رأي.. خلف بن أحمد الحبتور يكتب لـCNN: العالم بحاجة لعودة دور "العم سام"

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: NIKOLAY DOYCHINOV/AFP via Getty Images

هذا المقال بقلم خلف أحمد الحبتور، رجل أعمال إماراتي ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور الإماراتية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأيه ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

محتوى إعلاني

عام ثان من الحرب الروسية الأوكرانية قد بدأ، وقد تخطى عدد الضحايا من المدنيين الذين سقطوا من الطرفين الـثمانية آلاف ضحية وأكثر من 13000 ألف جريح، بحسب مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR)، فيما أعلنت هيئة الأركان المشتركة الأمريكية أن أكثر من مئة ألف جندي من كل جانب قتلوا وجرحوا منذ بدء الحرب. أرقام مهولة! الخسائر البشرية لا تقدّر بثمن، ولا شيء يمكن أن يعوّض تضحيات ما يقارب ثلث الأوكرانيين المدنيين الذي هُجِّروا من منازلهم ونزحوا خوفاً من تداعيات الحرب بحثاً عن ملجأ آمن لعائلاتهم. أما بالنسبة للخسائر الاقتصادية، فحدّث ولا حرج.

محتوى إعلاني

مما لا شكّ فيه أن أوكرانيا هي، إلى أبعد حدّ، الخاسر الأكبر اقتصادياً. فقد انخفض الناتج الاقتصادي الأوكراني بنسبة بلغت 35 بالمئة وفقاً للتقديرات الأخيرة، كما تعرضت البنية التحتية للبلاد لأضرار جسيمة وطويلة المدى. حتى مع وجود مساعدات اقتصادية دولية بعد نهاية الحرب، سوف تحتاج أوكرانيا عقودًا لاستعادة مستوى إنتاجها إلى ما قبلها.

أما بالنسبة للخسائر الاقتصادية خارج الحدود الأوكرانية، فبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، قد تكلف الحرب الروسية الأوكرانية الاقتصاد العالمي حوالي 2.8 تريليون دولار من حيث الخسائر في الإنتاج، علماً أنه من السابق لأوانه تقييم التأثيرات طويلة المدى على الاقتصاد العالمي. ومنذ بدء الحرب، قدّم معظم أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي مساعدات مادية وعسكرية وإنسانية مباشرة، تتعدى الـ 150 مليار دولار، ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بما يزيد عن الـ 75 مليار دولار منها وحدها.

لقد بدأت ملامح الامتعاض تظهر في أمريكا جراء الكلفة المتزايدة لهذه الحرب على دافعي الضرائب الأمريكيين. حتى أن الإعلام الأمريكي، الذي كان يقود لواء هذه المواجهة ضد روسيا، بدأ يوجّه تساؤلات كثيرة عنها وعن مصيرها.

استوقفتني جملة وردت في مقال للكاتب مايكل مكينا في جريدة "واشنطن تايمز" قال فيها إن "الخط الفاصل بين تقديم "المساعدة" لأوكرانيا وكون أمريكا أمة مقاتلة فعلية في هذا الصراع أصبح مبهماً". وأضاف "سيكون الأمر مقبولاً إذا كنا واحدة من العديد من الدول التي تقدم مثل هذه المساعدة العسكرية، لكن الحقيقة هي أن الأوروبيين قدموا التصريحات في الغالب، فيما قدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا حوالي 50٪ أكثر مما أعطته كل دولة في أوروبا مجتمعة."

لا أفق لانتصار أي من الطرفين في هذه الحرب. كل ما هو حاصل حتى اللحظة هو استمرار إراقة الدماء والدمار في حرب، لو تم التعامل معها بالطريقة المسؤولة، لكانت انتهت قبل بدايتها. المطلوب من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تسعى للحوار وإيجاد حلّ سلمي.

لقد اعتدنا عبر التاريخ أن تلعب بلاد العم سام دور الأخ الكبير في حل النزاعات حول العالم. مطلوب من الإدارة الأمريكية استعادة هذا الدور لإنقاذ الأرواح الأوكرانية والروسية، والحدّ من حالة التشرد والمجاعة. وذلك من خلال مراجعة حساباتها وإعادة دراسة النتائج المحتملة للنزاع بين روسيا وأوكرانيا. أكرر سؤال الكاتب مكينا: "كيف برأيهم ستنتهي هذه القصة؟ عدا عن قصة "والت ديزني الخيالية" التي تفوز فيها أوكرانيا ويعيش الجميع في سعادة دائمة؟"

مع عدم وضوح الرؤيا، ستزداد الحملات الإعلامية في الداخل الأمريكي وفي أوروبا تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، وسيستمر النزيف البشري من الطرفين المعنيين بالمواجهة العسكرية، وستزداد الخسائر الاقتصادية التي تئن من وزرها الشعوب الأوروبية والأمريكية.

لقد قدمت الصين مبادرتها لحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا، مطالبة بوقف فوري للقتال، إلا أن الإدارة الأمريكية لاقت مبادرة بكين باستخفاف ووأدتها قبل ولادتها. كما صرّح رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان داعياً لإجراء محادثات مباشرة بين الرئيسين الأميركي والروسي حول الحرب في أوكرانيا، تبعه تحذير وزير الخارجية المجري بيتر سيجارتو بأن العالم بات في الساعة "الخامسة والعشرين" لكي يتجنب حربا نووية وشيكة.

كل المعطيات تشير إلى خطر اندلاع حرب عالمية كبرى، قد تتحول إلى نووية، إن لم يعم السلام ساحة الصراع الروسي الأوكراني فوراً. لذا أدعو الرئيس بايدن لاتخاذ موقف تاريخي ترجوه منه شعوب العالم لحل الصراع ووقف هذه الحرب التي إن استمرت فستجعلنا نشهد آلاف الصواريخ النووية العابرة للقارات تتسابق فيما بينها في فضاء الأرض ولن تسلم أي دولة منها حتى أميركا.

نشر
محتوى إعلاني