/العالم
 
الثلاثاء، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2009، آخر تحديث 14:00 (GMT+0400)

القاعدة تفشل بالتأثير بانتخابات ألمانيا.. هل فقد بن لادن سلاحه الأقوى؟

إعداد: مصطفى العرب

رسالة أسامة بن لادن الأخيرة لمطالبة الأوروبيين بمغادرة أفغانستان

رسالة أسامة بن لادن الأخيرة لمطالبة الأوروبيين بمغادرة أفغانستان

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- شكلت الانتخابات الألمانية فرصة للمراقبين لمتابعة مدى قدرة تنظيم القاعدة على استغلال الإعلام و"قوة الإيحاء" لتغيير أمزجة الرأي العام في أوروبا، إذ أن التنظيم ركز كثيراً على بث البيانات التي تهدد ألمانيا، قبل الانتخابات بهجمات ما لم تنسحب من أفغانستان، في مسعى لتكرار ما حصل في أسبانيا، عندما أدت تفجيرات مدريد إلى تغيير حكومة قاد لحسب القوات الأسبانية من العراق.

ورغم توالي التهديدات من "ألمان القاعدة" وحركة طالبان، وزعيم القاعدة، أسامة بن لادن نفسه، إلا أن الناخب الألماني لم يتأثر، بل وكانت النتيجة تسجيل المستشارة أنغيلا ميركل، فوزاً تاريخياً على خصومها، فهل يدل ذلك على أن السلاح الإعلامي الذي كان أحد أقسى أسلحة التنظيم قد فقد تأثيره؟

فقد أظهر استطلاع لـCNN بالعربية أن 72 في المائة من القراء المشاركين جزموا بعدم وجود تأثير لتنظيم القاعدة في الانتخابات، في حين أشار 28 في المائة إلى أن التأثير وقع بالفعل.

وفي حديث لـCNN بالعربية الأربعاء، قال كريستيان كوخ، مدير الدراسات الدولية لدى مركز الخليج للأبحاث في إمارة دبي، إن انتخابات ألمانيا لم تتأثر بالتهديدات التي صدرت عن بن لادن وعناصر أخرى من القاعدة، لعدة أسباب، يرتبط بعضها بالتنظيم نفسه، في حين تتصل أخرى بالسياسة الألمانية الداخلية.

وشرح كوخ قائلاً: "لقد حاول التنظيم إرسال رسائل لتحريض الجمهور كي يصوت لصالح اتجاه دون آخر، مهدداً بهجمات إن نجحت قوى مؤيدة للبقاء في أفغانستان، لكنه فشل في ذلك لعدة أسباب قد يكون همها ضعف بنيته التحتية في ألمانيا."

ورأى أن عدم حصول هجمات على الأراضي الألمانية قبل الانتخابات، كما حصل في مدريد عام 2004 قبل ثلاثة أيام من الانتخابات عبر ضرب شبكات سكك الحديد وقتل 191 شخصاً ساهم في عدم تأثر الناخبين بالتهديدات والتلويحات.

ويضيف كوخ أن قوة الاستخبارات الألمانية التي رفعت مستوى تأهبها خلال الفترة التي سبقت الانتخابات قد يكون حال بدوره دون حصول هجمات.

ويضيف المختص بالسياسات الدولية قائلاً: "لقد تراجعت نسبة الإقبال خلال انتخابات 2009 بنسبة ستة في المائة مقارنة بالدورة السابقة، لكن كل المؤشرات تدل على أن ذلك جاء بسبب رتابة المعركة الانتخابية وليس القلق حيال ما أدلى به قادة القاعدة."

ويبدو أن الشارع الألماني كان بالفعل منشغلاً بقضايا أخرى غير مشاركة قوات بلاده التي تبقى محدودة في أفغانستان، فخلال المناظرة التي جرت بين ميركل ومنافسها وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قبل الانتخابات لم يستغرق الحديث عن الملف الأفغاني سوى دقائق.

وقال شتاينماير خلال المناظرة إنه لم يطلب تحديد عام 2013 مهلة نهائية للانسحاب من أفغانستان، بل شجع على وضع جدول زمني اعتباراً من ذلك التاريخ، مضيفاٌ أن المهمة لم تنته بشكل كامل في ذلك البلد بعد، في حين شددت ميركل على أهمية بناء القوات المسلحة الأفغانية لتضطلع بمهامها.

وكانت الملفات الاقتصادية هي الأبرز بالنسبة للناخب الألماني الذي يتابع تأثر بلاده، كما سائر اقتصاديات العالم المتقدمة بالأزمة المالية، ولذلك لم تركز المعارضة في برلين على ملف السياسة الخارجية بقدر ما سعت إلى اتهام ميركل وحزبها "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" بدعم مطالب الأغنياء على حساب الفقراء.

وتشكل هذه الحقيقة السبب الأبرز في عجز تنظيم القاعدة على التأثير في مجرى الأحداث السياسية بألمانيا، ففي حالة أسبانيا، كان الملف العراقي الحاضر الأبرز على الطاولة مع تصاعد العنف في ذلك البلد عام 2004.

واعتمدت القاعدة آنذاك في مقاربتها للملف الأسباني على خطط سُربت لاحقاً في وثائق ة نشرت على موقع على شبكة الإنترنت يستخدمه عناصر القاعدة والمتعاطفين معها، أفادت بأن للقاعدة خطط لفصل إسبانيا عن قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في العراق.

وراهنت الوثيقة آنذاك على أن أسبانيا هي "الحلقة الأضعف" في التحالف العامل بالعراق، وأن ضربها وانسحابها منه سيدفع ذلك الحلف للانهيار، إذ جاء في الوثيقة: "نعتقد أن الحكومة الإسبانية غير قادرة على تحمل أكثر من ضربتين أو ثلاثة على الأكثر، قبل أن تُجبر على الانسحاب بسبب الضغط الذي سيمارسه الشارع الإسباني عليها."

وكان للهجمات، التي وقعت قبل ثلاثة أيام من الانتخابات التشريعية، أثرها في تلك الانتخابات، التي أسفرت عن سقوط الحكومة المحافظة، التي كان يرأسها خوسيه ماريا أزنار، وفوز الاشتراكي خوسيه لويس ثاباتيرو، الذي أعلن سحب القوات الأسبانية من العراق.

وقد يكون تنظيم القاعدة قد أعتقد بأن أفغانستان قد تكون الحلقة الأضعف في التحالف العامل بأفغانستان، وأن ضربها - أو تهديدها بالتعرض لهجمات - سيترك الأثر نفسه، غير أن الوقائع أثبتت عكس ذلك.

يشار إلى أن الأيام الماضية شهدت كثافة في التهديدات الموجهة لألمانيا من قبل تنظيم القاعدة وحركات متحالفة معه، حيث ظهر "حراش البكاي" المعروف باسم "أبو طلحة الألماني" في شريط فيديو مدته 26 دقيقة، توعد فيه  ألمانيا بـ"ضربة استيقاظ عنيفة" إن فازت بالانتخابات حكومة لن تتعهد بسحب القوات الألمانية من أفغانستان.

advertisement

وطالب "أبوطلحة الألماني" في كلمته المسلمين المقيمين في ألمانيا تفادي الحياة العامة في أول أسبوعين يعقبان الانتخابات.

كما وجّه بن لادن، رسالة صوتية الجمعة، خصصها للشعوب الأوروبية، التي طلب منها العمل على سحب قوات دولها المنتشرة في أفغانستان، وقد عمد معدو التسجيل إلى توفير ترجمة باللغتين الإنجليزية والألمانية، في تطور لفت انتباه الخبراء.

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.