رأي: لن تغير إعادة فرز الأصوات شيئاً.. شئنا أم أبينا.. سيصبح دونالد ترامب رئيس أمريكا المقبل
مقال رأي لجوشوا دوغلاس، وهو أستاذ في كلية القانون في جامعة كنتاكي، متخصص في قانون الانتخابات وحقوق التصويت. وساهم وتطوع لحملة هيلاري كلينتون. المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.
(CNN) – تأكيدات دونالد ترامب التي لا أساس لها من الصحة، بأن هناك "الملايين من الناس الذين صوتوا بصورة غير قانونية"، وجهود إعادة فرز الأصوات التي قادهتا جيل ستاين في ثلاث ولايات، كلاهما يدنسان جمال ديمقراطيتنا، التي تُبجّل في جميع أنحاء العالم: يقبل الفائز بتواضع بانتصاره، ويقبل الخاسر بكرامة هزيمته.
ليس هناك أي دليل على وقوع تزوير على نطاق واسع، ناهيك عن أن هناك الملايين من الناخبين الذين صوتوا بشكل غير قانوني. إن دعم الرئيس المنتخب لهذه المزاعم يقلل من شأن مكتب رئاسته. رغم أن ذلك لا يؤثر على النتيجة، إلا أن ترامب خسر أغلبية الأصوات الشعبية. وتؤدي الاتهامات بالتزوير أو العبث بالانتخابات، مع عدم وجود دليل على الإطلاق، إلى حالة من الاستنفار لا داع لها، كما تسلط التركيز على مكان خطير وهو: التفكير بأن علينا نفعل شيء لعلاج قضايا لم تكن موجودة حول الانتخابات.
وبالمثل، فإن إعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا ضارة، لأنها تجعل الناس يعتقدون أن شيئا ما كان خاطئاً، مع عدم وجود أدلة تؤيد ذلك وعدم وجود أي فرصة لتغيير النتيجة.
ورفعت أنباء مطالبة المرشحة الرئاسية عن "حزب الخضر"، جيل ستاين، بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن وفي ميشيغان وبنسلفانيا، الآمال الباهتة بين مؤيدي هيلاري كلينتون، بأنه بطريقة أو بأخرى لن يُصبح دونالد ترامب الرئيس القادم للولايات المتحدة.
والآن بعدما قالت حملة كلينتون إنها ستشارك في جهود إعادة فرز الأصوات، رُفعت آمال مؤيديها إلى أعلى من ذلك.
وصراحة: يجب أن يتخلوا عن هذا الأمل.
ليس هناك أي فرصة في أن تغير عملية إعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا تقدم ترامب، الذي يبلغ عدده الآلاف وليس المئات، في الولايات الثلاث. ترامب فاز بولاية ويسكونسن بأكثر من 27 ألف صوتا، وصدارته في ميشيغان بلغت تقريباً 11 ألف صوت، وصدارته في ولاية بنسلفانيا، لا يمكن التغلب عليها، إذ تقدم على نظيرته بأكثر من 68 ألف صوت.
نتيجة انتخابات 2016 ليست نفس الوضع الذي وقع في ولاية فلوريدا عام 2000. ليلة الانتخابات في عام 2000، فاز جورج دبليو بوش بفارق 1784 صوت على آل غور في انتخابات ولاية فلوريدا للرئاسة، وهو ما يمثل تقريباً نسبة 0.031 في المائة من إجمالي 5.8 مليون صوت في الولاية. وبعد إعادة فرز الأصوات - التي أوقفتها المحكمة العليا في الولايات المتحدة- فاز بوش في نهاية المطاف بولاية فلوريدا بتقدمه بـ537 صوتاً، وضمن الرئاسة. ولكن حتى إذا سمحت المحكمة حينئذ بإعادة فرز الأصوات، لم يكن الهامش ليتأرجح كثيراً.
نتيجة انتخابات 2016 ليست نفس الوضع الذي وقع في ولاية واشنطن عام 2004، حيث عكست إعادة فرز الأصوات النتيجة، ليتسلم الديمقراطي كريستين غريغوار فوزه بتقدمه بـ129 صوتاً على الجمهوري دينو روسي، الذي كان في البداية متقدماً بفارق 261 صوتا ليلة الانتخابات.
نتيجة انتخابات 2016 ليست نفس الوضع الذي وقع في ولاية مينيسوتا عام 2008، حيث أدت عملية إعادة فرز الأصوات إلى فوز الديمقراطي آل فرانكن بفارق 225 صوتا على الجمهوري نورم كولمان، الذي كان متقدماً على نظيره في البداية بـ215 صوتاً.
جميع عمليات إعادة فرز الأصوات تلك تروي حقيقة هامة مشتركة: كان هامش الفوز بالمئات وليس بالآلاف. وكانت التحولات في مجاميع التصويت بعد إعادة فرز الأصوات ضئيلة للغاية.
في السنوات الـ15 الماضية، غيرت عملية إعادة فرز الأصوات على مستوى الولاية الفائز وفقاً لعدد أصوات ليلة الانتخابات، في ثلاث مرات فقط: في سباق حاكم ولاية واشنطن عام 2004 (تغيير بـ390 صوت)، وسباق تمثيل ولاية مينيسوتا في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2008 (تغيير بـ440 صوت)، وانتخاب مدقق الحسابات في ولاية فيرمونت عام 2006 (تغيير بـ239 صوت).
