أيّ مستقبل للعلاقات الأمريكية-الجزائرية بعد وصول ترامب إلى الرئاسة؟
الجزائر (CNN)— شكّل فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب مفاجأة قوية لعدد من المتتبعين للانتخابات الأمريكية، على اعتبار أن الكثير من المؤشرات كانت في صالحة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وهو ما تؤكده نتائج الاستطلاعات الرأي، التي أحرزت فيها المرّشحة الديمقراطية تقدما طفيفا على منافسها الجمهوري.
ويقدر الخبراء أن تلقي نتائج الانتخابات الأمريكي بظلالها على السياسية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية، مستندين في ذلك على تصريحات المرشح الجمهوري التي حملت في طياتها عداءً واضحا للعرب والمسلمين، ومن هذه الدول توجد الجزائر.
وتمتد العلاقات الجزائرية الأمريكية إلى مرحلة الوجود العثماني بالجزائر، بعد توقيع الولايات المتحدة على معاهدة حفاظاً على سلامة السفن التجارية الأمريكية في البحر المتوسط، لتتطور بعدها ابان إعلان ثورة التحرير، عندما ساندت حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، وبعد الاستقلال عن فرنسا حاولت الإدارة الأمريكية تقريب الجزائر من معسكرها، بغرض إخراجها من المعسكر السوفييتي.
وبقيت العلاقات الجزائرية الأمريكية سنوات السبعينات والثمانينيات إلى غاية الألفية الجديدة تترنح بين الجيدة والممتازة وتحكمها المصالح وهو ما ترجمته حجم الاستثمارات الأمريكية في الجزائر، بخاصة في مجال النفط، فضلا عن تطابق المواقف تجاه بعض القضايا والاختلاف في الكثير منها، غير أن العلاقات تعززت بعد هجمات 11 سبتمبر بهدف محاربة الإرهاب الذي صار قضية دولية، رغم بقاء الجزائر ضمن المحور المحسوب على روسيا.
ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، تطرح أسئلة حول مستقبل العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة ومدى تطابق وجهة نظر الطرفين إزاء العديد من القضايا في المنطقة العربية والمغاربية والساحل الإفريقي، ويرى الباحث في العلوم السياسية يوسف بن يزة، أن هذه العلاقات متشعبة وتاريخية ولم يحصل في تاريخها، منذ القرن 18، أن ساءت لدرجة كبيرة.
ويتصور بن يزة في حديثه لـCNN بالعربية، وجود ترامب أو غيره في سدة الحكم لن يؤثر على طبيعة العلاقات التاريخية بين البلدين، رغم وجود بعض الملفات الخلافية، على غرار ما يحدث في ليبيا مثلا أو سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى نصب قواعد عسكرية في منطقة شمال إفريقيا، معتبرا أن ما قاله ترامب "لا يعدو أن يكون حمى انتخابية".
ويتوقع المتحدث ذاته، أن يتراجع ترامب عن خطابه العدائي في أول تصريح له بعد التنصيب، مشيرا إلى أن المجتمع الأمريكي القائم على إدارة التنوع "لن يقبل بعودة التمييز العنصري في أبشع صوره"، لافًتا إلى أن المؤسسات الأمريكية "لن تنساق وراء الأمر".
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة مستغانم لحبيب بلية، فقد نبه إلى التوجهات العامة للسياسة الخارجية للحزب الجمهوري تجاه العالم العربي منها الجزائر، التي تتمحور حول تعزيز الديمقراطية ولو تطلب ذلك الاعتماد على بعض أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدولة.
واستدرك بلية كلامه قائلا إنّ ترامب شكّل الاستثناء، من خلال ما عبر عنه خلال حملته الانتخابية من أنه لن يسعى إلى الضغط على الأنظمة السياسية العربية من أجل تعزيز الديمقراطية، وأكد بلية في حديثه لـCNN بالعربية، أن ترامب سيعمل على "إعادة الهيبة لأمريكا من خلال التركيز على قضايا الداخل وعدم إعطاء أهمية أكبر للشؤون العالمية".
ويشير المتحدث إلى فكرة أساسية وهي أن "ترامب المرشح يختلف عن ترامب الرئيس"، أي أن ترامب الرئيس سيكون أكثر "التزاما واعتدالا من ترامب المرشح، بما أنه هو رئيس كل الأمريكيين ورئيس لأكبر وأهم دولة في العالم" وفق قول بلية.