تحليل لـCNN: الجنرالات الروس"المفقودون" يكشفون عن تصدعات في الجيش المتعثر

نشر
8 دقائق قراءة

تحليل من تيم ليستر وآنا تشيرنوفا بشبكة CNN

محتوى إعلاني

(CNN)-- قد يُنظر إلى خسارة جنرال واحد خلال حرب تسير على نحو سيئ على أنه أمر مؤسف؛ ولكن أن تفقد اثنين في غضون 24 ساعة يبدو الأمر كإهمال، لكن هذا ما حدث للقيادة الروسية في جنوب أوكرانيا، وتوضح الحالتان المزيد من أوجه القصور والمعارضة بين القيادة العسكرية الروسية.

محتوى إعلاني

ففي وقت مبكر من يوم الثلاثاء، ضرب صاروخ أوكراني فندقا في بلدة بيرديانسك الساحلية كان استولى عليه الجيش الروسي.

وكان الجنرال أوليغ تسوكوف، نائب قائد المنطقة العسكرية الجنوبية والشخصية الرئيسية في جهود الدفاع الروسية عن المناطق المحتلة في جنوب أوكرانيا، من بين العديد من الضحايا الروس، ويُعتقد أنه كان الأقدم بين ما يقرب من 10 جنرالات روس قتلوا في الحملة على أوكرانيا حتى الآن.

ويبدو أنه لم يكن سرا أن جيش الأسلحة المشتركة الـ58 جعل من الفندق مقرا له - لكن تسوكوف انتقل مع ذلك إلى مكانه، وذلك بعد إصابته بجروح بالغة في الخريف الماضي في غارة أوكرانية بالقرب من سفاتوف.

ويعتبر جيش الأسلحة المشتركة الـ58 عنصرا حاسما في الدفاع عن خطوط المواجهة في منطقة زاباروجيا الغربية، حيث تحاول القوات الأوكرانية تحقيق اختراق في هجومها المضاد.

ولكن كان هناك ما هو أسوأ، أسوأ بكثير، في المستقبل.

ففي وقت متأخر من يوم الأربعاء، ظهرت رسالة صوتية مدتها 4 دقائق من الجنرال إيفان بوبوف، قائد جيش الأسلحة المشتركة الـ58، انتقد فيها ما وصفه بـ"خيانة" القيادة العسكرية الروسية، و"أوجه القصور التي تسببت في إصابات جماعية بين رجاله".

وأكدت رسالته على أوجه القصور الرئيسية في الدفاعات الروسية، والتي يحاول الأوكرانيون بوضوح استغلالها من خلال القصف ببطاريات صواريخ بعيدة المدى، وقال بوبوف إنه "أثار أسئلة حول عدم وجود مضادات للصواريخ، وغياب مراكز استطلاع المدفعية وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من إخواننا بنيران مدفعية العدو، لقد أثرت أيضًا عددًا من المشكلات الأخرى وعبرت عنها جميعًا على أعلى مستوى".

ووفقا لمعهد دراسة الحرب، فإن شكاوى بوبوف قد تكشف مشاكل مهمة لدى للروس مثل أنهم "يفتقرون إلى الاحتياطيات التشغيلية التي من شأنها أن تسمح لهم بإجراء عمليات تناوب للأفراد الذين يدافعون ضد الهجمات المضادة الأوكرانية، وأن الخطوط الدفاعية الروسية قد تكون هشة".

وشن بوبوف، في رسالته، ما يبدو أنه هجوم مرير على رئيس أركان الجيش الروسي، فاليري غيراسيموف، حيث قال: "لم تستطع القوات المسلحة الأوكرانية اختراق جيشنا من الجبهة، لكن قائدنا ضربنا من الخلف، وقطع رأس الجيش في أصعب اللحظات بطريقة غادرة وحقيرة".

وطالت شكوى بوبوف وزير الدفاع سيرغي شويغو حيث قال: "على ما يبدو، شعر كبار القادة بالخطر، وبسرعة، وفي يوم من الأيام، أعدوا أمرا لوزير الدفاع، وأبعدوني من الأمر، وتخلصوا مني".

"دعم هائل"

أشار مدونون عسكريون روس إلى أن كلا من تسوكوف وبوبوف ألهما رجالهما بالولاء، فقد كان تسوكوف (51 عاما) ، كان نجما صاعدا في الجيش الروسي، ففي عام 2021 ألقى كلمة في حفل بالكرملين حضره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للطلاب العسكريين.

وأشار المدون العسكري ريبار في تعليق طويل إلى أن "بوبوف يتمتع بدعم هائل من الجنود: لقد أصيب المقاتلون في الخطوط الأمامية بالإحباط الشديد بسبب الأخبار المتعلقة بإقالة الجنرال بوبوف الصادق البسيط والواضح".

