لماذا لم يصل تقشف الحكومة الجزائرية إلى ميزانية الدفاع؟

نشر
5 دقائق قراءة
تقرير حمزة عتبي
أرشيف من عام 2008Credit: FAYEZ NURELDINE/AFP/Getty Images

الجزائر (CNN)-- بعد تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، قررت الحكومة الجزائرية مباشرة سياسة شدّ الحزام بإطلاق حزمة من التدابير أسماها المختصون "إجراءات التقشف"، في حين تراها الحكومة أنها "ترشيد للنفقات"، غير أن هذه التدابير المقترحة في مشروع قانون المالية الجديد مسّت كل القطاعات عدا قطاعات الدفاع الوطني.

محتوى إعلاني

واقترحت الحكومة في المشروع الجديد، الذي صادق عليه مجلس الوزراء في اجتماعه برئاسة رئيس الجمهورية، يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، اعتمادات مالية لوزارة الدفاع الوطني مقدرة بـ أكثر من 1118 مليار دج (تقريبًا 10 مليار دولار)، وهو الرقم نفسه المرصود للقطاع في قانون المالية لسنة 2016، دون أن يطرأ عليه تغيير.

محتوى إعلاني

ويتوقع المتتبعون، أن يكون المشروع محل شد وجذب بين نواب المعارضة والموالاة، حول مضامينه، والتوقعات نفسها، منتظرة يوم الأحد المقبل، لدى نزول وزير المالية حاجي بابا عمي، إلى المجلس الشعبي للبرلمان لتقديم عرضه حول مشروع قانون المالية أمام لجنة المالية والميزانية لتدارسه قبل عرضه على نواب المجلس شهر نوفمبر القادم.

وتعد مؤسسة الجيش الجزائري من أكبر المؤسسات الوطنية في الجزائر التي توظف الملايين كل سنة من خلال عمليات التجنيد السنوية، كما تعد مصدر رزق للآلاف من العائلات الجزائرية، إضافة إلى حجم الاستثمارات التي تم إطلاقها في مختلف المجالات، مما يبرر حجم الأموال المرصودة لهذا القطاع، في نظر الكثير من المتابعين.  

وفي هذا الإطار، يرى المكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني في حديثه لـCNN بالعربية، حسين خلدون، أن "ميزانية الدفاع الوطني يجب أن تكون في تزايد مستمر خاصة مع حجم التهديدات والأخطار المحدقة بالبلاد"، ويضيف "مادام أن الميزانية لم تشهد زيادة، هذا في حد ذاته يدخل ضمن إجراءات التقشف التي باشرتها الحكومة". 

ومنذ سنة 2001، بدأت ميزانية الدفاع الوطني تعرف تزايدا مستمرا، وارتفعت نفقات الدفاع مع بداية العهدة الثالثة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نظرا للازمة الأمنية في دول الجوار، لتتضاعف مرة أخرى خلال ولايته الرابعة الحالية لتصل الميزانية المرصودة، في سنة 2016، إلى أكثر من 1118 مليار دج.

ويعتقد يوسف بن يزة، أستاذ العلوم السياسية، في اتصال مع CNN بالعربية، أن "الجزائريين لن يعترضوا على أي مخصصات إضافية لهذا القطاع لأنهم يدركون من منطلق التجربة أن الأمن قبل الخبز، وأن الأول يمكنه أن يجلب الثاني والعكس غير صحيح"، مشيرا إلى أن هذا "الاتجاه أصبح سائدا في أغلب دول العالم بسبب أمننة مختلف المفاهيم في وقتنا المعاصر".

وخلال السنوات الأخيرة، قامت وزارة الدفاع بخلق وحدات عسكرية جديدة مع الرفع من صفقات التسليح من خلال اقتناء معدات قتالية جديدة وكذا تحديث القوات الجوية، إلى جانب تسديد صفقات سلاح، فضلا عن التوجه الجديد لوزارة الدفاع فيما يخص إنشاء مصانع للصناعات الميكانيكية بالشراكة مع مؤسسات عالمية مثل "مرسيدس" و "دادس".

وضمن هذا السياق، يقول الخبير الأمني، أكرم خريف، أن "مسار تطوير الجيش لم يكتمل بعد، وسيصل إلى مرحلة الاكتمال في سنتي (2019 - 2020)، ليسترجع المعايير التي كان عليها الجيش نهاية الثمانينات من حيث العدد والتجهيزات والترسانة"، لأن الجيش، حسبه، "استنزفته مرحلة التسعينات خلال حربه ضد الإرهاب التي لازالت متواصلة". 

ويعزو خريف، في حديثه لـCNN بالعربية، زيادة حجم الإنفاق العسكري، إلى أن "الجزائر كان مفروضا عليها حصار من طرف الدول التي المصنعة للعتاد العسكري طيلة عشر سنوات، بين سنتي (1991 – 2000)، تحت ذريعة أن البلاد كانت في حرب أهلية".

ولفت المتحدث إلى أن تنامي حجم التهديدات عبر الحدود وتزايد المخاطر في الآونة الأخيرة، وشاسعة مساحة الجزائر التي تفوق مليونين كلم، كلها عوامل تستدعي "توفير أرصدة مالية لسد النفقات التي يحتاجها الجيش في معركته مع الإرهاب"، متوقعا أن تعرف ميزانية الدفاع تراجعا سنة 2019 بنسبة 50 في المئة.

نشر
محتوى إعلاني