الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حول قضية الإفراج عن الليبي عبدالباسط المقرحي، وعن نظرة الحكومات الغربية إلى الثروة النفطية التي تختزنها ليبيا.
ليبيا لديها أكبر مخزون من النفط في أفريقيا
لندن، بريطانيا (CNN) -- لابد أن وزير العدل الاسكتلندي، كيني ماك أسكل، والمتهم الليبي بتفجير طائرة لوكربي، عبدالباسط المقرحي، شعرا خلال الأيام الماضية بأنهما مثل الأحجار على رقعة شطرنج لا يسعهما التحكم بها، فقد تمكنا من حجز أمكنه لهما في دائرة الضوء سواء أرغبا بذلك أم لا.
فالإفراج عن المقرحي وما تبعه من تداعيات، ما يزال يتصدر وسائل الإعلام، خاصة مع التسريبات التي نُقلت عن مكتب رئاسة الحكومة البريطانية، وما قالته واشنطن حيال الإفراج عن السجين الليبي، إلى جانب مواقف عائلات الضحايا.
وما زاد الطين بلة على المستوى الدبلوماسي كان حصول المقرحي على "استقبال الأبطال" في العاصمة الليبية، الأمر الذي أشعل نار الغضب في الولايات المتحدة.
لا شك أن وسائل الإعلام مع الوقت ستجد أموراً أخرى للتحدث عنها دون التطرق إلى هذا الملف بالشكل المعمق الذي كان البعض يرغب به، لكن ما سيبقى في ذهن الحكومات الغربية هو النظر باتجاه الثروات الدفينة التي تختزنها الأرض الليبية.
فالأحداث خلال الأيام العشر الماضية دفعتني إلى التفكير في كتاب "الجائرة" المؤلف الاقتصادي دانييال يرغن، الذي يركز على قضايا الطاقة، إذ أن هذا الكتاب - رغم صعوبته - يمكن له أن يشرح جميع أوجه الأحجية.
فليبيا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، وفق بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" التي تقدر وجود 43 مليار برميل من الذهب الأسود تحت رمالها، وهي تنتج يومياً ما يقرب من مليوني برميل، تصدّر 90 في المائة منها، وهي تمتلك أيضاً ثروة كبيرة من الغاز تصدّرها لأوروبا عبر أنابيب النقل.
وهنا تتقاطع القضايا السياسية مع المصالح الاقتصادية، فبعد لقاء رئيس الوزراء البريطاني السابق، طوني بلير، مع الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي، عام 2004، جرى رفع العقوبات عن طرابلس، واندفعت أكثر من 56 شركة نفطية عالمية للتنافس على حقوق التنقيب في هذه الدولة.
وتتفاوض شركة BP" البريطانية مع ليبيا للحصول على عقد للتنقيب بقيمة ملياري دولار، ولكن الشركة البريطانية ما تزال ضيفة جديدة على هذه السوق التي تعمل فيها شركة ENI الإيطالية للطاقة منذ نصف قرن، ولديها عقود تمتد حتى 2047.
ولا ننسى في هذا السياق العلاقات الجيدة التي تربط القذافي برئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني، الذي دعا القذافي لحضور قمة مجموعة الثماني في روما، وسمح له بنصب خيمته قرب المكان، علماً أن برلسكوني سبق أن وقع اتفاقية لدفع تعويضات قيمتها خمسة مليارات دولار لليبيا بسبب الاستعمار، وذلك على مدى ربع قرن في مشاريع تخصص للاستثمار في البنية التحتية.
أما الجانب البريطاني، فقد تمكن عام 2007، وعبر زيارة ثانية لبلير، من انتزاع حصة لشركة "BP" تعادل 19 في المائة من عوائد الغاز الطبيعي المكتشف، في حين تحصل الحكومة الليبية على 81 في المائة.
والحقيقة الصعبة التي على الغرب مواجهتها تتمثل في واقع أن الطلب على الطاقة في أوروبا يتزايد، في حين أن الحقول التابعة للقارة العجوز، وخاصة في بحر الشمال، تنضب بسرعة، ما يدفع دولها للبحث بسرعة عن مصادر بديلة.
والدول التي تمتلك الحصص الأكبر من عوائد النفط والغاز ترغب في الحفاظ على حصصها، ومثال على ذلك ما يحدث في روسيا وكازاخستان ودول الخليج، وفي ليبيا أيضاً، وترغب هذه الحكومات بأن تواصل الاستفادة من الأرباح التي تدرها هذه النشاطات الاستثمارية في مجال الطاقة وعولمة اقتصادها في الوقت عينه.
ولكن على ما يبدو فإن "الجائزة" التي توفرها ليبيا كبيرة، لأن مستوى التعاطي معها خلال الأعوام الخمسة الماضية كان استثنائياً.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.