وكانت تصريحات بوبوف الأخيرة كقائد تستهدف بالفعل لقواته، قال: "تصبحون على خير، المقاتلون الأحباء، والأقارب المحبوبون، وأنا متاح لكم دائما، إنه لشرف لي أني كنت معكم".

إن فقدان القادة الذين يلهمون الولاء ليس إهمالا فحسب، فمن المحتمل أن يكون خطيرا، وليس الأمر كما لو أن جيش الأسلحة المشتركة الـ58 نموذج فرديا أفقد ثار تمرد مجموعة المرتزقة فاغنر في نهاية يونيو/ حزيران التساؤل حول فعالية وولاء العديد من الشخصيات رفيعة المستوى، والعديد منهم لم يُرَ منذ ذلك الحين.

فمع بدء التمرد، ظهر الجنرال أوليغ سوروفيكين، قائد القوات الجوية الروسية، في مقطع فيديو حيث ناشد رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين إيقاف تمرده، وكان سوروفيكين على علاقة جيدة مع بريغوجين، الذي أعرب عن إعجابه بالجنرال.

وفي الواقع، كان سوروفكين هو الذي نظم انسحابا منظما من خيرسون في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ونال الثناء على قيامه بذلك، بعد تعيينه قائدا للقوات الروسية في أوكرانيا.

ولكن بعد ذلك تم استبداله في يناير/ كانون الثاني، ولم يُرَ منذ أن تمرد فاغنر، وسط تكهنات شديدة حول وضعه، وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما أندريه كارتابولوف، الأربعاء، إنه كان "مستريحا"، مثير للفضول في وسط حرب لا تسير على ما يرام، فيما حول الكرملين الأسئلة المتعلقة بسوروفيكين إلى وزارة الدفاع.

ووجد كارتابولوف نفسه يوم الخميس يجيب على المزيد من الأسئلة، هذه المرة حول بوبوف، وقال: "أنا متأكد من أنهم سيحلون المشاكل يجب أن يخدم بوبوف في الجيش، إنه جنرال واعد، لديه كل شيء".

وكان كارتابولوف قد قاد بنفسه ذات مرة جيش الأسلحة الـ58، لكن كارتابولوف كان لديه أيضًا ما يمكن اعتباره رسالة مستترة لوزارة الدفاع ، مضيفًا على تلغرام: "أهم مهارة لأي رئيس هي القدرة على رؤية المشاكل وسماع مرؤوسيه، لذلك، أعتقد أن أولئك الذين من المفترض أن يفعلوا ذلك سمعوا ورأوا وسيتخذون إجراءات".

الارتباك وعدم اليقين

وكان المدونون العسكريون الروس أقل تحفظا، فهذه ليست هي المرة الأولى التي أثاروا فيها قضية تصفية الحسابات، فقد قال ريبار أحد أبرز المدونين، إن مصير بوبوف يوضح "مطاردة الساحرات" التي بدأت بعد تمرد بريغوجين.

وقالت المنصة غير الرسمية VChK-OGPU يوم الأربعاء إن "الحرب" داخل وزارة الدفاع مستمرة. وزعمت أن غيراسيموف هو من طالب بإقالة بوبوف، واتهمه بـ "إثارة الذعر وابتزاز القيادة".

وزعمت المنصة أن بوبوف "هدد بالذهاب مباشرة إلى بوتين وأن غيراسيموف بعد ذلك أقاله من منصبه وأرسله إلى الخطوط الأمامية".

مكان وجود بوبوف غير معروف

وسط كل الغموض والارتباك، تحافظ وزارة الدفاع الروسية على الصمت، فلم ترد أنباء عن تسوكوف بعد يومين من مقتله؛ لا إقالة بوبوف الدراماتيكية، لا تعليق على مكان وجود سوروفيكين.

وما تقدمه وزارة الدفاع، عندما يتم التشكيك في قيادتها، هو ظهور مرتب بشكل جيد للوزير شويغو، وغيراسيموف بعد فترة وجيزة من التمرد، شوهد شويغو في جولة تفتيش في مكان ما في أوكرانيا (على الرغم من أن وقت تصوير الفيديو لا يزال مثيرا للتساؤل).

ومع انتشار الشائعات حول سوروفيكين، شوهد غيراسيموف بشكل بارز في مؤتمر عبر الهاتف مع نائب سوروفيكين.

ويقول الخبراء الغربيون إن الخصومات الصغيرة، مدفوعة جزئيا بالفساد المستشري، الذي تتغلغل في وزارة الدفاع والعديد من مستويات القوات المسلحة، على الرغم من الاحتياجات الملحة للحملة في أوكرانيا، وهو ما يعني أن الحملة العسكرية ستعاني من انتكاسات وارتباك، ويعد فقدان قادة إشارة أخرى على أن "العملية العسكرية الخاصة" لروسيا تبدو أقل تميزا ونجاحا.

نشر
محتوى إعلاني