رأي: دعم ترامب للهند سيرتد بتحالف بين الصين وباكستان
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخطوات هادئة بالميل بشكل كبير نحو حليف آخر من جنوب آسيا بعيداً عن باكستان، وهو مواز للصين ويمكن أن يساعد في تعديل التوازنات، وخاصة في المنطقة التي يحتمل أن تكون أكثر حساسية وهي بحر الصين الجنوبي.
هذه الدولة التي يمارس معها ترامب سياسية "عدو عدوي صديقي" هي الهند، وهي حليف لا يشكل التحالف معه أمرا مستغربا، ولكن التقارب معها في الوقت نفسه قد يفتح باباً آخر لصعود الصين التي يمكن أن تظهر أكثر خطورة مستقبلا.
إذاً، متى تطورت هذه العلاقة مع الهند؟ الولايات المتحدة والهند ارتبطا بعلاقة تحالف لبعض الوقت، ولكن ترامب ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عززا بشكل كبير روابطهما على مدى الأشهر القليلة الماضية. وزار مودي ترامب في واشنطن في يونيو/ حزيران الماضي، مستهلا بمجموعة جديدة من المحادثات بين الدول، وبعد ذلك في المنتدى الإقليمي الآسيوي في مانيلا بالفلبين.
وقرر الزعيمان تعزيز الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند والبحث في توسيع واردات النفط الهندية من الولايات المتحدة للمساعدة في تقليص الفجوة التجارية واتفقا على توسيع خط الإمدادات إلى افغانستان الذي تطوره الهند.
وتأمل الهند في العثور على حليف قوي كبير يمكن أن يساعدها على أن تصبح قوة قوية قابلة للحياة بمواجهة الصين، وكل هذا يلعب لصالح الهند، في الوقت ذاته تأمين طرقها البحرية إلى الشرق، فأكثر من ثلثي حجم التجارة في الهند يعتمد على الطرق البحرية.
إن سياسة "انظر شرقا" الجديدة في الهند لا تقتصر على تطوير قدراتها البحرية فحسب، بل تمتد إلى الفضاء مع إطلاق صاروخ باليستي جديد عابر للقارات يضع كل الصين في مرمى استهدافاته. وتشعر الصين بالقلق منذ فترة من الزمن مع النمو الاقتصادي الهائل في الهند، والتوسع العسكري، والتوسع السكاني. هذه السياسة الجديدة تثير حفيظة الصين أكثر.
وما يزيد الأمور تعقيدا أن نمو الهند آخذ في الارتفاع في الوقت الذي بدأت فيه الصين بالاستقرار. وقام صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي، بتعديل توقعاته للنمو الاقتصادي لآسيا بشكل كبير مستندا إلى قوة أداء الهند، مع نمو بنسبة 7.5 في المائة هذا العام و7.8 في المائة في العام المقبل، بزيادة عن النمو 6.7 في المئة المسجل في عام 2017. وعلى النقيض الآخر، تتجه الصين بطريق مختلف، وقد تراجع نموها من 6.8 في المائة العام الماضي إلى 6.6 في المائة هذا العام و6.4 في المائة في العام المقبل.
ولا يوجد أي دليل على أن الولايات المتحدة مستعدة للضغط على التجارة الخارجية للهند كما فعلت مع أبرز الصادرات الصينية من خلال رفع التعريفة الجمركية بشكل كبير على ألواح الطاقة الشمسية والغسالات الصينية. وبطبيعة الحال، التجارة الأمريكية ثنائية الاتجاه مع الهند هي ضئيلة الحجم مقارنة بالتجارة مع الصين، لكنها آخذة في النمو بسرعة، كما تستجيب الحكومة الهندية لضغط إدارة ترامب لتقليص فجوة الميزان التجاري.
كما أن معظم دول جنوب شرق آسيا الأصغر حجما حريصة على رؤية الهند التي عادت إلى الظهور حديثا كشريك تجاري، ولكن على وجه الخصوص كموازنة موثوقة للصين، والتي احتلت المنطقة عسكريا واقتصاديا.
وليس من الغريب، أن الحكومة الباكستانية بدأت تنشط في البحث عن شركاء استراتيجيين جددا. وذكرت وسائل الإعلام الصينية أن الصين قد تقدمت بشغف للمساعدة. وبالفعل، تمتلك الصين استثمارات وقروض في باكستان تتجاوز 100 مليار دولار. كما قامت الصين، كما ذكرت شبكة CNN الإخبارية، بتحرك كبير نحو جارة أخرى للهند، هي سريلانكا، مع عقد ايجار مرفأ كبير لمدة 99 عاما و15 مليار دولار من الاستثمارات.
وأدت مواقف ترامب المختلفة إلى موجة شك لدى عدد من الدول الآسيوية، خاصة بعد انسحابه من اتفاق شراكة المحيط الهادي. وتساءلت تلك الدول عن مدى التزام الولايات المتحدة بتوفير ثقل موازن للهيمنة الصينية في جميع أنحاء المنطقة. بالمقابل يمكن للهند أن تثبت في نهاية المطاف امتلاك ثقل مماثل، ولكن سيكون عليها اللحاق بالصين التي تقف حاليا في المقدمة.
بطريقة أو بأخرى، يتعين على الولايات المتحدة أن تجد طريقة لاختيار أصدقائها بحكمة أكبر. ويجب أيضا أن نقدر عواقب الانحياز لصالح طرف بعينه في لعبة دبلوماسية وعسكرية معقدة وخاصة في هذه المرحلة حيث يبدو أن الإدارة الأمريكية لديها القليل من الفهم لقواعد اللعبة وحجم المخاطر.
- أمريكا
- الصين
- الهند
- باكستان
- الأمن الأمريكي
- الجيش الأمريكي
- الجيش الباكستاني
- الجيش الصيني
- الحكومة الباكستانية
- الحكومة الصينية