بينها تكريس قوة "الإسلاميين".. عشر خلاصات حول الانتخابات البرلمانية المغربية
الرباط (CNN)— انتهت الانتخابات البرلمانية في المغرب بفوز حزب العدالة والتنمية بالرتبة الأولى محققًا 125 مقعدًا، مكرّرًا إنجازًا أفضل ممّا حققه في 2011، ممّا مكّن الأمين العام لهذا الحزب، عبد الإله بنكيران، من قيادة الحكومة المغربية لولاية ثانية على التوالي، وهو القرار الذي تأكد بعد استقبال الملك محمد السادس لبنكيران، مكلّفًا إيّاه بتشكيل الحكومة.
وحظيت انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 باهتمام بالغ داخل المغرب وخارجه، فلم تكن وسيلة فقط لانتخاب أعضاء مجلس النواب وتكوين حكومة جديدة، بل كانت امتحانًا جديدًا للإسلام السياسي في المنطقة بما أن المغرب هو الوحيد الذي استمر فيه حزب بمرجعية إسلامية على رأس الحكومة بعد الربيع العربي، كما شكلّت امتحانًا جديدًا للمغرب في تحقيق خطوات جديدة على درب الديمقراطية بما يؤكد أو يدحض تفرّد مساره عن مسارات الكثير من بلدان المنطقة.
وفيما يلي أبرز عشر خلاصات من الانتخابات التشريعية المغربية:
1. التفوّق الواضح لحزب العدالة والتنمية: دخل الحزب "الإسلامي" تحدي الحفاظ على ما حققه في انتخابات 2011 عندما وصل إلى 107 مقاعد، وهو تحدٍ صعب نظرًا لما واجه الحزب من انتقادات شبه يومية من عدد من الجرائد المغربية، وصلت حد الحياة الخاصة، وتحالف أحزاب ونقابات وتجمعات مهنية ضد اختياراته، لكن كل هذا لم يؤثر في نجاح الحزب، بل على العكس، زاد عدد مقاعده، وكرّس تفوقه في غالبية المدن الكبرى، وأبقى على قاعدته الجماهيرية وقوته التنظيمية، ممّا أهله للظفر بصدارة الانتخابات متفوقًا بـ23 مقعدًا على أقرب ملاحقيه.
2. التطور الكبير لحزب الأصالة والمعاصرة: رغبة حزب الجرار بتزعم الانتخابات وما تلاها من هزيمته أمام حزب المصباح، غطت على تطوّره الواضح ما بين انتخابات 2011 ومثيلتها هذا العام، فالحزب انتقل من 47 مقعدًا عندما احتل المركز الرابع في أول مشاركة له إلى 102 مقاعد محتلًا المركز الثاني، وهو أكبر تقدم يحرزه حزب في هذه الانتخابات، ممّا يجعل الأصالة والمعاصرة رقمًا بالغ الأهمية في الساحة السياسية المغربية، خاصة بعد تصدّره الانتخابات الجماعية مرّتين متتاليتين.
3. تراجع أحزاب الكتلة: يبقى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات، إذ فقد 19 مقعدًا من مقاعده التي حققها عام 2011، واستقر هذه المرة في رقم 20 مقعدًا، كما خسر حزب الاستقلال، أقدم الأحزاب المغربية، 14 مقعدًا واستقر هذه المرة عند رقم 46، كما خسر حزب التقدم والاشتراكية ست مقاعد ولم يحقق سوى 12 مقعدًا. وهي أرقام تؤكد تراجع الأحزاب الوطنية التي انتظمت سابقًا في إطار الكتلة رفقة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (تحوّلت إلى حزب آخر)، في وقت شهد تصدّر حزبين لم يؤسسا إلّا بعد 1996 بالنسبة للعدالة والتنمية و2008 بالنسبة للأصالة والمعاصرة.
4. حقيقة القطبية: كذّب الكثير من القياديين الحزبيين داخل "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة" وجود قطبية بينهما خلال الحملة الانتخابية ووصفا ذلك بـ"كلام إعلام"، غير أن نتائج الاقتراع أكدت حقًا أنهما أقوى حزبين حاليًا على الساحة، فقد اكتسحا لوحدهما 227 مقعدًا من أصل 395 مقعدًا في مجلس النواب، ممّا يمكنهما من تشكيل أغلبية مريحة ويتيح تكوين حكومة بين حزبين للمرة الأولى في تاريخ الحكومات المغربية، وهو أمر إن كان ممكنًا عدديًا وقانونيًا، فهو مستبعد سياسيًا للعداء الواضح بين الحزبين.
