محلل: التهديد الروسي للغرب حقيقي.. لكن كيف الرد؟

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: afp/getty images

من مقال تحليلي لمراسل CNN للشؤون الدولية، نيك باتون وولش.

محتوى إعلاني

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إن التهديد الذي تشكله روسيا على المصالح الغربية حاليا مختلف عن أي شيء آخر شهدناه منذ التسعينات، حيث لديها قوات أو حركات تابعة لها في سوريا وأوكرانيا، كما أجزاء من جورجيا. هناك الكثير من الدخان ولكن هناك بالفعل نيران، وهذه النيران تتغذى بالمزيد من الوقود يوميا.

محتوى إعلاني

وسائل الإعلام الحكومية الهولندية كشفت هذا الأسبوع، أن جواسيس الإنترنت لديها من وحدة "سيجينت سايبر" المشتركة (JSCU)، تمكنوا من اختراق كاميرات الدائرة التلفزيونية المغلقة لمبنى تعمل فيه وحدة "كوزي بير" الروسية المتخصصة بالتجسس الإلكتروني، لتكتشف تجسس تلك الوحدة على الحزب الديمقراطي الأمريكي.

وطبقا لما ذكره الهولنديون، فإن الأمريكيين قالوا بعد ذلك لوسائل الإعلام إنهم حصلوا على معلومات من وكالة استخبارات غربية حول الواقعة، ما دفع الروس إلى إيقاف عمل الكاميرات في تلك الوحدة.

وحذر وزير الدفاع البريطاني الجديد، غافن ويليامسون، الذي اختار الحديث الجمعة في خضم صفقة الميزانية ووضع القيادة الداخلية، من مخاوف حول "الآلاف والآلاف" من الوفيات التي يمكن أن تسببها روسيا في بريطانيا، إذا نجحت في اختراق شبكة الكهرباء.

وقال ويليامسون لصحيفة "ديلي تلغراف": "لماذا سيبقى (الروس) يصورون وينظرون إلى محطات توليد الكهرباء، فلماذا ينظرون إلى شبكة الموصلات التي تنقل الكثير من الكهرباء والكثير من الطاقة إلى بلدنا؟ هم ينظرون ويقولون: هذه هي الطرق التي يمكن أن نضر عبرها بريطانيا". كما زعم مسؤولوه أن روسيا قد تستهدف الكابلات عبر الأطلسي التي تنقل الإنترنت إلى المملكة المتحدة.

ووصف المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، التقرير الهولندي بالـ "الهستيريا المناهضة للروس"، قائلا: "إذا كانت الصحف الهولندية تريد صب الزيت على نار الهستيريا المناهضة لروسيا التي تجري حاليا في أمريكا، حسنا ... لنقل إنه ذلك لن يكون أمرا نبيلا."

ووصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ما يجري بأنه حالة "رهاب من روسي"، أو ما وصفها بـ"روسوفوبيا" معتبرا أنه ليس لها مثيل.

وذكر لافروف لصحيفة "كومرسانت" الروسية، في مقابلة نشرتها في 21 يناير/ كانون الثاني، "لم نر ذلك مطلقا خلال الحرب الباردة، فبعد ذلك كانت هناك بعض القواعد وبعض الديكورات".

النخب الحضرية في روسيا باتت على اطلاع واسع على ما يجري في العالم ولم يعد بالإمكان إقناعها بمثل هذه المواقف الحكومية، ولكنها تجد صداها بين القوميين وموظفي الدولة والكثير من سكان المناطق الريفية في روسيا.  لا تزال الحياة صعبة هناك، مع أن أرقام الدولة الرسمية تشير إلى أقل من 14 في المائة من الروس يعيشون تحت "الحد الأدنى لتكلفة المعيشة"، وذلك وفقا لوكالة الأنباء الروسية "تاس".

وفي هذا السرد الطويل من "هم ونحن" تتزايد هذه الادعاءات الغربية الصاخبة حول التهديد الروسي، ووسط سخونة الانقسام السياسي في بريطانيا وأمريكا يصعب في بعض الأحيان معرفة ما إذا كانت روسيا تهدد بشكل بارز العملية الانتخابية الأمريكية بأكملها أم أن نشاطها اقتصر على سرقة بعض الرسائل الإلكترونية ومحاولة الدفع بمقربين منها إلى الدائرة المحيطة بترامب.

يصعب معرفة الحقيقة، خاصة وأن الدبابات الروسية مازالت منتشرة في أوكرانيا والمقاتلات الروسية تحلق فوق سوريا، وفي ظل هذا الوضع لا نعرف ما إذا كانت روسيا تخطط لاختراق دول البلطيق والسيطرة عليها وقطع الطاقة عن لندن أم أنها مجرد دولة تشعر بالقلق وتحاول اكتشاف وجود تهديدات على حدودها.

الأمر لا يهم، فهذا الخوف من الدور الروسي في الغرب هو ما يريده الكرملين إما لتبرير سياساته العدائية بالمقابل، أو لإشاعة الشعور بقوته. لم يُحط بوتين نفسه بشبان من زمن الانترنت والتكنولوجيا، بل أبقى حوله على الدوام رجال من جيله عاشوا ما كان يصفه على الدوام بـ"أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين"، قاصدا بذلك سقوط الاتحاد السوفيتي.

بوتين مازال يتمنى أن يشهد تحولا في ميزان القوى وهو بالتأكيد مسرور لاختيار الناخبين الأمريكيين لرئيس قادر على تبديد النفوذ الأمريكي في العالم. طبعا الخطر الروسي اليوم هو أقل بكثير مما كان عليه في حقبة الاتحاد السوفيتي، ولكن اقتناع الساسة في الغرب وترويجهم لفكرة الخطر الروسي القادم يدفع موسكو للسير باتجاه خيار لا بديل عنه، وهو تحقيق هذه النبوءة.

نشر
محتوى إعلاني