تقرير: سامية عايش
السلسلة تستعرض حقيقة اللجوء والشتات الفلسطيني
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لطالما شكل موضوع الهوية جانبا مقدسا في حياة البعض، ومظلما ومخيفا في حياة البعض الآخر، إلا أن ما يشهده العالم اليوم من عولمة وحداثة، قد يساهم في محو جانب من الهوية أو التأثير عليها.
وبالنسبة للفلسطينيين، وبعد ستين عاما من اللجوء، أصبحت الهوية تشكل جزءا مهما من حياتهم، ارتبط ببعدهم عن الأرض والوطن.
"سيرة لاجئ"، الفيلم الوثائقي المكون من ستة أجزاء، يوثق تاريخ اللاجئين الفلسطينيين حول العالم، وينتقل بين الشيوخ والشباب والأطفال ليروي ما تبقى في ذاكرتهم من أحداث، ابتدءا من "النكبة" عام 48 وحتى يومنا هذا.
والفيلم، الذي عرض مؤخرا في دبي على هامش معرض فوتوغرافي للمصور طارق الغصين، يسلط الضوء على علاقة الإنسان وهويته بمحيطه.
وحول فكرة هذا المعرض، يقول طارق الغصين: "هذه المجموعة تحمل اسم السلسلة(د)، وهي جزء من مجموعة أكبر مكونة من السلسة (أ)، و(ب)، و(ج)، وقد حاولت من خلالها استكشاف الهوية من زوايا مختلفة.. فهذه المجموعة مثلا، تختبر علاقة الإنسان وهويته بالمكان المحيط به، وكيف يؤثران على بعضهما البعض."
ولا يرى الغصين اختلافا بين هوية فلسطينيي الداخل والخارج، فجميعهم ينتمون إلى نفس الأرض، وبالتالي فإن هويتهم واحدة.
ويضيف "هذا بالطبع ما أحاول قوله هنا.. فالاختلاف الوحيد بيننا هو عدم قدرتنا على العيش على الأراضي الفلسطينية، إلا أن هذا الأمر لا يجعل منا فلسطينيين من النخب الثاني، فنحن نتيجة للاحتلال الواقع علينا."
من ناحية أخرى، يسلط آدم شابيرو مخرج الفيلم، وهو من أصل أمريكي، على قضية الهوية عبر الأجيال، فهو يتناول أجيالا فلسطينية تعيش في مخيمات اللجوء منذ 60 عاما، وكيف تغيرت أو تطورت علاقتهم بالأرض منذ 1948.
والفيلم مكون من ستة أجزاء تحمل عناوين: "يوميات النكبة،" و"النكبة اليومية،" و"وطن بلا هوية،" و"هوية بلا وطن،" و"حديث حول العودة،" و"عودة الحديث."
وقد أجرى شابيرو نحو 250 مقابلة في 25 دولة، وهو أول فيلم مستقل يرصد تجربة "الشتات الفلسطيني" في مختلف أنحاء العالم.
وحول فكرة الفيلم، يقول شابيرو: "أتت فكرة الفيلم بعد تجربتين مررت بهما خلال السنوات الماضية، الأولى كانت الحرب في العراق، والتي أدت إلى تشريد الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، وتمركزهم في الحدود العراقية مع سوريا والأردن، ومن ثم في نفس الوقت، حصلت أحداث نهر البارد، والتي أدت إلى تدمير المخيم بالكامل."
ويضيف شابيرو: "رأينا هنا أن النكبة تعيد نفسها، فقررنا تنفيذ هذا المشروع عله يكون مرجعا أرشيفيا في التاريخ الفلسطيني."
ويؤكد شابيرو أن هناك هدفا خفيا من وراء هذا الفيلم، ويقول: "بعد انتهائنا من تصوير المقابلات، اكتشفنا أن نسبة كبيرة من فلسطينيي الشتات لا يعلمون ما حصل للاجئين الفلسطينيين في مناطق أخرى في العالم، فوجدنا أن هذا الفيلم سيعرف الفلسطينيين أنفسهم بما حصل لبعضهم البعض."
إلا أن علاقة الفلسطينيين بالهوية لا تختلف بين جيل وآخر، أو بين فلسطينيي الداخل والخارج، كما يرى شابيرو، فالبعد عن الأرض كان عاملا مهما في دعم هذه الهوية وهذا الانتماء.
يقول شابيرو: "أعتقد أنه يمكن النظر إلى الهوية من عدة اتجاهات، خصوصا عند الحديث عن الفلسطينيين، فهناك مسألة شعور الفلسطيني تجاه وطنه، ومسألة الأوراق الثبوتية التي يحملها هؤلاء اللاجئون، مما يجعلهم ينتمون إلى أوطان ومجتمعات أخرى."
ويرى شابيرو أن اللاجئ الفلسطيني ليس من كان فلسطينيا ويقيم في بلد آخر بعد منعه من دخول بلاده، وإنما هو أي شخص يمنع من دخول الأراضي الفلسطينية لأي سبب كان، ويعطي نفسه مثالا على ذلك، ويضيف: "في الحقيقة أنا لا أستطيع دخول الأراضي الفلسطينية، فعندما كنت أقوم بالتصوير، وكطريقة لكسر الجليد، كنت أقول لمن أقابله إنني لاجئ مثله تمام حيث أنني طردت من هناك في 2002."
وبعرض هذه السلسلة، تكون السينما والصور الفوتوغرافية قد ساهمت بغرس بذور تاريخ هوية فلسطينية، يأمل أصحابها بأن يكون مصيرها الخلود.