تقرير: مصطفى العرب
أزمة عقارات دبي تلقي بظلالها على معرض ''سيتي سكيب''
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يبدو مصطلح "الركود" الرابح الأكبر في معرض "سيتي سكيب" لعام 2009 في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
فالحدث الذي كان طوال السنوات الماضية قبلة المستثمرين والزوار في مدينة دارت الطفرة فيها حول العقارات والخدمات المالية، بدا كئيباً هذا العام، وقد غابت عنه الأحداث الضخمة.
فقد افتقد المعرض، الذي أغلق أبوابه الخميس، للإعلانات والمشاريع الجديدة، وسيطر الترقب على المشاركين الذين تراجع عددهم ما بين الثلث والنصف مقارنة بالعام الماضي، ما دفع المنظمين إلى تقليص مساحته، وغاب النشاط الإعلامي والتصريحات الصاخبة من أرجاء المعرض، علاوة على إفتقاد الجميع للعارضات الحسناوات اللواتي كانت الشركات تعتمد عليهن لـ"تزيين" منصاتها.
وقد طاردت الأزمة المالية العالمية التي انعكست على دبي دورة هذا العام من المعرض حتى قبل انطلاقتها، وذلك بعدما أعلنت شركتا "نخيل" و"إعمار" المملوكتان لإمارة دبي، نيتهما عدم المشاركة فيه، قبل أن تعودان عن قرارهما، مع التصريح بعدم تقديم مشاريع جديدة بحجة "التركيز" على تلك القائمة حاليا.
ومن الطبيعي أن يكون القطاع العقاري في دبي بحاجة لـ"تركيز" الشركات العاملة فيه، بعد أن شهدت الأسعار فيه تراجعاً كبيراً خلال الأشهر الماضية بواقع قارب 40 في المائة، بتطور، قال البعض، إنه يمثل "انفجار" الفقاعة العقارية.
وقد دفع هذا الأمر قيام بعض الشركات إلى إعادة النظر في أعمالها بدبي، والتطلع نحو أسواق جديدة، على غرار ما فعلته شركة "تشيسترتن،" إحدى أقدم وأكبر شركات العقارات في بريطانيا، التي افتتحت مكتبها في إمارة أبوظبي، لتجعله مركزاً لعملياتها في الشرق الأوسط، بعدما كانت تعتزم افتتاحه بدبي.
ومع ذلك، تبدو الشركة متفائلة بمستقبل قطاع العقارات في الإمارات ككل، وفي دبي أيضاً، وفي هذا السياق، قال براندن كوكلي، المدير التنفيذي للشركة في المنطقة لـCNN بالعربية: "الأمور متجهة نحو الأفضل مقارنة بما كانت عليه قبل خمسة أشهر مثلاً. الإمارات بدأت فيها الأزمة بعد تسعة أشهر من بريطانيا، واليوم بريطانيا خرجت من الأزمة، وأتوقع أن تبدأ العقارات في الإمارات بالخروج من الأزمة أيضاً خلال الأشهر الأربعة المقبلة."
ويشير كوكلي إلى أن السوق الإماراتية تشهد تبدلات جذرية، حيث ينتمي العائدون إليها اليوم لفئة "المستهلك النهائي"، مستدلاً على صحة وجهة نظره من خلال الإشارة إلى عودة النشاط إلى مبيعات "الفلل" واختفاء المضاربات.
ويضيف كوكلي: "هناك نضوج اليوم في السوق، كما أن ما حدث وفر فرصة للتوجه نحو العقارات الجيدة من قبل من كانوا يشغلون مساكن متدنية المستوى، والمستهلك بدأ بدوره ينضج، لأنه يسأل عن طبيعة الوحدة التي سيشتريها وحجمها وما توفره من خدمات."
ونبه كوكلي إلى أن القواعد المنطقية للسوق لا تدل على صعود سريع في الأسعار، بل "عودة تدريجية إلى المستويات السابقة خلال فترة قد تصل إلى خمس سنوات،" كاشفاً أن شركته تنظر في فرص لدخول الأسواق السعودية والقطرية أيضاً.
أما بالنسبة لشمال أفريقيا، فرأى كوكلي - الذي افتتحت شركته مؤخراً فرعاً لها في طرابلس - أن الفرص التي تقدمها السوق الليبية هي الأفضل، نظراً لحاجتها الماسة إلى المشاريع الجديدة.
كما رأى أن الفرص متوفرة في تلك المنطقة، وهي توفر عوائد مجزية كفيلة بصرف النظر عن التأثيرات السلبية التي يمكن أن تحصل لأسباب سياسية.
من جهته، قال وسيط عقاري طلب التعريف عنه باسمه الأول "ستانلي" إن ما يجري في المعرض هذا العام يدل بالفعل على وضع السوق والمشاكل التي تعانيها.
واعتبر ستانلي أن الخوف هو العامل الأساسي اليوم، حيث تخشى الشركات العقارية الإقدام على مشاريع جديدة بسبب التزاماتها القائمة وقلة التمويل، في حين تخشى المصارف تقديم التمويل بسبب ارتفاع المخاطر وعدم اتضاح وجهة السوق، بينما يفضل الكثير من المستثمرين الاحتفاظ بالسيولة بين أيديهم عوض تجميدها في عقار.
ويضيف: "هذا أمر طبيعي خلال الأزمات المالية، ولكن ما يجري في دبي، وما ظهر خلال هذا المعرض، يشير إلى أن الإفراط في تنمية نشاط ما دون الاعتماد على قواعد منطقية له محاذيره، وفي حالة أزمة العقارات في دبي، يؤسفني القول إنه أمر شاركنا فيه كلنا."
يشار إلى أن معظم الشركات المشاركة في معرض "سيتي سكيب" بدبي لهذا العام أحجمت عن تقديم مشاريع جديدة، واكتفت بإعادة ترويج مشاريعها القائمة، أو التأكيد على نيتها الاستمرار فيها.
وعوض الازدحام عند نقاط البيع، كان الزوار يتجولون "بهدوء" في المعرض، في حين تمكن العاملون في أقسام التسويق من تناول وجباتهم دون استعجال، وتندر البعض حول المدى الحقيقي لأزمة الشركات العقارية بسبب غياب مظاهر البذخ عن منصات العرض، إلى جانب "اختفاء" العارضات الفاتنات من أروقة المعرض.
يذكر أن دورة العام 2008 من المعرض، شهدت الكشف عن مشاريع بقيمة 300 مليار دولار، جرى تجميد معظمها في وقت لاحق، بما في ذلك ناطحة سحاب بارتفاع كيلومتر كانت شركة "نخيل" تعتزم العمل عليها.