رأي.. بشار جرار يكتب: ترامب و"أوباما غيت".. مواجهة ستؤذي بايدن
هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
ما زالت فضيحة "ووتر غيت" التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون المترنح تحت نير حرب فيتنام، ما زالت كابوسا يلاحق ساكني البيت الأبيض. أول ما يتعلمه رجال القانون والسياسة والأمن والصحافة في أمريكا منذ تلك الفضيحة وجوهرها التنصت لغايات التجسس على الخصوم والمنافسين مما يمكن من اصطيادهم قبل تحول صياد الطريدة إلى وليمتها!
مما يجمع الرئيسين الجمهوريين نيكسون ودونالد ترامب هو الطباع الشخصية خاصة سمات الانفعال والألفاظ الحادة وما دونها، إضافة إلى علاقة مع الصحافة ما لبثت أن تحولت من متوترة إلى موتورة.
في المقابل فإن خصومة ترامب القديمة - الجديدة التي يبدو أنها لم تكن سوى جمر تحت رماد، تستند إلى حالة غير مسبوقة من إظهار الرئيس السابق باراك أوباما وكأنه حامي حمى الحريات لا بل وأخلاقيات القيادة المثالية، معززة بسجل نظيف في حياته الشخصية والأسرية الذي فاق أكثر الرؤساء الديمقراطيين شعبية وهما جون كينيدي وبيل كلينتون.
لهذا كانت الصدمة الأولى التي استطاع الجمهوريون من خلالها هز صورة أوباما خارجيا كانت دعم إدارته إن لم يكن رعاية الإسلام السياسي فيما عرف بالربيع العربي، وداخليا في فضيحة "الميتا داتا" التي أقر فيها أوباما بعد إنكار، بأنه سمح لوكالة الأمن الوطني "التنصت" استخباريا - معلوماتيا وليس بالمعنى الحرفي التقليدي لكلمة التنصت على فحوى اتصالات الأمريكيين. التبرير كان يومها هو محاربة الإرهاب وجرائم خطرة أخرى كغسيل الأموال والاتجار بالبشر والمخدرات بحيث تتعرف أجهزة الرقابة عبر خوارزميات بالغة التعقيد والسرية على كلمات مفتاحية ترفع أعلاما حمراء تستدعي التحقق من هوية المتصلين أو فحوى اتصالهم.
نجا أوباما من تلك الفضيحة لكن وبعد 4 سنوات، عادت تداعيات فضيحة "مايكل فلين" الذي طرد من منصبه كمستشار الأمن القومي الخاص بالرئيس "الجديد" حينها ترامب، بعد أربعة وعشرين يوما إثر مزاعم عرفت فيما بعد بفضيحة "التواطؤ الروسي". التحقيقات الداخلية التي تخضع الآن إلى مراجعة بأمر من وزير العدل ومدير مكتب التحقيقات الفدرالية (FBI) تشير إلى نية مبيته تحت ذريعة تلك المزاعم إلى التجسس على ترامب وحملته الانتخابية وكبار الشخصيات الذين حازوا ثقته ومن بينهم حامل رتبة فريق في الاستخبارات العسكرية الأمريكية، فلين وهو الذي أمضى 3 عقود في الخدمة العسكرية والعمل الميداني الاستخباري.
اسم الفضيحة بلغة الاستخبارات هي "إماطة اللثام" أو "رفع غطاء السرية" عن اسم قد يرد في التقارير المكتومة التي لا يطلع عليها سوى الرئيس ودائرته الضيقة في المواقع الحساسة وهم فيما تم كشفه حتى الآن: المرشح الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن، ومستشار الأمن القومي ومديرو وكالة الأمن الوطني والمخابرات المركزية ومستشارة الأمن القومي الأخيرة سوزان رايس والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سمانثا باور.
كل هذه الأسماء وآخرون أرسلوا طلبات بكشف اسم مايكل فلين ومن ثم تسريب اسمه لصحيفة "واشنطن بوست" تحت ضغط إعلامي غير مسبوق بأن الطامة الكبرى ستتحقق بوصول عميل روسي إلى البيت الأبيض جراء مكالمة بين فلين والسفير الروسي في واشنطن التي دعا ترامب وعدد من القادة الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس إلى كشف فحواها على غرار مكالمة ترامب مع نظيره الأوكراني.
عضو مجلس الشيوخ الأمريكي المخضرم السناتور رند بول وصف "أوباما غيت" بالسابقة في خطورتها دون تبني دعوة ترامب وصقور الجمهوريين بفتح تحقيق "جنائي" مع أوباما. في الوقت ذاته قال بول إن ما جرى هو "ضبط جريمة بالجرم المشهود" و"المجرم في حالة تلبّس" وهي الكلمات التي استخدمها ترامب في مؤتمر صحافي قبل أيام اعتبر فيها "أوباما غيت" بأنها أم الفضائح!
ترامب أبدى ثقة بالنصر في قضية "أوباما غيت" لدرجة طرح مسألة إصداره عفوا رئاسيا استباقيا عن أوباما على غرار "بنغازي غيت" ودعوات الجهوريين في هتافات جماهيرية إلى "حبس" كلنتون، وربما كانت "خطيئة" فلين أنه ردد ذلك الهتاف "لوك هير آب" أو "اسجنها"! إلى أين ستصل هذه المواجهة؟ أراها ستؤذي المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن دون المساس بأوباما.