بينهم السيسي وأردوغان وبوتين.. رؤساء يرى محللون أن ترامب "يحسدهم" على سلطاتهم

نشر
13 دقيقة قراءة

أتلانتا، الولايات المتحدة (CNN)-- لطالما كان تقارب مواقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من مواقف قادة يُصفون بـ"الاستبدادية" في جميع أنحاء العالم إحدى الثوابت القليلة خلال الأشهر القليلة الأولى من الفوضى في منصبه.

محتوى إعلاني

من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرئيس الفلبيني رودريغو دوترتي، أثنى ترامب على بعض أقوى رجال العالم.

محتوى إعلاني

وهذا الثلاثاء، سيرحب ترامب بأحدهم في البيت الأبيض، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. إذ يتوجه الزعيم التركي إلى واشنطن بعد شهر من فوزه بالاستفتاء المثير للجدل حول إقرار تعديلات دستورية تعطيه سلطات يراها البعض "ديكتاتورية".

ولكن ترامب ليس خجولاً حول التقرّب من الشخصيات المثيرة للجدل. إذ فى وقت سابق من هذا الشهر، قال إنه سـ"يتشرف" بلقاء رئيس كوريا الشمالية الاستبدادي، كيم جونغ أون، "في ظل الظروف المناسبة". وقال ترامب إن الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي كان يقوم بعمل رائع خلال اجتماع معه في المكتب البيضاوي.

وليس جديداً على الولايات المتحدة أن تغض الطرف عن الأنظمة التي تراها استبدادية أو ديكتاتورية باسم الاستقرار السياسي. ولكن تقدير ترامب لقادة يعتبرهم الكثيرون أنهم جهات فاعلة "سيئة" يتجاوز ذلك.

رجب طيب أردوغان: "له فضل كبير"

حتى قبل أن يهنئ أردوغان على فوزه في الاستفتاء، أثار موقف ترامب حول تركيا تساؤلات كثيرة.

إذ أشاد ترامب خلال حملته الانتخابية بأردوغان على تعامله مع محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، رغم حملة كبيرة ضد شخصيات المعارضة المتصورة - بما في ذلك الصحفيين والتربويين والقضاة وأعضاء البرلمان.

وخلال الحملة، اعترف ترامب أيضا بأن مصالحه التجارية في تركيا تشكل تضارباً في المصالح.

وفي حين يقول بعض المحللين إن تصريحات ترامب هي تأييد مقلق للسلطة الاستبدادية، إلا أن البعض الآخر يشير إلى أنها أكثر انعكاساً على تركيزه على مكافحة الإرهاب.

إذ قال مدير الأمن القومي في مركز السياسة الحزبية، بليز ميسزتال لـCNN: "يمكنك أن ترى أنها استراتيجية تقول: سنغض الطرف عن حالة السياسة الداخلية الخاصة بك، والاستبدادية، وانتهاكات حقوق الإنسان، من أجل كسب المزيد من التعاون في المجالات التي تهم أمريكا."

وفي حين أن ترامب قد يجذب أردوغان كحليف حيوي في المعركة ضد تنظيم "داعش"، إلا أنه ليس من الواضح ما سيبدو في الواقع العملي - خاصة عندما يتعلق الأمر بأكثر قوة فعالية تعمل بالوكالة للولايات المتحدة - أي الأكراد، الذين تعتبرهم تركيا العدو.

وأعلن ترامب مؤخراً أن واشنطن ستقدم الأسلحة للأكراد السوريين كجزء من المعركة ضد "داعش"، ما أغضب تركيا.

ويقول ميسزتال: "في الـ100 يوم الماضية رأينا إحباط ترامب بالحكم ضمن نظام ديمقراطي، وفي محاولته إنجاز الأمور. إذا كنت مستبداً، ولديك كل القوة، يمكنك أن تكون أكثر كفاءة وفعالية، وهذا هو نوع استعراض السلطة الذي يبدو أن ترامب يقدره."

فلاديمير بوتين: "قيادي حقيقي"

طوال حملته الانتخابية، كسر ترامب السياسة الأمريكية القديمة بمديحه المتكرر لبوتين. غير أن الزعيم الأمريكي لطالما مدح نظيره الروسي منذ 2013، عندما عُقدت مسابقة ملكة جمال الكون التي نظمتها مؤسسة ترامب في موسكو. ومنذ ذلك الحين، تحدث ترامب عن بوتين أكثر من 80 مرة، وفقا لتحقيق CNN.

وقال جيمس نيكسي، رئيس برنامج روسيا وأوراسيا في مؤسسة "تشاثام هاوس" التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، لشبكة CNN: "إن مدى سعيه للدفاع عن فلاديمير بوتين كان مدهشاً ومثيراً للقلق وغير مسبوق."