5. ضعف المشاركة الانتخابية: رغم مجهود الدولة والأحزاب السياسية، فالنسبة الأكبر من المغاربة تبقى مقاطعة للانتخابات، سواء أكان ذلك بوعي سياسي أو بدونه، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة المعلن عنها 43 في المئة، بانخفاض عن نسبة 2011 (45 في المئة)، وهي نسبة لا تُحتسب من الكتلة الانتاخبية، أيّ ممّن يحق لهم التصويت، بل من المسجلين مسبقًا في اللوائح الانتخابية الذين يصل عددهم إلى 15,7 مليون شخص، في بلد يبلغ تعداده السكاني 33,8 مليون نسمة (إحصاء 2014).
6. وهم الشبكات الاجتماعية: من يتابع فيسبوك في المغرب خلال أيام الحملة يظن أن فيدرالية اليسار الديمقراطي المكوّنة من ثلاثة أحزاب ستنتزع واحدًا من المراكز الأربعة الأولى، غير أن الفيدرالية لم تحز في النهاية سوى مقعدين، مستقرة في المركز ما قبل الأخير، بل إن أبرز وجوهها، أي نبيلة منيب، أخفقت في الحصول على مقعد برلماني، مما يثير الكثير من الأسئلة حول حقيقة تأثير الشبكات الاجتماعية في الخارطة الانتخابية المغربية، خاصة وأن تحالف الأحزاب الثلاثة حقق في انتخابات 2007 أكبر من رقم انتخابات هذا العام.
7. تأثير محدود لخفض العتبة: اتجهت الكثير من التحليلات إلى أن قرار وزارة الداخلية بتخفيض العتبة الانتخابية من 6 في المئة إلى 3 في المئة سيسمح لعدد من الأحزاب الصغيرة بالولوج إلى البرلمان، غير أن العكس هو الذي حصل، إذ إن ما حققته هذه الأحزاب كان أقلّ ممّا حققته عام 2011، فمن أصل 27، لم تنجح هذه المرة سوى 12 هيئة سياسية في ولوج مجلس النواب، أي أن أزيد من نصف الأحزاب المغربية التي شاركت في الانتخابات ستكون خارج الغرفة الأولى من البرلمان المغربي.
8. التوتر بين "الداخلية" وحزب العدالة والتنمية: رغم ترؤسه الحكومة المغربية، إلّا أن علاقة الحزب مع وزارة الداخلية أظهرت كما لو أن هذه الوزارة تخرج عن دائرة سلطة رئيس الحكومة، فتلميحات بنكيران إلى خصوصية "الداخلية" أكثر من مرة، ثم اتهامات الحزب لأعوانها بالتدخل خلال الانتخابات لصالح أحزاب أخرى، وبعدها بلاغ الداخلية الذي اتهم الحزب بالتشكيك في الإرادة الديمقراطية للأمة، كلها مؤشرات تؤكد أن علاقة الطرفين متوترة، وأن هوية الوزير المكلف بهذه الوزارة ستكون من أكبر القرارات دراسة في تشكيل الحكومة الجديدة.
9. قياديون يفشلون في الوصول إلى البرلمان: زيادة على نبيلة منيب، فالرئيس السابق لمجلس النواب، كريم غلاب، ووزيرة الصحة في حكومة عباس الفاسي، ياسمينة بادو، والداعية محمد عبد الوهاب رفيقي، والأمين العام لحزب العهد الديمقراطي، نجيب الوزاني، كلها غابت عن البرلمان، زيادة على غياب حزب تاريخي في المغرب هو حزب الشورى والاستقلال الذي فشل في الحصول على مقاعد.
10. زعيم الحزب الفائز رئيسًا للحكومة: منذ إعلان فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات، وبعض التحليلات شكّكت في إمكانية تعيين عبد الإله بنكيران رئيسًا للحكومة، خاصة وأن الفصل 47 من الدستور المغربي ينصّ على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالانتخابات دون الإشارة إلى أمينه العام، غير أن استقبال الملك لبنكيران قطع الشك باليقين، وأكد أن المملكة المغربية ماضية في سن تقليد سياسي يخصّ تكليف زعيم الحزب الفائز بتشكيل الحكومة.