الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مر عقد من الزمن تقريباً على اختراع جيم أونيل، كبير الباحثين الاقتصاديين العالميين لدى "غولدمان ساكس" لمصطلح "بريك،" الذي يجمع الحروف الأولى لأسماء أربع دول هي البرازيل والهند والصين وروسيا، التي يعتقد أنها ستقود النمو الاقتصادي العالمي مجدداً.
وقد مرت سنوات على وجود أونيل ضمن فريق "غولدمان ساكس،" وإلى جانب نشاطاته المعروفة في عالم الاقتصاد، فإنه أحد أفراد مجموعة "الفرسان الحمر" التي تضم عدداً من المشجعين الأثرياء لفريق مانشستر يونايتد، الذين يخططون لشراء النادي العريق.
وقد التقيت به قبل أيام في مدينة سرنوبيو الإيطالية، ضمن ورشة عمل "البيت الأوروبي" السنوية، وهو حدث يضم ما لا يزيد عن 150 شخصاً كل عام، ما يوفر فرصة جيدة للنقاش المعمّق الذي يزداد جاذبية مع النسيم الربيعي القادم من بحيرة كومو الجميلة.
وبالنسبة لي، فإن أونيل هو أحد الشخصيات الأنسب لإجراء مقابلة معها في برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN،" لأنه بين أوائل الاقتصاديين الغربيين الذين لاحظوا التبدل العالمي الجديد، علماً أن سائر المتخصصين في الشأن الاقتصادي العالمي قابلوا مصطلح "بريك" آنذاك بكثير من البرودة.
لقد شكك البعض في خلاصة أعماله باعتبار أن الدول التي تحدث عنها فيها أعداد كبيرة من السكان، ولكنها غير قادرة على تحقيق النمو، غير أن الأيام التي تلت طرحه للمصطلح الجديد حملت معها بيانات اقتصادية كافية للرد على كل المشككين.
وقد حاول الكثير من المحللين في وقت لاحق لاستفادة من شهرة مصطلح "بريك" للخروج بمصطلحات جديدة مماثلة، علها تضمن لهم النجاح والشهرة، على غرار ما فعله الباحث نيكولاس كاشمور، الذي قدم فكرة "شاياندونيسيا،" التي دمج من خلالها أسماء الصين والهند وإندونيسيا، واصفاً الدول الثلاث بأنها "مثلث النمو الجديد،" ولكن أعماله لم تلق الرواج الذي لاقاه أونيل.
وحالياً، يحاول أونيل النظر نحو آفاق اقتصادية جديدة، وقد دفعه هذا الأمر إلى إلقاء نظرة دقيقة باتجاه دول الشرق الوسط، معتمداً أساليب حديثة للبحث تثير دهشة المتابعين بسبب هوية الدول التي يراهن على أنها ستلعب الدور الأبرز في النمو العالمي المقبل.
وتحمل نظرية أونيل الجديدة اسم "الدول الـ11 المقبلة،" وقد وضع ضمن تلك الدول ثلاث بلدان شرق أوسطية هي إيران ومصر وتركيا، إلى جانب المكسيك ونيجيريا وباكستان وبنغلاديش وإندونيسيا وفيتنام وكوريا الجنوبية والفلبين.
ويؤمن أونيل أن الاقتصاديات الغربية في الوقت الحالي تشيح بنظرها عمّا يحصل في العالم حالياً، على صعيد تطور العلاقات والروابط التجارية البينية للشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، دون دور كبير للدول الأوروبية أو الأمريكية.
ولا يهمل أونيل وجود تبعات سياسية لما يحدث، ويشدد على سبيل المثال أن تزايد دور تركيا في النمو الأوروبي، ودورها المحوري في العالم الإسلامي في الوقت عينه سيشكل "أسلوباً جيداً لدراسة كيفية تناغم الحضارات،" مضيفاً أنه "يتطلع إلى اليوم الذي يتصرف فيه القادة في أوروبا بأسلوب أكثر إيجابية مع العالم الإسلامي."
وقد حازت تركيا ومصر على اهتمام أونيل بسبب كثافتهما السكانية واعتمادهما إصلاحات اقتصادية كبيرة جذبت الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية، أما إيران، فهي تثير إعجاب أونيل بسبب وجود طبقة متعلمة كبيرة ضمن قواها العاملة، إلى جانب ثرواتها الطبيعية، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه يدرك التحديات المفروضة على ذلك البلد بسبب العزلة الاقتصادية التي تعيشها.
وإذا انفتح الاقتصاد الإيراني بشكل جدي، وتزامن ذلك مع بروز عملة خليجية موحدة في دول الخليج العربية التي تواصل مراكمة الثروات الناجمة عن فوائض عائدات بيع النقط، فعندها قد نتمكن من ضم صوتنا إلى صوت بعض الذين دعوا أونيل إلى تعديل مصطلحه الخاص بالدول التي تقود النمو العالمي بحيث يصبح "عربيك" عوضاً عن "بريك."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.