وأثارت تصريحات ترامب شكوكاً حول ارتباط حملته المحتملة بالتدخل الروسي في الانتخابات. ومع اجتذاب تعليقاته المزيد من التدقيق، بدء ترامب بالتراجع قليلاً عن نهجه. إذ قال في يناير/ كانون الثاني الماضي إنه يعتقد أن روسيا مسؤولة عن اختراق اللجنة الوطنية الديمقراطية. لكن ترامب قال إن العلاقة الجيدة مع الدولة ستكون مفيدة للولايات المتحدة.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقده في 11 يناير/ كانون الثاني الماضي: "إذا كان بوتين يحب دونالد ترامب، فأنا أعتبر ذلك لصالحنا، وليس ضدنا، والسبب أن لدينا علاقة رهيبة مع روسيا، وروسيا يمكن أن تساعدنا في محاربة داعش، الذي هو بالمناسبة يتصدر قائمة الصعاب."

وقال نيكسي: "العلاقات الحسنة مع الكرملين وبوتين جيدة من الناحية النظرية ولكنها صعبة في الممارسة العملية وتحتاج إلى إعطاء روسيا ما تريده، حرية أكبر في أوكرانيا والشرق الأوسط على سبيل المثال."

وسيجتمع ترامب مع بوتين للمرة الأولى منذ توليه منصبه كجزء من قمة مجموعة العشرين في هامبورج في يوليو/ تموز المقبل، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الروسية.

عبد الفتاح السيسي: "رجل رائع"

استضاف ترامب السيسي في البيت الأبيض في إبريل/ نيسان الماضي، وكانت تلك أول زيارة يقوم بها رئيس مصري لواشنطن منذ 2009.

وكان الرئيس الأميركي قد أثنى على السيسي، مما يشير إلى تحول كبير من العلاقات الباردة بين الولايات المتحدة ومصر في ظل إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن الزعيم المصري. إذ في عام 2016، أشاد ترامب بسياسة مكافحة الإرهاب للسيسي في مقابلة مع "Fox Business". ووصف الزعيم المصري بأنه "رجل رائع"، مضيفا أن "نهجه الصارم أخرج الإرهابيين من مصر".

وقال تيموثي إي كالداس، المحلل في معهد "التحرير" لسياسات الشرق الأوسط: "إن ترامب يريد أن يكون قادراً على القيام بما يحلو له، وعندما يرى الناس في الخارج ممن لديهم تلك السلطة، يبدو أنه يحسدهم عليها."

وقال كالداس إن "افتتانه بالسيسي له علاقة بسحقه الجماعات الإسلامية. يريد ترامب الاعتقاد بأن هذه التكتيكات القوية هي الأكثر فعالية، وأن الدعوة الليبرالية لضبط النفس واحترام حقوق الإنسان تقف في طريق مكافحة الإرهاب."

لكن ميسزتال قال إن إثارة قضايا حقوق الإنسان يمكن أن تأتي خلف الأبواب المغلقة.

وأضاف: "خلال زيارة السيسي الشهر الماضي، في حين كان هناك الكثير من القلق من عدم وجود ذكر عام لسجله في مجال حقوق الإنسان، إلا أن ترامب استطاع التوصل إلى الإفراج عن أميركية محتجزة في سجن مصري. فقط لأن ترامب لم يقل هذه الأمور علناً، لا يعني أنها لا تقال في الخلفية."

شي جينبينغ: "شخص رائع"

خلال حملته الانتخابية، لم يتردد ترامب في انتقاد الصين. واتهم ترامب بكين بالتلاعب بعملتها وسرقة وظائف التصنيع في أمريكا. بل وصل به الأمر إلى اتهام الصين بأنها "اغتصبت" الاقتصاد الأمريكي.

ولكن عندما زار الرئيس الصيني، شي جينبينغ، منتجع "Mar-a-Lago" الخاص بترامب في إبريل/ نيسان الماضي، بدا أن الزعيمين شكلا "علاقة جيدة جداً". وقال ترامب إن اجتماعهما المقرر لمدة 15 دقيقة امتد لساعات.

وقال ميشال هوكس، مدير معهد ليو للدراسات الآسيوية بجامعة نوتردام، إن الرجلين يشتركان في عدد مذهل من الأشياء. ومثلما ترامب وعد بأن "يجعل أمريكا عظيمة مجدداً،" مهمة جينبينغ هي إحياء عظمة الأمة الصينية.

وقال هوككس لشبكة CNN: "على المستوى الشخصي، يبدو أن علاقتهما جيدة للغاية، والسؤال هو ما هي الانعكاسات السياسية لذلك؟"

في الوقت الراهن، يبدو أن ترامب قد قرر أن يتنازل عن القضايا الأخرى للتركيز على كوريا الشمالية.

وقال آدم كاثكارت، خبير في كوريا الشمالية في جامعة ليدز في بريطانيا، لـCNN في رسالة بالبريد الإلكتروني: "يبدو أنه الآن مقتنع بوضع القضايا الأخرى جانباً والتركيز فقط على ما يمكن أن تقوم به الصين وشي جينبينغ للولايات المتحدة بشأن قضية كوريا الشمالية."

