الأحزاب المقاطعة للانتخابات بالجزائر مهددة بسحب اعتماداتها
الجزائر (CNN)— تتجه وزارة الداخلية الجزائرية نحو إقرار تعديلات جديدة في قانون الأحزاب السياسية، الذي سينزل قريبا إلى البرلمان بغرفتيه، قبل نهاية عهدته، ومن المنتظر أن يحمل مشروع القانون إجراءات صارمة ضد الأحزاب المقاطعة للانتخابات وسحب اعتمادها، وهو ما اعتبرته الأحزاب المقاطعة تضييقا سياسيا وقمعا للحريات وتراجعا عن المكتسبات المحققة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن أعضاء في لجنة المالية والميزانية بالبرلمان، خلال جلسة مناقشة مع وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، أن الأخير أبلغهم عزم الدولة الذهاب نحو إقرار تعديلات جديدة على قانون الأحزاب السياسية، تتضمن مواد منه، سحب الاعتماد من الأحزاب المقاطعة للانتخابات.
وكشف أعضاء اللجنة على لسان وزير الداخلية نور الدين بدوي، وفقا لجريدة الشروق، قوله "لا نمنح الاعتماد للأحزاب السياسية من أجل المشاركة في الانتخابات الرئاسية فقط"، في إشارة واضحة إلى رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، الذي أعلن حزبه مقاطعة الانتخابات التشريعية.
وكانا حزبا جيل جديد وطلائع الحريات، أعلنا مقاطعتهما الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها شهر مايو/أيار من العام الجاري، خلافا لمواقف الأحزاب المعارضة الأخرى، التي اختارت المشاركة والدخول في تحالفات، استعداد للاستحقاق القادم.
وبرر حزب جيل جديد مقاطعته، بحسب بيان له، كون "البرلمان غطاء قانوني للحكومة"، وعليه، فإنه من الواضح أن "السلطة ستهدي لنفسها أغلبية مريحة، فضلا عن أنها ستحجز بعض المقاعد لمُعارضة مشاركتية من أجل اكتساب شرعية ديمقراطية مفقودة".
وعقب هذه التصريحات، جاءت ردود فعل الأحزاب المقاطعة مستنكرة، إذ قال بيان للناطق الرسمي لطلائع الحريات، أحمد عظيمي، إن "تصريحات وزير الداخلية كشفت المستور و عبرت عن النظرة الأبوية للمعارضة التي تتميز بها السلطة القائمة و عن تصورها الطفيلي للممارسة السياسية".
وأضاف عظيمي، بحسب البيان، "حبذا لو تم توظيف هذه القدرات الإبداعية والإبتكارية لإخراج البلد من الانسداد السياسي الذي يتخبط فيه"، بدل تسخيرها في "قمع الحريات و تقويض الحقوق السياسية و المدنية و إفراغ التعديدية السياسية من معناها و من علة وجودها".
ومن بين الردود المستنكرة، اعتبر جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، في تصريح لـ CNN بالعربية، أن "السلطة مرتبكة ولديها قلق كبير أمام العزوف المنتظر في الانتخابات التشريعية"، متحدثا عن هدف السلطة من خلال دفع الأحزاب للمشاركة في الانتخابات، وهو "تجديد شرعيتها لنظام لا يملك أي سند شعبي".
وفي نظر سفيان، أن تصريح الوزير يعد "نوع من الابتزاز والتهديد المباشر"، وهذا راجع لـ"تزلزل عرش السلطة بعد قرار المقاطعة"، فمن غير المقبول، حسب سفيان، أن "يصرح مسؤول بأشياء لا وجود لها في القانون، ثم يعلن عن إدخال تعديل على القانون قبل التشريعيات".
ويندرج تصريح وزير الداخلية المتضمن سحب الاعتماد من الأحزاب المقاطعة، بحسب عضو الرابطة العربية لحقوق الإنسان، المحامي عبد الغني بادي، ضمن العديد من التصريحات "غير المسؤولة، حتى من ناحية الألفاظ والعبارات المستعملة، وتعبر عن المستوى السياسي الحقيقي للمنظومة الحاكمة بشكل عام"، على حد قوله.
ومن الناحية القانونية، اعتبر بادي، في تصريح لـ CNN بالعربية، التصريح "لا أثر منتج له مادام لم يجسد في قالب قانوني رسمي"، غير أنه في حال ما سعت الداخلية للبحث عن وسائل لسحب الاعتماد من الأحزاب المقاطعة، فهذا معناه، وفقا للمتحدث، "دوس على الحريات والحقوق".
وتابع بادي كلامه موضحا، أن "غالبية الحقوق الدستورية رهينة قوانين تنظيمية موضوعة بيد الإدارة، تتعسف في استعمالها حسب الخصومة السياسية مع السلطة"، مستشهدا في حديثه بمآل أحزاب "طالب الإبراهيمي و كريم طابو و سيد أحمد غزالي، وهو خير دليل على عمل الإدارة في التضييق على خصومها السياسيين".
وعلى ما يبدو، فحزبا جيل جديد وطلائع الحريات سيخوضان حملة لحث المواطنين على ضرورة المقاطعة وشرح مواقفهما، موازاة مع انطلاق الحملة الانتخابية التشريعيات، وحتى لم يتمكنا من تنظيم تجمعات، فمن المرجح، أنهما سيلجآن حتما إلى الساحة الإعلامية، مع علمهما المسبق بأن الأغلبية الساحقة من الجزائريين سيقاطعون الانتخابات بطريقة تلقائية كما جرت العادة.