عامر السبايلة يكتب لـCNN عن الرسائل الأردنية للسعودية: "التوقيت و الأهداف"

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير عامر السبايلة
عامر السبايلة يكتب لـCNN عن الرسائل الأردنية للسعودية: "التوقيت و الأهداف"
مناورات مشتركة بين الأردن والولايات المتحدة بالقرب من الحدود مع السعوديةCredit: KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم د. عامر السبايلة، والآراء الواردة أدناه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

تداعيات وتحولات كثيرة تشهدها المنطقة نتيجة سرعة وديناميكية الأحداث على صعيد المنطقة بشكل عام وعلى صعيد المسألة السورية بشكل خاص. الانقلاب السعودي المتمثل في طبيعة ومخرجات زيارة الشاب الأقوى في المشهد السعودي "محمد بن سلمان"  الى موسكو ولقائه بالرئيس بوتين شكّل نقطة تحول كبيرة في شكل التعاطي مع أهم الأزمات في المنطقة، الأزمة السورية. الرئيس بوتين بعد أيام قليلة من زيارة محمد بن سلمان وأثناء لقائه مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم قرر أن ينصّب سلم النزول من شجرة الأزمات عبر طرح مبادرة التحالف ضد الارهاب. الرئيس بوتين اعتبر ان داعش يستهدف الجميع وبالتالي يمكن ان يكون قاسم التوحيد الأكبر لكافة الدول المتطاحنة.

من جانب آخر، لا يمكن النظر الى هذه المبادرة على انها "تفكير حالم" فالمبادرة جاءت على لسان الرئيس بوتين، وبعد أيام من لقائه للأمير السعودي من جهة ومن جهة أخرى تثبيت مشروع السيل التركي والانتقال الى مرحلة التنفيذ، مما يعني ان طرفي معادلة الصراع في سورية "تركيا والسعودية" باتوا أقرب الى موسكو من اي مرحلة سابقة -- عامر السبايلة. يضاف الى ذلك ايضاً حجم الأزمة التي باتت تحدق بأوروبا  والدول (المعطلة للحل السياسي في سورية) عبر ورقة اليونان وانحيازها الواضح لموسكو ومشروع السيل التركي القادم. كل هذه المعطيات تمنح أوراقا استراتيجية جديدة لموسكو وتضع بلا شك الأزمة السورية مجدداً على سكة الحل، الامر الذي يستدعي من الكثيرين اعادة تقييم مواقفهم وسياساتهم.

اردنياً ظهرت في الأيام الأخيرة محاولات أردنية للتعامل مع هذه التحولات من باب اعادة ترتيب كثير من المسائل العالقة خصوصاً في مسألة التحالفات وشكلها المستقبلي. المراقب للحراك الاردني يخلص ان طبيعة هذا الحراك ناتجة عن عقلية بيرقراطية وأمنية بامتياز. الدولة الاردنية –على ما يبدو- تسعى الى اعادة ترتيب اوراق تحالفاتها التاريخية خصوصا بعد مرحلة من فوضى الخيارات ومرور بعض العلاقات بحالة من الفتور.

على الصعيد الاعلامي، شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً اردنياً لافتاً ضد النظام في سورية. تبعها خطوة ظهور "العريفي" في شمال الأردن الخطوة التي لا يمكن النظر اليها بعيداً عن استراتيجية اعادة التموضع الأردني، فالرسالة رسالة سياسية بامتيازة على جبهتين: جبهة التصعيد السوري، وجبهة التطمين السعودي. اما الرسالة الأهم، فكانت بالاعلان عن ضبط خلية ارهابية مرتبطة بفيلق القدس الايراني والتي كانت تخطط لتنفيذ عمليات ارهابية في الأردن. الاعلان عن ضبط هذه الخلية يعني من وجهة نظر سياسية تفجير اي محاولات سابقة او لاحقة -على الاقل على المدى القصير- للتقارب الأردني الإيراني. المطلعون على تفاصيل الملف يؤكدون ان الخطوة الأردنية تجاه طهران لم تكن خطوة جدية من الأساس مما يضعها في سياق التكتيك الذي كان يهدف الى تحريك بعض الملفات الراكدة في المنطقة.

مقربون من دوائر صنع القرار السعودي اعتبروا ان زيارة ناصر جودة الى طهران بعيداً عن اي تنسيق سعودي أردني شكلت صاعقة للادراة السعودية الجديدة -- عامر السبايلة عداك عن غياب الكيمياء الشخصية بين شخوص الادارة السعودية  ومجمل المبعوثين الاردنيين الى الرياض. الأمر الذي يفسره الظهور القوي لرئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله ويلقي الضوء بقوة على أزمة التمثيل الدبلوماسي الأردني التي لم تعد خافية على أحد. محاولة الخروج من حالة "صفر ارباح" تمثلت اليوم في خطوات استباقية للاستدارة الأردنية والتي لا يمكن ان تتوقف عند رسائل ضمنية اعلامية او أمنية، بل لا بد ان يتبعها تغييرات جوهرية تعيد هيبة التمثيل السياسي للإدارة الأردنية وتعيد ترتيب اوراق تحالفاتها الاستراتيجية. القرار السياسي الأردني يبدو انه يميل الى العودة السريعة الى محور الأردن التقليدي الذي لا يرى نفسه بعيداً عن المحور السعودي. لكن في المقابل لا يمكن اغفال خلاصة التحليل المنطقي للرسائل الاردنية الثلاث:

١- التلويح بالتدخل في الجنوب السوري (على الأقل عبر تسليح العشائر السورية). 

٢ استضافة المحرضين على حمل السلاح في سورية ضد النظام.

٣ نسف خطوة التلويح بالتقارب مع طهران عبر الاعلان ضبط خلية ارهابية في الأردن مرتبطه بفيلق القدس ورمزية كون المجرم عراقي الجنسية.

الرسائل الثلاثة تشير الى رغبة الاردن بالاصطفاف الى جانب المحور السعودي بتبني خط العداء لاعداء السعودية والانسجام مع التحول في المواقف السعودية. لكن مضامين هذه الرسالة تؤكد ان العودة الى السعودية لا يمكن ان تتم الا من بوابة واحدة فقط وهي البوابة الامنية، فالرسالة الامنية تقول باختصار ان العلاقة السياسية لبعض الملفات لا يمكن ان يتم التعامل معها الا من الزاوية الأمنية.