بين الخطاب والممارسة السياسية.. كيف يختلف العثماني عن ابن كيران؟
إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— بين سعد الدين العثماني، الذي عيّنه الملك اليوم الجمعة رئيسا للحكومة، وعبد الإله ابن كيران، الذي أعفاه الملك من المنصب ذاته قبل يومين، توجد العديد من الاختلافات، رغم استمرار صداقتهما وزمالتهما داخل حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه عام 1996، وقبله مسارهما في الشبيبة الإسلامية ثم الجماعة الإسلامية ثم حركة الإصلاح والتجديد.
وإذا كان ابن كيران يتحدث بتلقائية كبيرة لدرجة وقوعه أحيانا في تصريحات أثارت جدلا واسعا، وتميز خطابه بما يصفه المتعاطفون معه شعبية ومنتقدوه شعبوية، فإن خطاب العثماني لا يحفل بالخصائص نفسها، فهو يتزن كثيرا في تصريحاته ويغلب على كلامه بعض التحفظ.
كما يتميز خطاب العثماني بتركيزه على الجوانب العلمية أكثر منها السياسوية، زاده في ذلك تكوينه العلمي في مجال الطب النفسي، وعكس ابن كيران الذي تميز بخطابات نارية في حق خصوم الحزب وقدرته على الرد بقوة ومجابهة منتقديه بهجمات لفظية مضادة، فالعثماني في الجانب الآخر، يتفادى ما أمكن المعارك الكلامية، ونادرا ما حفلت تصريحاته بهجوم لفظي على الخصوم.
وبسبب هذا الاختلاف، لن ينتظر المغاربة المواجهات ذاتها التي كانت بين رئيس الحكومة السابق والمعارضة البرلمانية، فالعثماني هو أحد أكثر أعضاء الأمانة للحزب هدوءا، واستطاع خلال فترة توليه للخارجية، الخروج بأخف الأضرار فيما يتعلّق بالجدل الإعلامي، ساعده في ذلك عدم مواجهة الخارجية المغربية لتحديات كبيرة في فترة مهمته.
وعُرف عن العثماني اهتمامه الكبير بالثقافة الأمازيغية، فهو ينحدر من أسرة أمازيغية وكان ولا يزال من أبرز الداعمين للحركة الامازيغية في مطالبها، كما عُرف عن الرجل، خاصة بعد خروجه من الحكومة، عدم دخوله في سجالات سياسية بين الأحزاب، وركزت عدد من تدخلاته الإعلامية على مواضيع الأمازيغية وسياسة المغرب الخارجية والإسلام السياسي.
وتقول مصادر من حزب العدالة والتنمية إن العثماني يتميز أكثر من ابن كيران في استحضار المرجعية الإسلامية للحزب في خطاباته وتصريحاته، ويعود السبب في ذلك إلى التكوين الفقهي للعثماني واهتمامه الكبير بقضايا الإسلام السياسي.
كما اختلف العثماني مع ابن كيران فيما يخصّ حركة 20 فبراير، النسخة المغربية ممّا عرف بـ"الربيع العربي"، إذ تفاعل العثماني بشكل إيجابي مع الحراك، عكس ابن كيران الذي رفض النزول ورفض أن يدعم الحزب رسميا هذه الحركة.
غير أن الابتسامة التي تغلّف وجه العثماني في أغلب صوره لا تعني أنه سهل المراس، فهو راديكالي فيما يخصّ ثوابت الحزب، تؤكد مصادرنا، كما لا يقبل تقديم تنازلات يرى أنها قد تقوّض الحزب، وهو في هذا يتشابه مع ابن كيران كثيرا، كما أن العثماني، وإن كان أقلّ إثارة للجدل من ابن كيران، فهو كذلك يملك الكثير من الخصوم داخل الحزب.
ونال العثماني تقدير الكثير من خصوم حزب العدالة والتنمية، خاصة من يعيبون على ابن كيران طريقته في الرد على منتقديه، وربما أن مهنة العثماني كطبيب نفسي ساهمت في تمكينه من صورة مشرقة إلى حد ما خارج حزب العدالة والتنمية، وقد ساهم العثماني في تكريس هذه الصورة لأسباب كثيرة، منها نجاحه في تفادي هجمات وسائل الإعلام وانتقاداتها، ولو بشكل أقلّ بكثير من عدد من زملائه بالأمانة العامة للحزب، ويعود هذا النجاح في الحرص الكبير للرجل على الابتعاد عن إثارة الجدل سواء بقراراته أو تصريحاته.
فهل يستمر في هذا الحرص مع رئاسته للحكومة وينجح بالاستفادة من هدوئه في إنهاء حالة الشلل في المفاوضات الحكومية؟