إطلاق الرصاص على "المجرمين" مقاومي الاعتقال يقسّم المغاربة
الرباط (CNN)—تعيش وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب، خاصة فيسبوك، على وقع نقاش كبير حول إقدام عناصر الأمن على إطلاق الرصاص الحي على من يحملون الأسلحة البيضاء ويهددون الأمن العام، لا سيما بعد مقتل شابين برصاص الأمن في أقلّ من أسبوع واحد، إذ انقسمت الآراء بين الراغبين في إنهاء حياة المجرمين الذين يحملون أسلحة خطيرة يقاومون بها الاعتقال، وبين من رأى أن الشرطة ملزمة بإمساك المشتبه بهم أحياءً وليس "إعدامهم".
وبعد واقعة مدينة بني ملال التي أسفرت مقتل شاب في ربيعه 19، قالت الشرطة إنه كان في "حالة غير طبيعية"، وكان "يحمل سلاحًا أبيضَا"، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني إطلاق نار على شخص "من ذوي السوابق القضائية في السرقة الموصوفة وتعدّد محاولات القتل العمد ومحاولات الاغتصاب والاتجار في المخدرات، كان في حالة تخدير متقدمة ويحمل سكيناُ من الحجم الكبير".
وقالت المديرية في بيان لها إن هذا الشخص "ألحق أضرارًا مادية بممتلكات الغير، وعرّض حياة المواطنين وممتلكاتهم للخطر، وأبدى مقاومة عنيفة إزاء عناصر الدورية رافضَا التخلي عن سلاحه ومحاولا الاعتداء على عناصر الأمن"، ممّا اضطر موظف شرطة لاستخدام سلاحه الوظيفي وإطلاق رصاصتين تحذيريتين، بينما أصابته الرصاصة الثالثة على مستوى الصدر، حيث تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة.
وفتحت المديرية بحثًا فيما جرى تحت إشراف النيابة العامة، بـ"هدف الاستماع للأشخاص الذين عاينوا النازلة، والقيام بكافة الخبرات التقنية الازمة، وذلك للتحقق من جميع الظروف والملابسات التي جرى فيها هذا التدخل الأمني"، وقد سبق للمديرية أن أشارت إلى أن استخدام عناصر الشرطة لأسلحتهم الوظيفية يخضع لضوابط صارمة ويبقى آخر إجراء في عملية الاعتقال.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كان النقاش حاميًا حول هذا الموضوع، وكتب يوسف معضور: "عندما يقتل الشرطي مجرمًا يحمل سكينًا صغيرا شبيها بذلك الذي يكون في أداة تقليم الأظافر، فهنا يمكن أن نتحدث عن خلل وضرورة محاكمة الشرطي، لكن عندما يخرج المجرم بسيف ويبدأ في الاعتداء على الناس، الذين قد تكون منهم أنت، فهنا سيكون لنا كلام آخر بعيدًا عن حقوق الإنسان والحق في الحياة".
وعدّد الجيلالي بن حليمة، عشرة أسباب لاستخدام الشرطة لأسلحتها الوظيفية، منها أنه لا تستقيم الدولة "دون احتكار وحيد لها للعنف.. ولا يستقيم أن تظل الدولة تحت رحمة مسلحي الشارع"، وأن رمز العدالة هو الميزان وامرأة تحمل سيفًا، وبالتالي "كيف تدافع عن المييان وتسقط السيف؟"، كما أنه "إن لم نترك الشرطة تستخدم أدوات عملها، فسنجعلها "أضحوكة"، لافتًا إلى أن المقارنة مع أنظمة تستبيح السلاح مع المجرمين ولم تنجح في التقليل من الجريمة يشبه "الاختباء وراء الباطل بالحق"، مستطردًا: "دعوا الدولة تجرب...وفيما بعد أعيدوا حكم قيمتكم المقارنة في الافق والعمود".
في الجانب الآخر، قالت سارة سوجار: " أن تحمي المواطنين من أذية شخص ما حق مكفول لك وعمل تشكر عليه، لكن ان تضرب مدنيا بالرصاص فهي جريمة تعاقب عليها كل القوانين حتى الرجعية منها. القانون جاء ليحد من الجريمة و ليس لردعها بجريمة أخرى ".
وقال نجيب شوقي: " ما لاحظته من خلال التعليقات يجعلك تستخلص أن جزءًا كبيرًا من المغاربة، لم يغادر بعد منطق القبيلة والانتقام والعقلية البدائية المبنية على النوازع الحيوانية داخل الانسان، التي جاء القانون لكي يهذبها. إطلاق الرصاص لن يردع أحدا، ولو كان رادعا لتم القضاء على جريمة المسلحة بالبرازيل وجنوب افريقيا وكولمبيا وأمريكا. .لهذا فحل الجريمة ليس هو القرطاس ولا خرق حقوق الانسان من طرف رجال الشرطة، الحل يتطلب معالجة الأمر من أصحاب الاختصاص من جميع الجوانب. ثم نحن نعاني مشكل الحاكمة الأمنية، لم تريدون أن نضيف عليها إطلاق الرصاص"؟
وأمسك زهير الشرادي العصا من الوسط: "يبدو أن الأمر قد يكون اتجاهًا عامًا قررته وزارة الداخلية لتصفية المشرملين ميدانيًا.. قرار قد يثلج صدور من يريد شوارع آمنة خالية من المجرمين و قد يغضب من يعطون الأولوية لمنظومة الحقوق الغير قابلة للتجزيء. لا بد من نقاش مجتمعي للموضوع برمته لأن الأوطان تقاد عبر المؤسسات لا عبر الانفعالات، ليبتعد فقط أصحاب كلام: قوات القمع تحصد المواطنين بالرصاص في الشوارع ، فهؤلاء يعيشون خارج التغطية".