تحليل لـCNN: كيف تغيرت خطوط بوتين الحمراء خلال حرب أوكرانيا؟

نشر
8 دقائق قراءة

تحليل بقلم كريستيان إدواردز من شبكة CNN

(CNN)--  خلال أكثر من 1000 يوم من الحرب، حذر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرارا وتكرارا حلفاء كييف الغربيين من العواقب الوخيمة- النووية المحتملة- إذا "صعدوا" الحرب من خلال منح أوكرانيا الأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها.

محتوى إعلاني

وأصبحت تهديدات بوتين أكثر شراسة هذا الشهر بعد أن منحت إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن كييف أخيرا الإذن بإطلاق أسلحة أمريكية بعيدة المدى على أهداف في عمق روسيا.

 وردا على ذلك، قام بوتين بتحديث العقيدة النووية الروسية وأطلق صاروخا باليستيا جديدا قادرا على حمل رؤوس نووية على أوكرانيا.

وتم فهم الرسالة على أنها تهديد واضح لمؤيدي أوكرانيا: لا تختبرونا.

لكن بعد ما يقرب من 3 سنوات من الحرب، اتخذت هذه التطورات إيقاعا مألوفا، ففي كل مرة تقدم فيها أوكرانيا طلبا- أولا الدبابات، ثم الطائرات المقاتلة، ثم القنابل العنقودية، ثم الصواريخ بعيدة المدى- كان حلفاؤها في حيرة بشأن ما إذا كانوا سيوافقون عليه، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع واستفزاز رد فعل روسي.

وفي كل مرة، عندما قبل الغرب أخيرًا طلبات أوكرانيا، لم تتحقق التهديدات الأكثر كارثية التي أطلقتها روسيا، فما كان محظورا في أحد الأسابيع أصبح أمرا طبيعيا في الأسبوع التالي.

ورغم التهديدات المتزايدة التي أطلقها بوتين منذ انهيار المحظور الأخير، إلا أنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن هذه المرة ستكون مختلفة، وفقا لما قاله المحللون لشبكة CNN.

وبدلا من ذلك، قالوا إن رد الفعل القلق إزاء الصلاحيات الممنوحة حديثا لأوكرانيا هو مثال آخر على استراتيجية الكرملين الناجحة في إجبار الغرب على رؤية الصراع وفقا لشروط روسيا، وخلط كل محاولة جديدة من جانب أوكرانيا لمقاومة العدوان الروسي باعتبارها "تصعيدا" كبيرا.

وإلى جانب ساحات المعارك، انخرط الكرملين في معركة لإجبار الغرب على الجدال من منطلقات روسية وليس من منطلقاته الخاصة و"اتخاذ القرارات في هذا الواقع البديل والذي سيسمح لروسيا بالفوز في العالم الحقيقي"، بحسب تقرير صادر عن معهد دراسة الحرب في مارس/ آذار.

وقالت كاترينا ستيبانينكو، إحدى مؤلفي التقرير، لـCNN إن الاستراتيجية كانت إحياء لمفهوم "السيطرة الانعكاسية" السوفييتي، حيث تفرض موسكو مجموعة زائفة من الخيارات على خصمها، مما يجبر الخصم على اتخاذ قرارات ضد مصالحه الخاصة.

وقالت ستيبانينكو: "المناقشات الغربية المستمرة والتأخيرات في المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا هي مثال واضح على استراتيجية السيطرة الانعكاسية الناجحة للكرملين، والتي ألزمت الغرب بالردع الذاتي على الرغم من التصعيد الروسي الروتيني للحرب".

ويمكن رؤية هذه الاستراتيجية عمليا، الخميس، بعد أن شنت روسيا هجوما واسع النطاق استهدف شبكة الكهرباء في أوكرانيا

ورغم أن بوتين قال إن الهجوم كان "ردًا من جانبنا" على قرار إدارة بايدن بشأن الصواريخ الأبعد مدى، فإن روسيا لم تكن بحاجة إلى ذريعة لمثل هذه الضربات في الماضي.

وقالت ستيبانينكو إن التغييرات الأخيرة في السياسة التي أجراها حلفاء أوكرانيا الغربيون، والتي جاءت بعد أن شاركت روسيا حوالي 11 ألف جندي من كوريا الشمالية في جهودها الحربية "ليست تصعيدا كما يحاول الكرملين تصويرها".

