تقرير: سامية عايش
برج العرب بكاميرا مراتن بيكا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- طرق فارغة في إمارة دبي، ومبان شاهقة الارتفاع، وأبراج لا تزال قيد الإنشاء، وأيقونات لم يشهد الزوار لها مثيلا في العالم كبرج العرب وبرج دبي، جميعها مبان يتخيلها الناظر حديثة ومشرقة في مدينة شهدت تطورا ملحوظا خلال العقد الماضي من الزمن.
إلا أن عدسة المصور الفوتوغرافي الفرنسي مارتن بيكا قدمت دبي بشكل آخر، فقد أعطت المدينة هوية تاريخية وأثرية، عبر استخدام كاميرا يصل عمرها إلى نحو 150 عاما، وهي أول كاميرا مستخدمة في التاريخ.
"دبي.. التحول" هو عنوان المعرض الفوتوغرافي الذي يتضمن 40 صورة للمصور الفرنسي، تدور كلها حول موضوع واحد، ألا وهو التطور المعماري في الإمارة، والمزج بين استخدام وسائل قديمة في التصوير لالتقاط جانب حديث من المدينة.
وحول اختيار "دبي... التحول" كعنوان لهذا المعرض، يقول مارتن بيكا في حوار خاص لـ CNN بالعربية: "اخترت هذا العنوان للتأكيد على فكرة التحول في المدينة، حيث أن هناك امتزاجا بين البناء والضوء وهو ما يحول المعاني فيها، كما أن هناك تغيرا في كيميائية المكان، وهذا المصطلح مستخدم بكثرة في عملية التصوير الفوتوغرافي خصوصا وأنني أستخدم كاميرا قديمة تعود إلى 150 عاما."
ولإنجاز هذا المشروع، استعمل بيكا كاميرا تعود إلى عام 1860، والتي اخترعها غوستاف لوغراي، وقام بطبع الصور على أوراق شمعية، واستعمل مادة نيترات الفضة لإتمام عملية التصوير الضوئي.
ولصعوبة عملية التصوير، يختار بيكا أوقات الظهيرة لالتقاط الصور، حيث أن أشعة الشمس وقت الظهيرة تكون قوية جدا، بحيث لا تستغرق عملية التصوير أكثر من 15 دقيقة، بينما تستغرق نحو 45 دقيقة عند وقت المغيب.
أما عن اختيار مدينة دبي دون سائر مدن العالم، فيقول بيكا: "دبي مدينة مثيرة، فهي تنمو بسرعة، والفكرة جاءت بعد لقائي بإيلي دوميت في 2007، وناقشنا فكرة المشروع وأعجبتني، وبدأنا على الفور بتنفيذها بمساعدة الكثير من الأشخاص الذين أقدم لهم فائق الشكر."
وعند مشاهدة هذه الصور، يغلب على المشاهد جو الهدوء والسكينة، أي أنه يكون بعيدا عن ضوضاء المدينة المنهمكة دوما بالحفر، والبناء، والهدم، فدوامة العمران المستمرة بحاجة إلى وقت من الراحة، تحاول صور بيكا طرحه حول واقع مدينة دبي.
ويصر بيكا على أن المتابع لهذه الصور يرى فيها أشياء غير متوقعة، حيث أنه لطالما عرف عن دبي حداثتها، وغناها، وحركة الناس المستمرة فيها، إلا أن ما يبدو في الصور الأربعين هو عكس ذلك، إذ أنها تنقل المشاهد عبر الزمن، ليصبح وكأنه يشاهد مدينة تنتمي إلى القرن الخامس عشر.
ولعل الهوية كانت دائما الشغل الشاغل للكثير من الفنانين القادمين إلى دبي، ومنهم بيكا الذي حاول الجمع بين ديناميكية المدينة واللحظة التي تلتقط فيها الصورة، والتي تُشعر المتفرج بهدوء المكان رغم ضوضائيته.
يقول بيكا: "أول مرة رأيت فيها صور دبي كانت في كتاب تصفحته عام 1975، حيث رأيت صور المدينة التي بدأت بالتطور في ذلك الوقت، وبالنسبة لي كانت الفكرة مثيرة لأن التطور والهوية في أي مدينة أمر لا يحدث بين ليلة وضحاها. ومن خلال الصور، أستطيع أن أرى أن دبي لا تزال تتلمس الخطا في عملية البحث عن الهوية."
يذكر أن الصور المعروضة في معرض The Empty Quarter بدبي تتوافر أيضا في كتاب يحمل نفس الاسم، وقد تم طبع ألف نسخة منه فقط.