اهتزاز الثقة بشرطة لندن مع تراكم قضايا الجرائم الجنسية ضد الضباط
لندن، المملكة المتحدة (CNN)— في مهنة مميزة لمدة 30 عامًا في شرطة العاصمة البريطانية لندن، شهد الشرطي دال بابو نصيبه العادل من السلوكيات الصادمة. ومع ذلك، فإن التعامل مع الاعتداء الجنسي على مجندة من قبل رئيسها أثار اشمئزازه لدرجة أنه لم ينس الحادث أبدا.
وادعى بابو، كبير المشرفين السابق، أن رقيبا في المباحث قد أخذ شرطية شابة لإجراء مكالمة واعتدى عليها جنسيا. وقال بابو: "لكنها كانت شجاعة للإبلاغ عما حدث لها، وأنه سعى إلى إقالته لكنه كان يحظى بالحماية من قبل ضباط آخرين".
وأوضح بابو أن الرقيب المعني سُمح له بالخدمة حتى تقاعده، بينما قررت المرأة مغادرة القوة.
وقال بابو إن الحادث المزعوم وقع منذ حوالي عقد من الزمان، وإنه استقال في عام 2013 بعد أن تم تجاوزه في الترقية. ومع ذلك، ورغم العديد من الأحداث العامة التي مرت منذ ذلك الحين، إلا أن أكبر خدمة شرطية في المملكة المتحدة لا تزال تتعرض للاهتزاز بسبب الادعاءات بأنها لا تفعل شيئا يذكر لضمان سلامة المواطنين من بعض موظفيها.
وفي أحدث تلك القضايا، أقر ديفيد كاريك، وهو ضابط من نفس القوة، بأنه مذنب في 49 جريمة ضد 12 امرأة على مدار 18 عاما، بما في ذلك 24 تهمة اغتصاب.
وجاء اعترفا كاريك، في 16 يناير/كانون الثاني الجاري، بعد عامين تقريبًا من وفاة سارة إيفرارد، وهي امرأة شابة تم انتزاعها من شارع بلندن من قبل واين كوتنز، وهو ضابط آخر في قوة شرطة لندن مثل كاريك.
وكانت إيفرارد خدمت مع وحدة حماية النخبة والدبلوماسية في البلاد، وتلك القوة مسلحة على عكس العديد من القوات الأخرى في المملكة المتحدة.
وتعرضت إيفرارد، 33 عاما، للاغتصاب والقتل قبل أن يتم إلقاء جثتها في غابة على بعد حوالي 60 ميلًا من لندن، في مقاطعة مجاورة للمكان الذي كان يعيش فيه كوتنز.
وتبين لاحقا أن مهاجمها كان له تاريخ من سوء السلوك الجنسي، تمامًا مثل كاريك، الذي تعرض لشكاوى متعددة قبل وأثناء حياته المهنية التي استمرت 20 عامًا في الشرطة، ولكن دون جدوى.
وكشف استطلاع رأي أجري بتكليف من هيئة رقابية حكومية، في أعقاب مقتل إيفرارد أن أقل من نصف مواطني المملكة المتحدة لديهم موقف إيجابي تجاه الشرطة، كما أظهرت دراسات استقصائية أخرى أن الثقة في الشرطة استمرت في الانخفاض.
ووضع متظاهرون 1071 تفاحة فاسدة خارج "اسكتلاند يارد" مقر شرطة العاصمة، الجمعة، لتسليط الضوء على نفس العدد من الضباط الذين تم وضعهم قيد المراجعة الجديدة في 1633 حالة من الاعتداء الجنسي والعنف ضد النساء والفتيات خلال العقد الماضي.
واعتذر مفوض شرطة العاصمة مارك رولي عن الإخفاقات التي أدت إلى عدم القبض على كاريك في وقت سابق. وأعلن عن مراجعة شاملة لجميع هؤلاء الموظفين الذين يواجهون اتهامات، وقال: "أنا آسف، أعلم أننا خذلنا النساء".
ونشر رولي، الجمعة، "خطة تحول" لإصلاح شرطة العاصمة، قائلاً إنه "مصمم على استعادة ثقة سكان لندن".
وأوضح في بيان أن من بين الإصلاحات التي يريدها على مدى العامين المقبلين إنشاء قيادة لمكافحة الفساد وسوء المعاملة، وإنشاء "أكبر وجود للشرطة على الإطلاق في لندن".
كما أعرب رولي عن أسفه لأنه لا يملك القدرة على إقالة الضباط الخطرين، لأنه لا يمكن فصل ضباط الشرطة إلا عن طريق محاكم خاصة تطول مدتها. وقد تصل إلى 400 يوما في المتوسط لحل مشكلة مرتبطة بادعاء مرتبط بسوء السلوك.
وقدم مركز Wistrich's for Women's Justice، في البداية ما يسمى بالشكوى الفائقة في مارس 2019، حيث سلطت الضوء على كيفية إساءة استخدام التدابير الحالية المصممة لحماية ضحايا العنف المنزلي بشكل عام من قبل الشرطة.
وفي السنوات الثلاث اللاحقة، حيث شهدت عمليات الإغلاق المتتالية لمكافحة كورونا، ضحايا محاصرين في المنزل مع من اعتدوا عليهم، وتراجعت الملاحقات القضائية لمثل هذه الجرائم، قال المركز إنه لاحظ اتجاها من شركاء ضباط الشرطة للتواصل معه.
وأضاف المركز لشبكة CNN: "لقد تلقينا عددا من التقارير من النساء اللائي وقعن ضحايا لضباط الشرطة، وهن عادة ضحايا للعنف المنزلي ولم يكن لديهن الثقة للإبلاغ أو إذا شعرن أنهن خذلن على نطاق واسع وأحيانًا يتعرضن لإجراءات جنائية ضدهن".
وأبدى المركز تشاؤمه بشأن ما إذا كانت الشرطة ستنفذ الإصلاحات المطلوبة أم لا.
ويقول بابو، الذي كان أكبر ضابط آسيوي بشرطة العاصمة لندن، إن تآكل الثقة في الشرطة البريطانية ليس بالأمر الجديد. في الواقع، لقد تراجعت الثقة لسنوات لا سيما بين مجموعات الأقليات العرقية، وغيرهم من الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، والتي غالبا لا يتم الإبلاغ عن سوء معاملتها على أيدي الضباط المارقين في المجال العام.
ويواجه أربعة من ضباط شرطة العاصمة تحقيقا في سوء سلوك جسيم بعد أن أمروا بتفتيش فتاة تبلغ من العمر 15 عاما في مدرسة بجنوب لندن العام الماضي. ووجد تقرير الحماية أن قرار تفتيش الفتاة غير قانوني ومن المحتمل أن يكون بدافع العنصرية.