وأضافت: "شنت روسيا غزوًا كامل النطاق غير مبرر لأوكرانيا وكانت تصعد الحرب بشكل روتيني لدعم مبادرتها في ساحة المعركة، والموافقة على استخدام أوكرانيا لأنظمة صاروخية بعيدة المدى ضد روسيا تسمح أخيرا لأوكرانيا بتقوية قدراتها.".

"سياسات هراء"

أرسلت إدارة بايدن أنظمة صواريخ تكتيكية للجيش من صنع الولايات المتحدة إلى أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام، لكنها وضعت شروطًا صارمة على كيفية استخدامها: يمكن إطلاقها على أهداف روسية في أوكرانيا المحتلة، ولكن ليس على أراضي روسيا.

وقال ويليام ألبرك، المدير السابق لمركز مراقبة الأسلحة ونزع السلاح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل التابع لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن "هذه السياسة لا معنى لها، وكانت لصالح روسيا بشكل كبير".

وأضاف ألبرك لـ CNNأنه من خلال تزويد أوكرانيا بتلك الصواريخ، ولكن السماح لها فقط بضرب أجزاء من أوكرانيا التي تحتلها روسيا "أرسلنا إلى روسيا الرسالة: هل تعلم ماذا؟ إذا تحركت بضعة أمتار فقط عن تلك الحدود، فأنت آمن مثل المنازل".

وتابع: "أنا متأكد من أن القادة الروس لم يصدقوا لذا إذا قمت بإنشاء مقر قيادتي هنا، فسوف يفجرونني، ولكن إذا قمت بإنشائه على بعد كيلومتر واحد، فأنا بخير؟ حقا؟.. رائع".

وذكر أنه في الواقع، أدت هذه السياسة إلى "فكرة مفادها أن روسيا يمكنها قتل أي شخص في أي مكان في أوكرانيا، لكن أوكرانيا لا يمكنها قتل القوات التي تهاجمها بالفعل إذا كانت عبر الحدود في روسيا هذه الفكرة هراء".

خطوط حمراء متغيرة

وفي خضم الاستجابات القلقة لتطورات الأسبوع الماضي، من السهل أن ننسى أن أوكرانيا أطلقت منذ فترة طويلة طائرات بدون طيار محلية الصنع على أهداف في أعماق روسيا، وأنها أطلقت بالفعل أسلحة غربية على أراضٍ يعتبرها الكرملين تابعة لها، وقرار إطلاق أسلحة غربية أطول مدى قليلاً هو اختلاف في الدرجة، وليس في النوع.

فمنذ أكثر من عام، استخدمت كييف صواريخ ستورم شادو البريطانية لضرب شبه جزيرة القرم، التي احتلتها روسيا منذ عام 2014.

 ولأشهر، سُمح لكييف بإطلاق صواريخ" أتاكمز"على أهداف روسية في أوكرانيا المحتلة.

 وبموجب القانون، تعتبر روسيا هذه الأراضي تابعة لها، وحذرت من عواقب وخيمة إذا استهدفتها أوكرانيا بأسلحة غربية.

ومنذ مايو/ أيار، سمحت واشنطن أيضا لكييف باستخدام صواريخ أمريكية أقصر مدى لضرب أهداف في روسيا عبر الحدود من منطقة خاركيف شمال شرق أوكرانيا.

وقبل أن يعطي بايدن الضوء الأخضر لهذا القرار، وجه بوتين تهديدات نووية مماثلة، محذرًا من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى "عواقب وخيمة" على "الدول الصغيرة والمكتظة بالسكان". لكن هذا لم يحدث.

وقال ألبرك: "مرة بعد مرة، نثبت أنه عندما تعبر خطا أحمر مزيفا - لا يحدث شيء حقا"، ومع ذلك، قال إن التهديدات كانت كافية لمنع الغرب من إعطاء أوكرانيا ما تحتاجه للدفاع عن نفسها.

ورغم أن التهديدات تصاعدت مرة أخرى في أعقاب تطورات الأسبوع الماضي، ذكر ألبرك أنه لا يوجد سبب يذكر للاشتباه في أن هذه المرة مختلفة حقا، وبخصوص احتمال وصول إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة، والتي كان من المفترض منذ فترة طويلة أنها النتيجة المرجوة لبوتين، يعني أن روسيا أقل احتمالا من المعتاد لتنفيذ تهديداتها.

وقال ألبرك إن "خطر أن يفعلوا فجأة شيئا من شأنه أن يخاطر بالتدخل الفعلي من قبل الولايات المتحدة أو حلفاء الناتو أو من شأنه أن يغير بشكل أساسي المواقف العالمية تجاه الصراع منخفض نسبيًا".

نشر
محتوى إعلاني