وكرر ترامب هذا التغيير في التكتيك خلال مقابلة، عندما قال: "ماذا؟ هل سأبدأ حرباً تجارية مع الصين في خضم العمل بقضية أكبر مع كوريا الشمالية؟"

كيم جونغ أون: "شخص ذكي للغاية"

كسر ترامب التقليد القديم عندما قال إنه سيجلس مع زعيم كوريا الشمالية.

وقال ترامب في مقابلة مع بلومبرغ الإخبارية: "إذا كان من المناسب بالنسبة لي أن اجتمع معه، فسيشرفني بكل تأكيد أن أفعل ذلك."

وكان ذلك تحولاً ملحوظاً من الموقف المتشدد الذي تبنته الإدارات الأمريكية السابقة مع بيونغ يانغ لأن النظام سعى إلى دفع طموحاته النووية.

لكن ترامب رفض أيضاً استبعاد حل عسكري للأزمة. وكانت الولايات المتحدة قد وجهت مؤخراً مجموعة من الضربات البحرية إلى المنطقة ونشرت نظاماً جديداً مضاداً للصواريخ الباليستية في كوريا الجنوبية.

وقال كاثكارت لشبكة CNN: "يبدو أنه يشير إلى الارتجال في الأسلوب، أو أن إدارته تعتقد أن كيم جونغ أون سيكون مهتماً فعلاً بالاجتماع للتفاوض." لكن هناك تناقض واضح مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، بأن الولايات المتحدة لن "تساوم للعودة إلى طاولة المفاوضات".

وكان ترامب قد أشاد في وقت سابق بكيم معتبراً أنه "pretty smart cookie" أو "شخص ذكي للغاية"، وقبل يوم واحد فقط، تحدث ترامب مع "رويترز" عن إعجابه بكيفية تعامل كيم مع السلطة في مثل سنه الصغير.

إلا أن المحادثات بين ترامب وكيم تبدو غير محتملة بعد أن أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً آخراً في نهاية الأسبوع. وأعلنت كوريا الشمالية، الاثنين، أن عملية الإطلاق هي دليل على امتلاكها صاروخاً قادراً على حمل رؤوس حربية نووية وأنها تستطيع استهداف أمريكا بها.

وقال كاثكارت لـCNN، إن أي مفاوضات محتملة مع الزعيم الشاب ستمثل حقل ألغام لترامب مما يفتح الباب أمام كوريا الشمالية للمطالبة بالاعتراف بها دولة نووية شرعية.

رودريغو دوترتي: اتصال "ودي للغاية"

وجه ترامب مؤخراً دعوة من البيت الأبيض للرئيس الفلبيني، رودريغو دوتيرتي، عبر "محادثة ودية للغاية"، ما أثار موجة من الانتقادات من جماعات حقوق الانسان. إذ يُذكر أن دوتيرتي، منذ توليه مهام منصبه العام الماضي، شن حرباً دموية على المخدرات التي خلفت آلاف القتلى، وتقول مجموعات حقوق الإنسان إنها حملة قتل خارج نطاق القانون.

وقال البيت الأبيض إن هذه الدعوة كانت جزءاً من محاولة لكبح كوريا الشمالية والبقاء على اتصال مع حلفاء الولايات المتحدة. وقال مسؤول رفيع المستوي في الإدارة لشبكة CNN إن الرئيس "مهتم بقضايا حقوق الإنسان ولكنه لن يسمح بأن يعيق ذلك الاهتمام اهتمامه بالدفاع عن المصالح الأمنية الوطنية للولايات المتحدة."

المكالمة الهاتفية، هي تحول كبير من علاقة دوتيرتي بسلف ترامب أوباما، اذي وصفه الرئيس الفلبيني بأنه "ابن عاهرة".

وقال جوشوا كورلانتزيك، زميل في مجلس العلاقات الخارجية بجنوب شرق آسيا، إنه في حين أن الدعوة قد تكون مثيرة للقلق بالنظر إلى سجل دوتيرتي في حقوق الإنسان، إلا أنه ليس من المستغرب أن ترامب سيتحدث مع زعيم دولة تربطها مع الولايات المتحدة معاهدة.

وأضاف كورلتانتزيك أن دوتيرتي قد يقبل دعوة الرئيس إلى البيت الابيض في نهاية المطاف، ولكن قد لا يريد أن يظهر كما لو كان يحتضن الولايات المتحدة، نظراً لمدى تقربه من الصين.

وقال كورلانتزيك: "لدى دوتيرتي تاريخاً طويلاً ومعقداً جداً من معاداة أمريكا، لذلك فقط لأن ترامب يحب دوتيرتي وتسلطه، فهذا لا يعني أن علاقتهما ستكون جيدة."

نشر
محتوى إعلاني