متابعة: يوسف رفايعة
ممثلو المنظمة خلال المؤتمر الصحفي
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في ثاني تقرير "جدلي" لها حول أوضاع العمالة في الإمارات، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" HRW المعنية بحقوق الإنسان، إن عددا كبيرا من العمال يتم استغلالهم والإساءة لحقوقهم، ضمن مشروع تطوير جزيرة السعديات في أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية.
وتطور حكومة أبوظبي، عبر شركة الاستثمار السياحي التي أسستها، مشروعا بكلفة 27 مليار دولار على جزيرة السعديات، لتكون الوجهة الثقافية في البلاد، إذ ستضم متحف غوغنهايم، واللوفر الفرنسي وجامعة نيويورك، ومؤسسات ثقافية أخرى.
لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" قالت في تقرير أصدرته، الثلاثاء، إن العمال في ذلك المشروع يتعرضون لسوء المعاملة والاستغلال بأنواع شتى، وهي اتهامات رفضتها شركة التطوير السياحي، مؤكدة أن معاملة العمال تتم وفق المعايير العالمية.
وفي مؤتمر صحفي عقدته في أبوظبي، وأثار حفيظة وسائل الإعلام المحلية، قالت مديرة المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سارة ليا ويتسون إن "حكومة أبوظبي فشلت في تطبيق قوانين هي وضعتها ضد استغلال العمال في ذلك المشروع، منها حظر حجز جوازات سفر العمال."
وأثارت تعليقات ويتسون حفيظة مندوبي وسائل إعلام محلية، سرعان ما علت أصواتهم في قاعة المؤتمر الصحفي، متهمين المنظمة بالإساءة غير المبررة لدولة الإمارات العربية المتحدة، محاولين بشتى الوسائل مقاطعة ممثلي المنظمة خلال حديثهم.
وقال ويتسون "أعتقد أن مسألة استغلال العمالة أولوية لدى الحكومة الإماراتية، لكنهم يطلقوا وعودا بدراسة أوضاع العمال ولا ينفذونها، ونحن ندعوهم إلى النظر إلى ما يحدث على تلك الجزيرة وإيجاد حل سريع له."
وكانت شركة التطوير السياحي في أبوظبي استبقت موعد المؤتمر الصحفي للمنظمة بيومين، ونظمت جولة لوسائل الإعلام في جزيرة السعديات، قائلة إن مساكن العمال هناك تخضع "لأرقى المعايير العالمية في الراحة والسلامة."
ورغم المجمعات الكبيرة التي تحويها الجزيرة، والتي ستكون سكنا لنحو 20 ألف عامل مع تقدم المشروع، إلا إن المنظمة تقول إن المشكلة أعمق من السكن، فهي تتمثل في "حجز جوازات سفر العمال، والسماح بتعرضهم للخداع من قبل وكالات استقدام العمالة، وتمنيتهم برواتب جيدة ثم إعطائهم نحو نصفها فقط."
وقال تقرير المنظمة "إن الآلاف من عمال البناء من جنوب آسيا، في الجزيرة يواجهون الاستغلال والإساءات الجسيمة، التي ترقى في بعض الأحيان إلى العمل الجبري. وتتحمل مسؤولية هذه الإساءات وكالات استقدام العمال، وشركات البناء، والقوانين القمعية."
والتقرير الذي حمل عنوان "جزيرة السعادة: استغلال العمال المهاجرين في جزيرة السعديات بأبوظبي" وجاء في 70 صفحة، انتهى إلى أن "الحكومة الإماراتية قد تحركت من أجل تحسين أوضاع الإسكان وضمان تلقي العمال الرواتب في الوقت المناسب في السنوات الأخيرة، إلا أن الكثير من الإساءات بحق العمال ما زالت شائعة."
وطالب التقرير المؤسسات الدولية التي تعتزم فتح فروع لها في الجزيرة، ومنها غوغنهايم وجامعة نيويورك ووكالة المتاحف الفرنسية، بأن تعمل على وجه السرعة على إعداد ضمانات تعاقدية قابلة للتنفيذ بأن شركات الإنشاءات سوف تحمي حقوق العمال الأساسية في مشروعاتها."
وتعمل أعداد كبيرة من العمال من الهند وباكستان وبنغلاديش على إعداد البنية التحتية للجزيرة منذ أن شكّلت أبو ظبي شركة التطوير السياحي، للإشراف على المشروع، في عام 2005، إذ من المقرر في 27 مايو/أيار 2009 أن يضع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حجر أساس اللوفر في أبوظبي.
وقال تقرير المنظمة "أخفقت الحكومة والسلطات المسؤولة عن تطوير جزيرة السعديات في التصدي للأسباب الجذرية للإساءة للعمال، ومنها فرض رسوم استقدام غير قانونية، وعدم الوفاء بالوعود الخاصة بالأجور، ونظام الكفالة الذي يمنح صاحب العمل سلطة شبه كاملة على العاملين لديه."
وأضاف التقرير "بناء على مقابلات مع العمال المهاجرين، ومقابلات مع مسؤولين إماراتيين وفرنسيين، ومع مسؤولين من الشركات والمؤسسات الدولية التي تتولى مشروعات في الجزيرة، نوثق سلسلة من الإساءات التي خلّفت العمال المهاجرين مدينين بمبالغ طائلة، ويتقاضون أجوراً زهيدة، ولا يمكنهم الدفاع عن حقوقهم أو حتى الاستقالة من العمل."
الإمارات: التقرير يفتقد للمصداقية والدقة والشفافية
إلى ذلك، أكدت الإمارات العربية المتحدة أن تقرير المنظمة الأخير حول وضع العمالة في الدولة "يفتقد للمصداقية والدقة والشفافية حيث فشل في تسليط الضوء على الجهود التي تبذلها الحكومة في مجال حماية حقوق العمال وتحسين وضعهم المعيشي."
ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن الدكتور أنور محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية قوله إن بلاده "تفاجأت بالمحاولات المغرضة التي تقوم بها المنظمة التي تسعى إلى إثارة المشاكل والقضايا حول السياسات التي تعتمدها الدولة تجاه العمالة.. دون ذكر الجهود والخطوات الفعالة التي اتخذتها الدولة خلال الأعوام القليلة الماضية."
وقال قرقاش "التقرير خاطئ من ناحية الحكم على جهود الدولة في حماية حقوق العمالة ويدل على أن هناك ضعفا واضحا في عملية إعداد التقرير ومنهجية البحث الخاصة به."
وأضاف "في حين ترحب حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بالنقد البناء حول الجهود التي تقوم بها الدولة حيال حماية حقوق العمالة ضمن القوانين المرعية، نجد أن التقرير يميل إلى التعميم بصورة تعسفية ولا يحمل في طياته الدقة الكافية ويعتم الصورة الحقيقية لواقع الحال."