CNN CNN

جون دفتريوس: عندما يكون النقاش الاقتصادي "عاما جدا"

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:19 (GMT+0400)
باسكال لامي، المدير العالم لمنظمة العمل الدولية
باسكال لامي، المدير العالم لمنظمة العمل الدولية

لندن، بريطانيا (CNN)-- كما شهدنا جميعنا خلال العام الماضي، قامت الأزمة الاقتصادية بالكشف عن كلّ الاجزاء السلبية التي كانت مختبأة في موازنات معظم المصارف الرئيسية. 

وقد أظهرت الأوقات العصيبة أيضاً بعض الانقسامات العميقة على مستوى السياسات، التي تعترض سبل اتخاذ القرارات بشكل سريع.

وفيما كانت المنطقة في أوج ازدهارها والأموال تتدفّق من هنا وهناك، حرص الجميع على عدم نشر غسيله أمام الجميع. ويُعتبر ذلك في نطاق التغيير.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تراست حلقات نقاش خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت وخلال يوم الشرق الأوسط في جامعة لندن لإدارة الأعمال هذا الأسبوع. وقد جمعت الحدثان نخبة من أبرز الوزراء وصانعي القرار والرواد في مجال الأعمال، إلاّ أنّهم لا يرون المستقبل من المنظار نفسه.

فمن جهتها، تعمل حكومات المنطقة على إرساء الإصلاح منذ خمس سنوات، ولا شكّ أنّ بعضها أسرع من الآخرين. فقد تمّ تخصيص نصف تريليون دولار من الاستثمارات للبنى التحتية المادية والبرمجية خلال العام الماضي فقط، وذلك في سعي لتعويض النقص في التخطيط و/أو الاموال خلال الأعوام العشرين الماضية.

وعندما حصلت الأزمة، خشيت الحكومات ألاّ تتمكن من استكمال الإصلاحات أو المخططات الإنفاقية، لكن لم يحدث هذا الأمر حتى الآن، فلننظر مثلاً إلى الحكومة السعودية، وخطتّها الخماسية بقيمة 400 مليار دولار.

لا شكّ أنّ التباطؤ الحاصل سيؤجل المشاريع من ثلاث إلى سبع سنوات لكنني لا اتوقع أن تنسدل الستارة.

أمّا السؤال الحقيقي فيبقى: هل ستزداد الحواجز أمام التجارة وإجراءات فتح الأسواق؟ لقد اكتشفنا خلال قمة مجموعة العشرين أنّ 17 من أعضاء المجموعة يستخدمون القواعد المعتمدة حالياً لدى منظمة التجارة العالمية لحماية قطاعاتهم الغالية. وقد ساهمت لعبة "لائحة العار"، التي أطلقها المدير العام لمنظمة العمل الدولية السيد باسكال لامي، في إعادة الجنيّ إلى داخل الفانوس، إنما علينا أن ننظر عن قرب إلى ما تسبب في وضع تلك الحواجز.

رشيد رشيد هو اليوم وزير التجارة والصناعة، لكنّه لاعوامٍ مضت أدار عمليات منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لدى عملاق البضائع الاستهلاكية يونيليفر. وقد أراد، أمام حوالى 800 من أتربائه، أن يوضح فكرته بأنّ المؤسسات هي التي تؤخّر الإصلاح اليوم لا الحكومات.

وخلال السنوات الماضية، قام مدراء الأعمال عن طريق مجموعات مثل مجلس الأعمال العربي (الذي كان الوزير رشيد عضواً مؤسساً فيه ممثلاً القطاع الخاص) بالضغط على حكوماتهم لتسريع وتيرة التغيير، وإصلاح قوانين العمل، وتخفيض الضرائب. وكان حديثهم واضحاً عندما قالوا إنّه يجب إنشاء 100 مليون وظيفة بحلول عام 2020 لأنّ نسبة الشباب في ازدياد. وإن اردنا الاستقرار وخلق الفرص للجيل التالي، علينا، برأيهم، أن ندع المؤسسات تقوم بما تجيد فعله.

وهذا ما قامت به الحكومات حتى اليوم. لكن بالنسبة إلى الوزير رشيد، تمارس بعض العناصر المنتمية إلى مجتمع الأعمال الضغط على المستوى الخاص بهدف حماية قطاعها او على الأقل تبطيء سرعة التغيير. وقد أطلق ذلك نقاشاً مدنياً إلى حدّ ما إنما حامٍ بين ممثلي الشركات المشتركين في حلقة النقاش.

وقد شهد مبدأ الشراكة بين القطاعين الخاص والعام رواجاً في المجتمع العالمي بالإضافة إلى مبادرات المسؤولية الاجتماعية الخاصة بالشركات. ويهدف هذا المفهوم إلى مقاربة الحكومات والشركات من بعض المسائل الصعبة كالعناية الصحية، والتعليم، والفقر. وتشهد هذه الشراكة في المنطقة اليوم بعض التوتر والصعوبات.

أمّا المشاركين الآخرين في حلقة النقاش هذه اللذين اعتمدا وجهة نظر معاكسة للوزير رشيد وسمحا للحكومة بالنضمام إلى القطاع الخاص، فريان التحدي من منظار آخر. وفي حين يعترفان بأنّ العائلات التجارية الكبيرة في المنطقة قد سيطرت لوقت طويل جداً على الأسواق المحلية، أفادا أنّ ثمة مسألة عالقة الا وهي عدم الثقة بالحكومة. فقد شهد الرواد في عالم الأعمال عبور الحكومات لسبيل الإصلاح سابقاً لتتوقّف عندما تصبح شعبيتها في طريقها إلى الزوال في ظلّ نسبة البطالة العالية الناتجة عن الإصلاحات الصعبة.

وتقوم عدم الثقة التي ذكرها رجال الأعمال هؤلاء بسدّ الشهية تجاه المخاطرة وإعادة الاستثمار في شركاتهم الخاصة للسماح لها بالتوسّع. وبالتالي، تبقى النفقات المخصصة للأبحاث والتطوير، وهي مقياس رغبة الشركة في خوض غمار مجال جديد، منخفضة بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط. وتعتبر شركة الاستشارات Booz & Company أنّ نسبة 0.3 % التي يتمّ إنفاقها في المنطقة هي جزء بالمئة فقط من نفقات بلاد منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي التي تبلغ 3 إلى 4 بالمئة.

وبالتالي، يبحث مجتمع الأعمال عن ضمانات بأنّ "الأخ الأكبر"، أي الحكومة، لن تغيّر مسارها. أمّا الحكومة فتحتاج إلى تخفيف الدور الذي تلعبة في تأمين الوظائف في القطاع العام.

والأهم هو أنّ الطرفين يحتاجان إلى سدّ الثغرات في ما يتعلّق بالحاجات المستقبلية. ويذكر أنّ المنطقة تشهد شكوىً مستمرة من أنّ المتخرجين الحديثين يفتقدون إلى المهارات اللازمة لشغل الوظائف التي يحتاج إليها رواد القطاع الخاص. وقد يكون هذا هو السبب الكامن وراء بلوغ نسبة البطالة 20 إلى 25 بالمئة بحسب الأسواق وهي نسبة مرتفعة للغاية.

إنّ النقاش العام مفيد دائماً، وقد افتقدت إليه المنطقة بشكل كبير خلال العقد الماضي لكن، وكما قال أحد المراقبين في تلك الاجتماعات، قد نناقش الأخطاء إلى الأبد غنما من الحكمة أن نعيد إحياء الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.