نُشرت اليوم تمثلت في عرض بيع لمسدسين من صنع بلجيكي في مدينة بنغازي بسعر 4500 دينار ليبي ( حوالي 1000 دولار )، ويقول صاحب الاعلان إن خدمة توصيل السلعة خارج بنغازي غير ممكنة، كما عرض شخص آخر إعلانا لشراء مسدس تركي ومعه ذخيرته فانهالت عليه العروض.
ويقول محمد أبو عجيلة أمني في المؤسسة العسكرية التابعة لحكومة طبرق، إن التسويق والتسوق الالكتروني في الأسلحة أصبح من أهم وأسرع الطرق الناجحة في ليبيا، موضحا أن هذه التجارة منتشرة سواء افتراضيا أو حتى على أرض الواقع والإقبال عليها موجود من المواطنين العاديين وكذلك من المجموعات المسلحة والمليشيات من أصحاب الاموال التي باتت تعتمد على مواقع الانترنيت لتسليح نفسها وذلك عن طريق وسطاء مدفوعي الأجر.
وبخصوص مصدر هذه الأسلحة أكد أبو عجيلة لـCNN بالعربية، أنها تعود إلى الأسلحة التي تمت سرقتها من مخازن الدولة عند سقوط نظام معمر القذافي، مضيفًا أن السلاح مازال منتشرا بشكل كبير في البلاد وفي أيدي كل الناس لدرجة أن هناك من المواطنين من يمتلك دبابة.
وكشف كذلك أن السلاح الذي يتم بيعه ينتقل من مكان إلى آخر ويتم تهريبه حتى إلى دول الجوار كالتشاد والنيجر ليقع التفويت فيه بالدولار وبأرقام كبيرة، مشيرا إلى أن هذه التجارة تحقق مرابيح طائلة لممتهنيها.
من جهته يبرّر يونس السويحلي الذي كان يبحث في إحدى الصفحات الخاصة بتجارة الأسلحة على بعض الذخيرة لسلاحه، أن الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد وانتشار المجموعات المسلحة والمليشيات ووجود الإرهاب إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة هي التي دفعته للتسلح وذلك من أجل الدفاع عن نفسه وعن عائلته إذا تطلب الأمر.
وقال بهذا الخصوص لـCNN بالعربية: "الدولة اليوم عاجزة عن حماية مواطنيها ولذلك من الطبيعي أن يفكر الناس بتسليح أنفسهم لحماية حياتهم وحياة أحبائهم والدفاع عن أملاكهم، في بلادنا اليوم كل شخص مسؤول على أمن نفسه".
وفي ليبيا لا يوجد قانون يجرّم حمل السلاح والذخيرة وينظم عملية امتلاك الأسلحة حسب المحامي والناشط الليبي طاهر النغنوغي، الذي أوضح أنه تم إصدار قانون لا يسمح بامتلاك السلاح إلا إذا كان مرخصا من قبل السلطات المختصة، إلا أنّه وبسبب عجز الدولة على تطبيقه لم يلتزم الناس بذلك وواصلوا التسلّح.
وأضاف في حديث مع CNN بالعربية أنه في ليبيا اليوم توجد كل الممنوعات كالأسلحة و المخدرات بجميع أنواعها ولا حسيب و لا رقيب عليها، موضحا أن الكل يتاجر حسب الكمية التي يمتلكها وكل ذلك يأتي في إطار الإنفلات الأمني و عدم وجود رادع قانوني وقانون ينظم آلية امتلاك السلاح.