رأي.. بشار جرار يكتب عن عودة بايدن للبيت الأبيض: عفو الشكر وطعون الانتخابات
هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
مضى الثلاثاء العظيم ولم تنقض بعد تداعياته. حتى كتابة هذه السطور صبيحة الإثنين ما زال الوضع على حاله وعلى "المتضررين" اللجوء إلى القضاء!
الواقعية السياسية لا الصوابية السياسية هي التي دفعتني لانتخاب الرئيس الحالي دونالد ترامب مرتين، هي ذاتها التي تجبرني اليوم على الإقرار بأن الرئيس المنتخب جوزيف بايدن هو الرئيس الـ46 لبلادي، لوطني الثاني الولايات المتحدة الأمريكية.
وليس من أبلغ مما نحن فيه كأمريكيين، بداية الأسبوع الأول التالي للانتخابات التي ما زال غبارها عجاجا في الولايات الخمس المتأرجحة وأكثرها خطورة بنسيلفانيا، ميشيغان وجورجيا. اليوم – الإثنين – هو بداية يوم العمل الأسبوعي في أمريكا لكنه أيضا هو يوم تقديم الطعون وعددها 10 بحسب رودي جولياني كبير محامي الرئيس ترامب، كما أنه يوم العمل الأول للرئيس المنتخب بايدن ونائبته كامالا هاريس وليس (كاملة) كما يحلو للمهوسين في تعريب كل شيء!
اليوم -وهذا هو الأهم- بالنسبة للمستقبل وللحاضر في آن واحد، هو التصدي لجائحة كوفيد التي ما زلت على قناعة راسخة بأنها ذلك الطاعون الآتي من الصين كما وصفها ترامب. تصويت واحد وسبعين مليون أمريكي، لصالح ترامب رغم مزاعمه حول التزوير، رقم لا يستهان به والأهم الرقم الأعلى بأربعة ملايين التي حققها بايدن والأهم من كليهما نسبة المشاركة غير المسبوقة في الاقتراع منذ قيام العالم الجديد وتربع تلك "المدينة المشعة على التلة المرتفعة" على عرش العالم الحر.
اليوم وبينما ينشغل فريق ترامب بمعارك قد تستغرق شهرا قضائيا وأربع سنوات سياسيا، سارع السياسي المخضرم بايدن بخبرة سبعة وأربعين عاما في واشنطن (مجلس الشيوخ) وثمانية أعوام في البيت الأبيض (نائبا للرئيس)، سارع إلى التعامل مع من أطاح ترامب بكل إنجازاته الاقتصادية والسياسية التي لا ينكرها حتى ألد خصومه، وهو كوفيد 19.
هل ينجح بايدن؟ سؤال مطروح قبيل إصدار وشيك لعدد من المطاعيم أمريكية الصنع. برأيي قطعا سينجح، سيما وأن الاحتفالات الجماهيرية المكتظة التي شهدناها فور اعلان المحطات الأمريكية بما فيها فوكس نيوز فوز بايدن وهاريس في الانتخابات. على نحو متوقع، تلاشت حالة الهلع من فيروس كورونا، كنت حينها خارجا من مبنى نادي الصحافة الوطنية بواشنطن على بعد مسافة عشر دقائق من البيت الأبيض والكونغرس والمحكمة العليا ولم أر مظاهر خوف بل فرح غامر لم ترتفع خلاله فقط أعلام ولافتات تعبر عن نشوة الانتصار وإنما أيضا – وهذا المقلق – صيحات شماتة بترامب وواحد وسبعين مليونا انتخبوه وأنا منهم.
بكل الأحوال، كلمة القضاء هي العليا وقولها هو القول الفصل. لحين ذلك، لدي رئيسان يمثلان الأمة الأمريكية الواحدة. أمة تجاوزت ويلات حربين عالميتين وحروب خارجية طوال كارثية وحرب أهلية طاحنة وطعنات غدر من إرهابيين وأحيانا من أقرب الحلفاء. هذه أمة حية قادرة على البقاء وتحويل كل عقبة كأداء إلى منصة انطلاق إلى الأمام ونحو الأعلى.
لن تأخذني بعيدا مرافعات القضاء فالعفو أسمى من العدل.. من نعم ربنا علينا كأمة، ثقافة الشكر وعيد الشكر. بصرف النظر عن طعون ترامب، مازال هو الرئيس الذي سيقوم ربما لآخر مرة، بإصدار قرار العفو الرئاسي عن ديكي الحبش قبل حلول عيد الشكر والذي يصادف هذا العام خميس السادس والعشرين من نوفمبر الجاري، ف"هلا بالخميس"!