وجدت منظمة "FairVote"، وهي منظمة غير حزبية تدافع عن إصلاح النظام الانتخابي، أنه ما بين عامي 2000 و2012 لم يكن هناك سوى 22 عملية إعادة فرز أصوات على مستوى الولاية في جميع أنحاء الدولة، وكان نسبة متوسط التغير في النتائج 0.026 في المائة فقط.
ولكن شخصاً من مؤيدي كلينتون قد يقول، ماذا لو تم اختراق أجهزة؟ التصويت ماذا لو زُورت الانتخابات فعلا؟ وهي تمثل مفارقة ساخرة، نظراً إلى أن ترامب كان الشخص الذي يدعي تزوير الانتخابات على نطاق واسع قبل الانتخابات وأنصار كلينتون كانوا ينتقدونه لرفضه التأكيد على احترام نتائج ليلة الانتخابات.
بصرف النظر عن المفارقة، ليس هناك دليل على قرصنة الانتخابات، وبصفته محامي كلينتون الأبرز، اعترف مارك إلياس، بذلك. وبطبيعة الحال الآن، بعدما بدأت ستاين هذه العملية، فمن المعقول جداً أن تشارك لكلينتون ومحاميوها. ولكن ينبغي ألا يعتبر مؤيديها ذلك على أنه مؤشر بأن الانتخابات لم تُحسم.
إطالة أمد الحملة التي تسعى للحصول على إعادة فرز الأصوات يولد الشك غير المبرر حول شرعية انتخاباتنا - دون أي دليل حقيقي. يعتمد نظامنا الديمقراطي على قبول الجميع بالنتيجة. وتعاني هذه الشرعية عندما تؤدي تكهنات حول النتيجة إلى التشكيك في النتيجة دون أدلة على التزوير وفي ضوء أن مجموع الأصوات في المجمع الانتخابي حدد الفائز بشكل حاسم.
وعلاوة على ذلك، كل هذا الحديث عن إعادة فرز الأصوات وتزوير الانتخابات يحجب حقيقة أكثر أهمية حول انتخاباتنا: نحن نفرض الكثير من العقبات على الناخبين دون سبب وجيه. نحن بحاجة إلى العمل بجد للقضاء على قوانين التصويت المرهقة وجعل التصويت أكثر سهولة، وليس التركيز على عملية إعادة فرز الأصوات التي تنشر أملاً كاذباً. على سبيل المثال، لا تساعد جهود إعادة فرز الأصوات على معالجة القضايا التي تحيط نظام هوية الناخبين في ولاية ويسكونسين، والتي منعت بشكل غير صحيح بعض الناس عن التصويت.
وفي حين لا يجب أن تعطي جهود ستاين العقيمة بإعادة فرز الأصوات العزاء لأنصار كلينتون، هناك جانب إيجابي للمناقشة الحالية: قد يدفع ذلك الكونغرس والمجالس التشريعية للولايات أخيراً لتكريس المزيد من الموارد لتكنولوجيا الانتخابات.
إننا بحاجة ماسة إلى معدات تصويت أفضل وتدقيق أقوى بعد يوم الانتخابات. إذ قبل الخوض في هذه الانتخابات، حذر خبراء من أن المعدات التي تستخدمها أغلب الولايات في حالة يُرثى لها وتكنولوجيتها قديمة. في الواقع، الآلات ترفع احتمال، مهما كان صغيراً، قرصنة الانتخابات. الآلات القديمة يمكن أن تؤدي إلى طوابير طويلة وأصوات مفقودة وغيرها من المشاكل في يوم الانتخابات.
يمكن لتكنولوجيا التصويت المحدثة أن تزيد نسبة الإقبال عن طريق تسهيل عملية التصويت. وكمثال واحد فقط، مقاطعة دونا آنا في نيو مكسيكو، تستخدم مراكز تصويت مختلفة عن مراكز الاقتراع المحددة على أساس الدائرة الانتخابية، وهذا يعني أن أي شخص في المقاطعة يمكنه التصويت في أي من 40 مركزاً بدلا من الاضطرار للذهاب إلى منقطة معينة. يُسهل ذلك عملية التصويت، إذ يمكن للناخب الإدلاء بصوته بالقرب من مكان عمله أو دراسته، ويلغي احتمال الاضطرار إلى التصويت عن طريق الاقتراع المؤقت - الذي يحتمل إلغاؤه - إذا اتضح للناخب أنه في المكان الخطأ.
ويُظهر هذا النظام أن التكنولوجيا المحسنة يمكنها تعزيز سلامة النظام الانتخابي ويُسهل المشاركة في التصويت، على حد سواء، ويرفع ذلك بالتالي من عدد الناخبين.
إعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا لن تساعد في تهدئة مخاوف مؤيدي كلينتون الذي ينفرون من فكرة رئاسة ترامب. ادعاء ترامب الخطير بأن هناك الملايين من الناخبين الذين صوّتوا بشكل غير قانوني لا يفعل شيئاً سوى إثارة جدل لا داع له في الوقت الذي كان يجب أن يعمل على توحيد الدولة.
كحد أدنى، ينبغي لهذه الأنشطة أن تجبر السياسيين من جميع التيارات على إعادة النظر في كيفية عمل الانتخابات. شئنا أم أبينا، سيصبح دونالد ترامب رئيسنا المقبل. نأمل أنه عندما يعيد ترشيح نفسه رئيساً بعد أربع سنوات، سيكون لدينا نظام انتخابي أقوى سيُسهل التصويت، ويجعله أقل عرضة للتلاعب، وأكثر من ذلك، يُسهل التحقق من نتائجه. هذا هو أقرب "انتصار" يمكن لكلينتون ومؤيديها أن يتوقعوا.