رسالة منسوبة لمتزعم حراك الريف تثير الجدل وتخلق مواجهة بين محاميه وإدارة السجن
الرباط (CNN)— يعيش المتتبعون لحراك الريف بالمغرب على وقع ضجة أحدثتها رسالة منسوبة إلى أشهر وجه في الاحتجاجات، ناصر الزفزافي، المعتقل في الدار البيضاء منذ عدة أسابيع، إذ أكد محاميه محمد زيان أن الرسالة بخط يد الزفزافي، وهو ما أكده كذلك والد هذا الأخير، بينما نفت إدارة السجن أن يكون الزفزافي قد سلّم محاميه وثيقة من هذا النوع.
الرسالة التي نشرها محمد زيان، أمس الأربعاء، اعتبرت أول شكل تواصلي بين الزفزافي والمتعاطفين معه منذ إلقاء القبض عليه يوم 29 ماي/أيار الماضي بعدما وجهت له تهمة "عرقلة حرية العبادات"، إثر احتجاجه على مضمون خطبة جمعة داخل مسجد بمدينة الحسيمة، وحملت الرسالة على لسان الزفزافي تحية إلى أبناء الريف وبقية المغاربة وكل من يساند الحراك، ونظرة من الزفزافي لواقع الحراك ومستقبله.
إصرار على استمرار الحراك
"أخط لكم رسالتي من داخل هذه الزنزانة الصغيرة الموصدة بأبواب الحديد، وأقفال تسعى لسجن الجسد، غير أنها تقف عاجزة عن تكبيل الإرادة و الوجدان، وطيف الحرية الذي أبعثه إليكم ليجدد العهد بكم، وبالقسم الذي أديته أمامكم في ساحة الشهداء، بأن لا أخون وأن لا أساوم وأن لا أبيع قضيتنا ولو على حساب حريتي و حياتي التي أهديها رخيصة في سبيل تحقيق مطالب ساكنة الريف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية"، تقول الرسالة.
"أطمئنكم بأني ما هنت في زنزانتي وما صغرت أكتافي أمام سجاني، وكذلك شأن باقي المعتقلين من أبنائكم وبناتكم وإخوانكم وأخواتكم، الذين لم يشهد التاريخ الحديث أعز منهم وأشرف منهم، وأحرص على عزتكم وكرامتكم وحريتكم منهم"، يقول الزفزافي في الرسالة، متابعا: "أجدد التأكيد لكم على براءتنا من جميع التهم الموجة إلينا، وأنها محض افتراءات ومكائد، لا غرض من ورائها سوى محاولات يائسة لإسكات صوت الحرية الذي خرج منذ استشهاد الشهيد محسن فكري رحمة الله عليه، لفضح المفسدين".
كما تحدث الزفزافي عن أن شباب الحراك سعوا إلى تحويل هذا الأخير إلى "نور مبارك يضيء ظلمة الفساد، ويكشف وجهه الخبيث ولوبياته أمام الشعب والملك"، غير أن الأقدار "شاءت أن تتكرر أحداث 1958 عندما اتهم أجدادنا زورا بالسعي للانفصال و تنفيذ أجندات أجنبية بينما كانوا يطالبون بمطالب اجتماعية واقتصادية بسيطة لازلنا نناضل من أجلها إلى اليوم".
وجدّد الزفزافي في رسالته وصاياه بنهج السلمية ولا شيء سواها في الاحتجاجات كسبيل لتحقيق المطالب رغم "الاستفزازات المتعمدة للقوى الأمنية"، مطالبا بنبذ العنف والتطرف وعدم الانجرار وراء مكائد من يريدون السوء بالحراك، وكذا من يركبون على "النضالات"، مناشدا الصمود والصبر، مبشرا المتعاطفين مع الحراك بالنصر القريب. (النسخة الكاملة من الرسالة)
إدارة السجن تنفي وزيان يتشبث بالرسالة
غير أن إدارة السجن المحلي عين السبع بمدينة الدار البيضاء، قالت اليوم الخميس إن ناصر الزفزافي نفى لها بشكل قاطع في تصريح مكتوب أن يكون قد سلم الرسالة المذكورة للمحامي محمد زيان، لافتة أنها ستتقدم لدى الجهة القضائية المختصة بطلب تحقيق في الادعاءات المذكورة والتحقق من المصدر الفعلي للوثائق المنشورة.
وتابعت الإدارة في بلاغ لها إنه نظرا لاستغلال المحامي محمد زيان -الذي شغر سابقا منصب وزير حقوق إنسان- لصفته المهنية من أجل "القيام بتصرفات منافية لقواعد وأخلاق المهنة ونشر ادعاءات باطلة وإعطاء الانطباع لدى الرأي العام بمخادعة إدارة المؤسسة، فإن هذه الإدارة ستكون مضطرة إلى منعه من التواصل مع نزلاء المؤسسة".
بيد أن محمد زيان، رفض التراجع عن أنه تسلّم الرسالة من ناصر الزفزافي، وهاجم في تصريحات صحفية إدارة السجون، متحدثا عن أن منعه من زيارة موكله "جريمة ضد الإنسانية غير قابلة للتقادم في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية"، معتبرا أن طلب الإدارة من سجين توقيع اعترافات مكتوبة فعل غير قانوني، شأنه شأن طلبها من القضاء فتح تحقيق في علاقة بين محامي ومعتقل.
وقال زيان إن الزفزافي استغرق أسبوعا في كتابة الرسالة، وهي "من مستوى عالٍ ومتوازنة وموجهة بالأساس للملك محمد السادس وللشعب المغربي"، مضيفا أن "الرسالة صك براءة جميع المعتقلين وتحتوي على المطالب و الأسباب الرئيسية التي جعلتهم يخرجون للشارع للإحتجاج".
التأكيد ذاته جاء على لسان أحمد الزفزافي، والد ناصر، الذي نقل أنه ابنه هو من خط تلك الرسالة، وأنها تحمل مواقفه داخل الزنزانة، فيما جاءت مواقف عدد من أصدقاء ناصر متباينة، بين من أكد أن الخط فعلا يعود له والأمر ذاته بالنسبة للتوقيع، بينما شكّك آخرون في الرسالة، خاصة لعدم إشارتها لاحتجاجات 20 يوليو المقررة.