عدد من دبلوماسيي أمريكا في كوبا تعرضوا لهجمات صوتية متكررة
الدبلوماسيين الأميركيين والأسر في كوبا استهدفوا حوالي 50 مرة بواسطة الهجمات الصوتية ، وفقاً لمسئول أمريكي
هافانا، كوبا (CNN) -- علمت CNN من مسؤول أميركي رفيع المستوى أن بعض الدبلوماسيين الأمريكيين في السفارة بهافانا، والذين أبلغوا عن تعرضهم للهجمات الصوتية الغامضة، قد استهدفوا بالهجمات أكثر من مرة. وأكد المسؤول أن الموظفين، وعددهم 21، قد تعرضوا لما يقرب مجموعه من 50 هجوما.
ومثلت هذه الحوادث تحديا لتقييم الحكومة الأمريكية لكوبا كدولة آمنة للدبلوماسيين الأمريكيين وأسرهم، كما هددت مستقبل السفارة التي أعيد افتتاحها حديثا.
وخلافاً للعديد من البلدان الأخرى، لم يكن لدى موظفي السفارة الأمريكية في كوبا ما يدعوهم للقلق بشأن الهجمات الإرهابية أو الاختطاف أو حتى الجرائم الصغيرة، وقد جعلت السيطرة الصارمة للحكومة الكوبية على الجزيرة هافانا واحدة من أكثر المدن أمانا في العالم.
ويعاني الدبلوماسيون الأمريكيون - خصوصاً أولئك الذين تشتبه كوبا أنهم جواسيس - للمضايقات على يد جهاز أمن الدولة القوي، إلا أن ذلك لا يتجاوز حدود الحرب الباردة.
ولكن بدايات هذا العام، تلقى الدبلوماسيون الأميركيون المتوجهون إلى الجزيرة للبدء في وظائفهم تحذيرا "هادئا" من إمكانية مواجهة تهديد غامض تسبب في إصابة ضباط في وزارة الخارجية الأميركية بالمرض، وبعضها مع أعراض طويلة الأمد.
ولم يحدد المحققون سبب هذه الحوادث، بيد أن المسؤولين الأمريكيين قالوا لشبكة CNN إنهم مقتنعون بأن شخصا استهدف دبلوماسيين أمريكيين في هافانا بجهاز متطور لم يسبق نشره من قبل، على الأقل ضد أفراد أمريكيين. وقال مسؤولون أميركيون وكنديون أن الدبلوماسيين الكنديين عانوا من مشاكل صحية مماثلة.
وفي الأمم المتحدة نفى وزير الخارجية الكوبى برونو رودريجيز باريلا أن تكون كوبا متورطة في هجمات على الدبلوماسيين وقال إن الولايات المتحدة تسيّس هذه الحوادث.
ولكن بعد سبعة أشهر على تقديم شكوى إلى المسؤولين، وضمانات من الرئيس الكوبى راؤول كاسترو أنه الحوادث ستخضع لتحقيق، فإن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالإحباط بسبب عدم تحقيق تقدم، وربما يعيدون تقليص عدد موظفي السفارة للحد من عدد الأشخاص المعرضين للخطر.
وتشمل الخيارات إعادة أسر وموظفين غير أساسيين إلى الولايات المتحدة وصولا إلى إغلاق كامل السفارة. استدعاء الولايات المتحدة للدبلوماسيين سيكون انتكاسة مدمرة للعلاقات الامريكية الكوبية ويأتي في لحظة حاسمة حيث يستعد كاسترو للتنحي عن منصبه كرئيس في فبراير/شباط المقبل وواشنطن تحتاج الى عيون وآذان على الارض.
وقد قطعت العلاقات بين البلدين في عام 1961 بعد وقت قصير من تولي فيدل كاسترو السلطة. ومع تصاعد إمكانية المواجهة بين الدولتين آنذاك سارع الدبلوماسيون الأمريكيون إلى خفض العلم الأمريكي بالسفارة واستقلوا العبارة للإبحار عبر مضيق فلوريدا.
في عام 1977، اتخذت الولايات المتحدة وكوبا الخطوة الأولى نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية من خلال تبادل فتح أقسام لرعاية المصالح. ولم يلق القسم الأمريكي ترحيبا حارا في هافانا، إذ وصفه فيديل كاسترو آنذاك بـ"عش الجواسيس" وقاد مظاهرات متكررة أمام المبنى .. كما أبقى كاسترو على مراقبة الأمريكيين عن كثب.
في 2015 أعلن باراك أوباما عن ذوبان الجليد في العلاقات وعاد البلدان إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وإعادة فتح السفارات ، وانتقد فيدل كاسترو، الذي تقاعد في ذلك الوقت، الانفتاح في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
الكثير من الكوبيين فرحوا بعودة الأميركيين إلى الجزيرة بأعداد كبيرة لأول مرة منذ نصف قرن. وأدت العلاقة الطبيعية إلى استعادة خدمات الطيران وزيادة التبادلات بين البلدين.
ولكن في تشرين الثاني / نوفمبر، في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأ الدبلوماسيون الأمريكيون يواجهون سلسلة من الحوادث الغريبة. وكما ذكرت شبكة CNN للمرة الأولى في أغسطس/آب، استيقظ الدبلوماسيون في وقت متأخر من الليل في منازلهم يشعرون بالتوعك وسماع الأصوات التي تشبه الحشرات أو سحب المعادن عبر الأرض.
كانوا غير قادرين على تحديد مصدر الصوت، فور ترك الغرفة أو المنطقة التي كانوا فيها توقفت الحوادث، حسبما ذكره مسؤولان في الحكومة الأمريكية
وبحلول شباط/فبراير، انتهت وزارة الخارجية إلى أن دبلوماسييها كانوا هدفا لحملة مضايقات، وكانوا بحاجة إلى إثارة المسألة مع المسؤولين الكوبيين.
الأسئلة أكثر من الأجوبة
وقال مسؤولان أميركيان أنه لم يتم العثور قط على الأجهزة المستخدمة في هذه الحوادث، لكن يبدو أنها نوع من الأسلحة الصوتية التي تنبعث منها موجات قادرة على إيقاع ضرر بدني.
ولا يزال المسؤولون الكوبيون يعربون عن أملهم في إمكانية التواصل مع الإدارة الجديدة. في الوقت نفسه كان الكوبيون يتسابقون للاستفادة في الأشهر الأخيرة من حسن نوايا إدارة أوباما لتوقيع العديد من الاتفاقيات مع الحكومة الأمريكية والشركات الأمريكية قدر الإمكان.
ولم يكن من المنطقي أن تبدأ كوبا في تلك اللحظة حملة مضايقات ضد الدبلوماسيين الأمريكيين، وفقا لمسؤولين أمريكيين، وقد استدعى راؤول كاسترو كبير الدبلوماسيين الأمريكيين في هافانا، جيفرى ديلورنتيس، لحضور اجتماع، ونفى كاسترو أي مشاركة كوبية في الهجمات المزعومة.
وفى حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قال وزير الخارجية الكوبي إن حكومته "أخذت في الاعتبار البيانات التي ساهمت بها السلطات الأمريكية ولم تعثر حتى الآن على أي دليل يمكن أن يؤكد أسباب أو أصل صحة الاضطرابات التي أشار إليها الدبلوماسيون الأمريكيون وأقاربهم.
وبينما يعمل الأمريكيون على إصلاح سفارتهم في هافانا التي تضررت بشدة بسبب اعصار إيرما، فإن كلمات الدبلوماسي الكوبي هذا الأسبوع لن توفر سوى القليل من الراحة.