عقيد أمريكي متقاعد لـCNN: فرص نجاح التحالف العسكري "المرقّع" بالعراق ضئيلة.. وخطة أمريكا ضد داعش مقامرة صريحة

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: ALI AL-SAADI/AFP/Getty Images

مقال بقلم دانيال ديفيس، عقيد متقاعد في الجيش الأمريكي، خدم في عدة جولات في أفغانستان. وهو زميل بارز في مؤسسة أبحاث "أولويات الدفاع". المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.

محتوى إعلاني

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- أعلن السكرتير الصحفي، لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بيتر كوك، هذا الشهر، نية الولايات المتحدة الأمريكية دفع تنظيم "داعش" خارج معقله في مدينة الرقة السورية. وقال إن إزالة "سرطان داعش من عاصمة خلافته المزعومة هي الخطوة القادمة في حملتنا العسكرية."

محتوى إعلاني

تأتي هذه الخطوة، حسبما ذكر بيان البنتاغون، تزامناً مع "تقدم قوات الأمن العراقية ومقاتلي قوات البشمرغة الكردية في تحركهم نحو الموصل." ولكن من منظور تكتيكي واستراتيجي وسياسي، "خطة الحملة" هذه التي تبدو صارمة مبنية على أرضية من الرمل، وفرصة نجاحها ضئيلة. ويحتاج الأمر إلى تحليل بسيط لكشف أسباب ذلك.

حالياً في الموصل، يوجد تحالف عسكري "مرقّع" يتقدم ببطء وثبات في جهوده لاستعادة السيطرة على المدينة العراقية في وجه مقاومة شديدة من "داعش".

حتى الآن، تركزت العملية حول تطهير القرى الصغيرة المحيطة بالموصل لعزل "داعش" في مدينة السليم وتمهيد الطريق للقتال الوحشي داخل المدينة الذي لم يحل أوانه بعد.

ولكن قبل بدء المرحلة القتالية الصعبة في الموصل، أعلن مسؤولون أمريكيون بالفعل عن الشروع في معركة في الرقة. وإذا تحدثنا من الناحية العسكرية فعلياً، فإن توسيع المعركة لتشمل معقل "داعش" السوري قبل النجاح في الموصل ليس قراراً حكيماً.

التحديات التي تواجه القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق فقط لاستعادة السيطرة على الموصل هي كبيرة. ويبدو أن "داعش" لن يرحل بهدوء وقرر القتال حتى الموت.

وفي الوقت نفسه، هناك بالفعل توتر بين قوات الأمن العراقية والميليشيات الشيعية والميليشيات السنية وغيرها من القوات المقاتلة الأصغر، وظهرت تقارير عن عمليات إعدام ميدانية، بحق المدنيين المحررين من سيطرة "داعش"، ما يهدد بدفع القوات المسلحة الشيعية للدخول في مواجهة صدامية مع القوات السنية والكردية.

لا تزال تركيا غير مدعوة

ومما يُفاقم المشكلة، أن تركيا لا تزال ضمن الضيوف المسلحين بالمدرعات غير المدعوين - وغير المرغوب فيهم – في الأراضي العراقية.

تزعم أنقرة أنها ستشارك بهذه القوة في الموصل إذا لم تسر الأمور كما تريد، بصرف النظر عما تقوله بغداد. وهذا يُصعّب حياة الولايات المتحدة، إذ أن معظم الضربات الجوية لدينا في سوريا تنبع من قاعدة جوية تركية في إنجرليك.

وبصرف النظر عن مدى تعقيد هذه العوامل لمعركة صعبة بالفعل في الموصل، التحديات التي تنطوي عليها معركة الرقة هي أكبر من ذلك، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتركيا.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، مؤخرا أن الولايات المتحدة تنسق مع تركيا حول كيفية الحفاظ على الضغط على العدو المشترك، وهو "داعش".

وقال تونر إن واشنطن دعت جميع الأطراف في هذا النزاع إلى التركيز على "داعش" سواء، كان ذلك وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) أو القوات السورية والعربية أو الكردية الأخرى، أو القوات التركية.

ومع ذلك لا يبدو أن تركيا مهتمة بالتعاون الوثيق مع القوى الأخرى.

إذ في أكتوبر/ تشرين الأول، سكب رئيس الوزراء التركي، بينالي يلديريم، الماء البارد على أمل واشنطن في الوحدة عندما أعلن شرط تركيا للانضمام إلى عملية الرقة: "إذا كانت وحدات حماية الشعب الكردية ستكون موجودة، لن نكون نحن هناك." وتشكل وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري للقوات البرية التي تعتمد عليها واشنطن لإخراج "داعش" من الرقة.

بعد زيارة رتبت على عجل إلى تركيا في محاولة لإنقاذ الموقف، تراجع الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة، في البداية عن آمال الولايات المتحدة. ولكن اقتراحه لردم الفجوة بين توقعات الأكراد والأتراك في القتال بطريقة موحدة وتعاونية لم تُعالج.

يبدو أن السلطات الأمريكية تتمنى اختفاء مشاكلها

من المقلق أن السلطات الأمريكية تبدو في كثير من الأحيان أنها تتمنى اختفاء المشاكل الصعبة، وتمضي قدماً في العمليات العسكرية في حين تأمل بأن تحل المشاكل نفسها.

كُشفت هذه النزعة المقلقة في الآونة الأخيرة عندما أوضح الجنرال ستيفن تاونسند، قائد قوات "عملية العزم التام"، التحالف العسكري الدولي ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، أنه خلال معركة الرقة، "ستتشاور الولايات المتحدة باستمرار مع الحلفاء والشركاء وأنه يجري التخطيط للسيطرة النهائية على المدينة وحكمها بمجرد هزيمة داعش."

ومن المذهل أن الجنرال اعترف بأن القتال كان يجري رغم عدم وجود أي اتفاق على النحو الذي من شأنه أن يوفر الأمن والحكم بعد "داعش".

دون ذلك الاتفاق الأساسي، هناك احتمال أنه حتى بعد هزيمة "داعش"، قد ينقلب المنتصرون على بعضهم في محاولة للسيطرة على المدينة. استخدام الأمل الذي لا أساس له، كأساس لإجراء السياسة الخارجية هي خطة خطيرة وساذجة.

من منظور استراتيجي، دعم واشنطن للعمليات في الموصل والرقة في وقت واحد، هو مقامرة صريحة، على الجبهتين الدبلوماسية والعسكرية على حد سواء. الوضع الأمني في سوريا والعراق في حالة يرثى لها إلى حد كبير، بسبب القرارات التكتيكية غير المناسبة من قبل الولايات المتحدة والغرب، والتي تؤخذ من دون النظر في الكيفية أو ما إذا كانت تلك الأعمال من شأنها أن تساهم في تحقيق هدف استراتيجي يمكن بلوغه.

حتى يتم العثور على مثل هذا التركيز، فمن المرجح أن تلك المناطق التي مزقتها الحرب ستظل تعاني من دورات العنف، وستستمر الولايات المتحدة في عدم تحقيق أهداف الأمن القومي الحرجة.

نشر
محتوى إعلاني