خطاب أوباما وجد صداه سريعاً في الشارع العربي والإسلامي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- رحبت غالبية الشعوب الإسلامية بالخطاب الذي وجهه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، من العاصمة المصرية القاهرة الخميس، والذي وصفوه بـ"الهادئ"، إلا أن معظمهم أعرب عن أمله في أن تنتهج الإدارة الأمريكية الجديدة نهجاً يتطابق مع ما جاء في الخطاب.
ولم يقتصر ترحيب الشارع الإسلامي بما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي على الأفراد والشعوب فقط، بل امتد إلى العديد من المنظمات الإسلامية، في الوقت الذي اعتبر فيه آخرون أن الخطاب "لم يأت بجديد"، فيما قال آخرون إنه يتضمن فقط "نصف الحقيقة."
فمن مصر، التي شهدت إلقاء أوباما لخطابه الذي وصف بـ"التاريخي"، ذكر مراسل CNN بن ويدمان أنه بمجرد انتهاء الرئيس الأمريكي من كلمته، تلقى (ويدمان) اتصالاً على هاتفه المحمول من أحد رجال الأعمال المصريين، يُدعى وليد البطوطي، والذي تنتابه شكوك في مصداقية السياسة الأمريكية بالمنطقة.
ولكن في هذه المرة صاح البطوطي قائلاً: "نعم نحن نستطيع"، في إشارة إلى الشعار الذي رفعه أوباما خلال مسيرته الانتخابية قبل دخوله إلى البيت الأبيض، واضاف قائلاً: "نعم لقد كانت دي مشكلاتي الخاصة مع الولايات المتحدة في الماضي، ولكن الخطاب كان رائعاً، ونحن نقدره كثيراً."
وأضاف رجل الأعمال المصري أنه سيضع ملصقاً لأوباما على مقدمة سيارته وسيقوم بالتجول بها في شوارع القاهرة، تعبيراً عن تأييده لما جاء في الخطاب.
كما عبر مؤلف الروايات الأمريكي من أصل إيراني، رضا أصلان، والذي كان أيضاً يشكك في السياسات الأمريكية تجاه المسلمين، عن ترحيبه بخطاب أوباما بكلمة واحدة "wow"، قبل أن يتحدث لـCNN قائلاً: "لو كان الغرض من الخطاب أن يدشن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، فقد نجح في ذلك."
ولكن أصلان قال إنه يريد من الرئيس الأمريكي أن يمارس ضغوطاً أكبر من أجل تعزيز الديمقراطية في العالم الإسلامي، ولكنه بالطبع لا يتوقع منه ذلك وهو يقف إلى جانب الرئيس المصري حسني مبارك، الذي يحكم مصر منذ قرابة ثلاثة عقود.
من جانبه، دعا إمام وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، إلى عدم الإفراط في التفاؤل بما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي، وقال في تصريحات نقلها التلفزيون المصري: "علينا أن ننتظر ما يقع على ارض الواقع أولاً."
أما مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، فقد ذكر في بيان، أن أعضاء المجمع يعدون الخطاب "دليلاً على بدء عهد جديد واعد من العلاقات بين أمريكا والعالمين العربي والإسلامي، ويمهد الطريق أمام حوار حقيقي بين الحضارات، بدلاً من الصراع الذي قد يرغب بعضهم في إقناعنا باستحالة تجنبه."
وفيما أعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية بالطرح الذي عرضه أوباما بشأن "حل الدولتين"، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على لسان المتحدث باسمها، فوزي برهوم، أن الخطاب "جاء مختلفاً في المنهج والتفكير، والحكم عليه يأتي من خلال المضامين والسياسات العملية على الأرض."
وقالت حماس في بيان تلقته CNN بالعربية: "ترحب حركة المقاومة الإسلامية باللهجة الهادئة التي استخدمها الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه، والخالية من التهديد والوعيد، الذي دأبت عليه الإدارة الأمريكية السابقة، وفيه اختلاف واضح عن أي حديث أو تصريحات للرئيس الأمريكي السابق، بوش، في الحديث وطريقة التفكير."
وذكر البيان أن "الخطاب جاء مليئاً بالمجاملات ودغدغة العواطف، والتركيز على الدبلوماسية الناعمة، من أجل تجميل وجه أمريكا أمام العالم، ولكنه مليء بالمتناقضات، ويفتقر إلى السياسات والخطوات العملية والفعلية على الأرض، للجم العدوان، ودعم حق الشعب الفلسطيني في سيادته على أرضه، وإنهاء الاستيطان، وإنهاء معاناته تحت الاحتلال الصهيوني."
وتابع قائلاً: "فهو (أوباما) يتكلّم عن الدعم الشعبي لحماس، ولكنه لم يتكلّم عن فك عزلتها واحترام شرعيتها، وفي حديثه قلب الحقائق، عندما وصف دفاع حماس عن الشعب بالعنف، بينما لم يتطرق إلى محرقة حقيقية وجرائم حرب ارتكبها العدو الصهيوني في غزة أمام العالم أجمع."
كما أشارت إلى أن "مطالبته المتكررة لحركة حماس بالاعتراف بإسرائيل، وبشروط الرباعية، هو شرعنه حقيقية للاحتلال، وإعطاءه غطاء لاستمرار سياساته الإجرامية بحق أبناء شعبنا، والاعتراف بشروط الرباعية يعني الإقرار بصوابية سياسة العقاب الجماعي، التي فرضتها أمريكا على شعبنا عقاباً على خياره الديمقراطي."
واعتبرت "مطالبته العرب بالتطبيع مع إسرائيل ومساعدتها، هي دعوة صريحة لمكافئة العدو الصهيوني على جرائمه"، كما أن "حديثه عن القدس وقدسيتها، يحتاج إلى موقف أمريكي لوقف تدنيسها من قبل الصهاينة، والاعتراف بعدم شرعية الاستيطان أمر جيد، ولكن يحتاج إلى إنهاء الاستيطان."
من جانبه، اعتبر الناطق باسم السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينه، أن الخطاب بمثابة بداية جيدة، وقال "خطابه بخصوص القضية الفلسطينية هو بداية وخطوة هامة باتجاه سياسة أمريكية جديدة ومختلفة، ورسالته واضحة وهي دولة فلسطينية ولم يعد بالإمكان الانتظار."
كما رحبت جامعة الدول العربية بخطاب الرئيس الأمريكي، واصفةً إياها بأنه "متوازن ويؤسس لعلاقة ايجابية"، وقال الأمين العام للجامعة، عمرو موسى: "أرى أن الخطاب متوازن، وفيه رؤية ومقاربة جديدة، فيما يتعلق بالعلاقة مع الدول الإسلامية، ومنها قضية حوار الحضارات، والقضية الفلسطينية."
وأعرب موسى، في تصريحات للصحفيين بالقاهرة، عن اعتقاده بأن "حديث الرئيس أوباما عن مبادرة السلام العربية على أنها بداية، هو كلام أراه موجهاً إلى الطرف الآخر، وهو إسرائيل، لأن البداية كانت في المبادرة العربية، مطالباً إسرائيل في هذا الصدد بالتعامل مع المبادرة."
وحول ذكر أوباما لحركة "حماس" باعتبارها مكوناً من الشعب الفلسطيني، قال موسى إن "أوباما كان واضحاً في حديثه عن حماس، وتحدث عنها كما تحدث عن السلطة الوطنية الفلسطينية، لأن هذا هو الواقع الفلسطيني"، مشيراً إلى أن "تجاهل الوضع الفلسطيني لن يخدم القضية، وحديثه يأتي في إطار الحركة نحو إقامة سلام."