ما حقيقة أحداث العنف بالجزائر خلال الأيام الماضية؟ خمسة أجوبة تقرّبك ممّا وقع
الجزائر (CNN)-- حملت الأيام الأولى من السنة الجديدة حدثا ساخنا في الجزائر، خلق اضطرابا مؤقتًا في الوضع العام للبلاد، كاد أن يتحول الى مسلسل من أعمال العنف لولا تدخل عوامل مساعدة ساهمت في استتباب الأمن وعوة الحياة من جديد في عدة جهات من البلاد.
في اليوم الثاني من أيام السنة الجديدة، أغلقت محلات تجارية أبوابها في مدينة بجاية، استجابة لنداء إضراب دعت له جهات مجهولة، احتجاجًا على قانون المالية الجديد الذي تضمن زيادات في الرسوم والضرائب لتعويض تدهور مداخيل الجباية النفطية التي انخفضت بـ 30 في المائة.
كيف انطلقت أحداث بجاية وكيف تطوّرت ؟دخل العديد من التجار والحرفيون يوم 2 يناير/ كانون الثاني من العام الجاري في إضراب عام، بعد إغلاقهم لمحلاتهم في بلديات كثيرة بولاية بجاية، استجابة لنداء الإضراب الذي تمت الدعوة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك تحديدا، منشورات تدعو التجار إلى شن إضراب شامل من 2 إلى 7 يناير/كانون الثاني 2017 ، تنديدا بغلاء المعيشة والزيادة في الضرائب التي جاء بها قانون المالية الجديد.
وبدءا من الظهيرة، تطوّرت الأحداث في مدينة بجاية، بعد أعمال التخريب والنهب التي طالت شركة خاصة لأدوات الكهرو منزلية وشركة الوطنية للتبع والكبريت ومقر بنك خاص، بالإضافة إلى تكسير محطة الحافلات.
و قام المئات من الشباب بتنظيم مسيرة جابت وسط المدينة، قاموا خلالها بحرق حافلة للنقل الحضري تحولت إلى رماد، بحسب ما نقلته الصحافة المحلية.
وفي اليوم الموالي، تواصل الاضراب وتخللته أعمال شغب في بعض بلديات ولاية بجاية، حيث أقدم بعض الشباب على تخريب وكالة شركة الغاز والكهرباء ومحاولة اقتحام المحكمة وإضرام النار بمقر مفتشية الضرائب، وانتقلت الاضرابات إلى ولايات أخرى.
ما هو رد السلطات الجزائرية على الاحداث ؟جاءت تصريحات المسؤولين الجزائريين منددة بأحداث العنف التي صاحبت الاضراب ومطمئنة في الوقت نفسه للتجار ومواطني مدينة بجاية.
وقال سلال إن "الجزائر مستقرة ومحاولة زعزعتها لن تنجح" وإن الأحداث الأخيرة "لا علاقة لها بالربيع العربي"، مشيرا إلى أن الدولة "ستتصدى لمن يحاول العبث باستقرارها".
وأشاد سلال بموقف الشباب والعائلات الجزائرية، وبردود فعل المنظمات والأحزاب السياسية بكل أطيافها، التي أظهرت "نضجا سياسيا في تعاملها مع الأحداث"، مبديا إعجابه برواد فيسبوك "الذين قدموا درسا قويا" على حد قوله.
من جهته، توّعد وزير الداخلية نور الدين بدوي دعاة العنف قائلا أن "كل من يحاول المساس بالممتلكات العامة والخاصة سيجد أمامه مؤسسات الجمهورية بالمرصاد".
وطمأن بدوي المواطنين بأن "الحكومة الجزائرية لن تتوقف عن التكفل بالجوانب والاحتياجات الاجتماعية للمواطن خاصة فيما يتعلق بقطاعات التربية والسكن والصحة"
ومن أجل تحسيس المواطن بنعمة الامن، سارعت وزارة الشؤون الدينية إلى تعميم تعليمة لمديرياتها بخصوص برمجة خطبة الجمعة حول موضوع نبذ العنف وتوجيه التذكير بمفاسد العبث بأمن البلد، وتضمين الخطبة بمحاور تتحدث عن نعمة الأمن والاستقرار.
