روسيا تخفض سعر الفائدة.. حيلة علاقات عامة أم إثبات قوة؟
لندن، المملكة المتحدة (CNN Business) -- خفضت روسيا أسعار الفائدة، الخميس، حيث أدى انتعاش الروبل - مدعومًا بعائدات النفط والغاز القوية والدعم الحكومي - إلى تخفيف بعض الضغط عن اقتصادها غير المستقر.
وفي اجتماع استثنائي، خفض البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة من 14% إلى 11%. وقال إن المزيد من التخفيضات قد تتبعها، بعد أن تم رفع أسعار الفائدة إلى 20٪ في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط، وذلك عندما حاول البنك احتواء العقوبات الغربية.
وقال البنك المركزي الروسي، في بيان، إن "ضغط التضخم يخف على خلفية ديناميكيات سعر صرف الروبل وكذلك الانخفاض الملحوظ في توقعات التضخم للأسر والشركات".
وتابع البيان أنه من المتوقع أن تنخفض نسبة التضخم من 17.5% هذا الشهر إلى ما بين 5 و7% هذا العام.
كان الروبل قد انخفض إلى مستوى قياسي بلغ نحو 135 مقابل الدولار الأمريكي في أعقاب الغزو حين جمد الغرب حوالي نصف احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية التي تُقدر بـ 600 مليار دولار، كما غادرت مئات من الشركات العالمية/ المتعددة الجنسيات، وحُظرت روسيا من شراء الخدمات التكنولوجية الغربية الرئيسية.
لكن وفقًا لرويترز فإن العملة الروسية انتعشت منذ ذلك الحين وهي الأفضل أداءًا عالميًا هذا العام مدعومة بضوابط على رأس المال تهدف إلى إجبار الشركات والمستثمرين على شراء الروبل وارتفاع أسعار الطاقة العالمية كما يشتري دولار أمريكي واحد الآن حوالي 62 روبلا.
بالرغم من الجهود الغربية للحد من واردات الطاقة الروسية إلا إنها كانت بطيئة الحركة في وقت عزّز ارتفاع أسعار النفط والغاز خزائن الكرملين.
في السياق، قال كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، ويليام جاكسون، في مذكرة بحثية، إن :" النقطة الأساسية هي أن عائدات النفط والغاز المرتفعة توفر لصانعي السياسات شريان حياة، مما يسمح لهم بالرد على الإجراءات الاقتصادية الطارئة".
وأضاف: "في ظل هذه الخلفية، يبدو أن المزيد من التيسير في ضوابط رأس المال وتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة أمر محتمل".
وأمضى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سنوات قبل الحرب في محاولة لبناء "اقتصاد حصين" مراكمًا الاحتياطيات التي يمكن استعمالها في حالة الطوارئ، كما أعلن الأربعاء عن زيادة بنسبة 10٪ في المعاشات والحد الأدنى للأجور للمساعدة في حماية الروس من تأثير التضخم.
لكن الاقتصاد الروسي لا يقوم على أساس متين وهذه الضوابط على رأس المال واحتياطيات الطوارئ يمكن أن تستمر فقط لفترة محدودة. وتعني القيود الأمريكية الجديدة أن روسيا قد تتخلف قريبًا عن سداد ديونها الخارجية للمرة الأولى منذ أكثر من قرن.
وقال كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في بلوباي لإدارة الأصول، تيموثي آش، إن خفض بوتين سعر الفائدة كان جزءًا من حملة علاقات عامة.
"حرب المعلومات"
وقال لـ CNN Bunsiness إنهم في حرب معلومات مع الغرب، والروبل جزء من ذلك.
سيأتي ركود عميق هذا العام كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 8.5 %، وذلك نتيجة العقوبات القاسية المفروضة على موسكو.
ومع ذلك، لا يزال يتعين على تلك العقوبات أن تضرب بعمق في قلب موارد الوقود الأحفوري لروسيا. وبالرغم من أن موسكو تواجه صعوبة في بيع نفطها وفحمها، لكن أكبر زبائنها في مجال الطاقة أي الاتحاد الأوروبي لا يزال غير قادر على الاتفاق على حظر نفطي وفرض حظر تام على واردات الغاز الطبيعي الروسي ليس مطروحًا حتى على الطاولة.
فكما يظهر الإنفوغرافيك أن روسيا منذ أبريل/نيسان 2021 إلى مايو/أيار 2022 صدرت الكمية الأكبر من النفط الخام إلى الدول الأوروبية بنسبة 53% بتيعها الصين بنسبة 26% ثم تركيا وكوريا الجنوبية بنسبة 4%، لكل دولة منهما يتبعهما أمريكا والهند بنسبة %3 لكل دولة و6% موزعين على دول أخرى.
تقلل روسيا الآن من توقعاتها لتراجع إنتاجها النفطي هذا العام. كما أفادت وكالة الإعلام الروسية الخميس الماضي إن نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك قال إن إنتاج النفط قد ينخفض إلى ما بين 480 مليونا و500 مليون طن، بانخفاض حوالي 6.5% بحلول عام 2021 بعد أن كانت وزارة الاقتصاد الروسية قد توقعت في السابق تراجعا بنحو 9.3 %هذا العام.
ونُقل حديث نوفاك للصحفيين خلال زيارة لإيران حيث قال: "أعتقد أن الانكماش سيكون أقل بكثير"، مضيفًا: "كان هناك شهر واحد فقط من الانكماش بأكثر من مليون برميل يوميًا، وهو ليس بهذا الحد الآن. لذلك، أعتقد أنه سيكون هناك انتعاش في المستقبل".
بينما يتجنب العديد من التجار والمصافي الغربية النفط والفحم الروسي، تحركت الهند والصين لتعويض بعض الركود.