ما موقف الطبقة السياسية والمجتمع المدني من الاحداث؟لم تختلف مواقف الطبقة السياسية بكل أطيافها والمجتمع المدني عن مواقف المسؤولين، وتركزت خطاباتها إزاء الاحداث بتوخي الحذر وعدم الانسياق وراء دعوات العنف التي لا تخدم الوطن والمواطن.
وذكرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سكان مدينة بجاية بأن المطالب الاجتماعية المشروعة لا يمكن تحقيقها إلا في إطار سلمي.
أما حزب جبهة القوى الاشتراكية، فقد عبّر عن قلقه من الأحداث الأخيرة التي عرفتها ولاية بجاية، ودعا إلى ضرورة اليقظة واستعمال الطرق السلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة.
وعلق رئيس حزب طلائع الحريات على بن فليس، على الأحداث بتساؤل قائلا "ما الذي يبقى للإصلاح أو التقويم أو التجديد إذا غمر العنف الوطن وحوله إلى دمار وخراب وإذا أباد العباد أو جعل منهم نازحين أو لاجئين".
وفي السياق نفسه، حذّر عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم من الفتنة قائلا: " التخريب والاعتداء على الممتلكات في الاحتجاجات لا يخدم إلا السلطة الحاكمة، وإذا خرج الاحتجاج عن إطاره السلمي انقلب إلى ضده ".
كيف تعاطى رواد الشبكات الاجتماعية مع أحداث بجاية؟منذ البداية، تفاعل رواد مواقع اتواصل الاجتماعي بشكل إيجابي مع الإضراب الذي شنه التجار في بجاية وأثنوا على الطريقة السلمية في الاحتجاج على قانون المالية.
غير أنه بعد اندلاع أحداث العنف في بجاية، انتفض رواد الفضاء الأزرق ضد الاحتجاجات خصوصا بعد انتشار صور حرق حافلة النقل العمومي وخروج الاحتجاج عن اطاره السلمي.
وتداول ناشطون منشور "أحرق بلدك من أجل الطعام وستناله مجانا في مخيمات اللاجئين"، كنوع من التحذير من تحول الجزائر إلى سوريا، مصحوبا بهاشتاغ #الجزايريين_يد_وحده_ضد_الفتن .
وكثرت المنشورات التي تنبذ العنف والتخريب في مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار "أضرب ولا تخرب" و "قد نختلف مع النظام ولكن لا نختلف مع الوطن".
كما أطلقت صفحة "بجاية سيتي"، حملة على موقع التواصل الاجتماعي، من أجل تنظيف الأحياء التي شهدت أعمال شغب، ودعت السكان الى الانخراط في الحملة.
من وُجهت له أصابع الاتهام وراء الأحداث في بجاية؟تعوّد الجزائريون بعد كل احداث تقع في الجزائر أن يطل عليهم المسؤولون عبر وسائل الاعلام لترديد الاتهام الوحيد والجاهز، وهو أن "الاحداث تحركها أيادي خارجية"، دون أن يتم كشفها.
غير أن هذه المرة، تباينت التصريحات حول الجهات التي تقف وراء ـحداث بجاية، ففي نظر الوزير الاول عبد المالك سلال فإن الأحداث كان وراءها "أطراف مجهولة مكلفة بمهمة".
أما وزير الداخلية نورالدين بدوي، علق قائلا "للأسف فيه بعض الأطراف هدفها محاولة زعزعة ومس هذه المكاسب الأساسية المتمثلة في الاستقرار والطمأنينة".
لكن وزير السكن عبد المجيد تبون، صدم المتابعين بتصريحه الأخير، الذي اتهم فيه "الصحفية الجزائرية خديجة بن قنة العاملة بقناة الجزيرة وموقع إخباري في المغرب قال إنه مقرب من الكيان الصهيوني وموقعين بفرنسا وآخر بإسرائيل وآخر بألمانيا".