جنبلاط طلب من قوى الأكثرية احترام خصوصياته
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يستمر تسارع الأحداث السياسية في لبنان في أعقاب "القنبلة" التي فجرها القيادي وليد جنبلاط، بإعلان وجوب انتهاء تحالفه مع قوى الأكثرية النيابية، فبعد زيارة ليلية لوزير الإعلام السعودي، عبدالعزيز خوجة، أعلن جنبلاط أنه "عدم تخليه" عن رئيس الحكومة المكلف، سعدالدين الحريري، الذي لم يتمكن من تأليف حكومته بعد.
وقال جنبلاط، بعد لقاء عقده مع الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، إن رسالته إلى الحريري هي التأكيد على البقاء ضمن "الثوابت في تشكيل الحكومة" ودعا سائر قوى الأكثرية إلى احترام قراره الذي وضعه في إطار "خصوصيات (طائفة) الدروز،" ومعالجة "رواسب 7 مايو/أيار 2008" عند اقتحم مسلحون من حزب الله شوارع بيروت.
وقال جنبلاط الأربعاء: "لم ولن أتخل عن الرئيس المكلف سعد الحريري، وفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري ولصداقتي مع سعد الحريري.. أقول لرفاقي في 14 آذار (قوى الأكثرية،) أنجزنا الكثير الكثير، ولا بد من رؤية جديدة، فانا كما أحترم خصوصيات البعض عليهم احترام خصوصيات الدروز."
وتابع: "سأحترم إرادة الناخبين الذين افرزوا أقلية وأكثرية، وكما فهمت من الرئيس سليمان، هناك مشروع تأليف حكومة شراكة وطنية، وقد أتيت إلى هنا (مقر رئاسة الجمهورية) لأوضح، فقد أسيء تفسير كلامي."
وأضاف جنبلاط متسائلاً: "ما هي 14 آذار ؟ تنوع أحزاب وشخصيات، وللكل أدبياته وثقافته ربما صادف مؤتمر الحزب مع تشكيل الحكومة فظن الرئيس المكلف (سعد الحريري) أنني تخليت عنه، أنا لم أتخل عنه.. ولكن عدت إلى أدبياتي في الحزب وأعلم أني عدت الى نصف القرن العشرين وأعلم أن بعض المعطيات ذهبت."
وتأتي مواقف جنبلاط بعد زيارة مفاجئة قام بها وزير الإعلام السعودي، عبدالعزيز خوجة، إلى بيروت، حيث قابل جنبلاط ليل الثلاثاء دون أن يتم الكشف رسمياً عن مضمون النقاشات.
وفي الوقت الذي كان جنبلاط يحاول فيه امتصاص تأثر الشارع اللبناني بتصريحاته، كانت تيار المستقبل، الذي يقوده الحريري، يسعى إلى تأكيد إصرار الأخير على عدم الاعتذار عن ترؤس الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق، قال النائب أحمد فتفت إن الحريري، الذي غادر لبنان في "إجازة" بعد تصريحات جنبلاط "ليس محرجا وما من سبب ليعتذر عن تشكيل الحكومة إنما هناك بعض المعطيات الجديدة التي تحتاج إلى الابتعاد عن التشنجات والمهاترات،" وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية.
وكان جنبلاط، وهو رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" البرلمانية وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي ينتمي غالبية أعضائه إلى الطائفة الدرزية "قنبلة" مدوية داخل قوى الأكثرية النيابية التي ينتمي إليها، حيث أشار إلى أن تحالفه معها كان "بحكم الضرورة ويجب ألا يستمر" في كلمة ألقاها الأحد.
موقف جنبلاط الذي سبقته إشارات تذمر من الوضع السياسي في البلاد، جاء في خضم التعثر بتشكيل الحكومة بعد قرابة شهرين على انتهاء الانتخابات النيابية، وقد يهدد بقاء الأكثرية بشكلها الحالي، خاصة وأن كتلة جنبلاط تضمن بقاء الأغلبية النيابية لصالح قوى "14 آذار"، التي تضم تيار المستقبل السُني، وأحزاب "الأحرار" و"الكتائب" و"القوات" المسيحية، على حساب "حزب الله" و"أمل" الشيعيين، و"التيار الوطني الحر" المسيحي.
وكانت مصادر في الأكثرية النيابية قد قالت آنذاك لـCNN بالعربية إن موقف الزعيم الدرزي كان متوقعاً، وإن ليس بهذه الحدة، خاصة بعد انتقاداته العلنية لعدد من حلفائه، والمواقف التي أدلى بها بعد مقابلة عدد من كبار قادة المعارضة، وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله.
ولفتت تلك المصادر إلى أن جنبلاط لم يعلن بعد عن خروجه رسمياً من "14 آذار"، كما استبعدت انضمامه للمعارضة، مشيرة إلى إمكانية العودة لخيار "الطريق الثالث" الذي يضم كتلة من مستقلين وحزبيين تنهي الاصطفاف الحاد في البلاد خلال الفترة المقبلة.
يذكر أن البرلمان اللبناني يضم 128 نائباً، ينتمي 71 منهم لقوى الأكثرية بواقع 67 نائباً يمثلون أحزاب تلك القوى وأربعة نواب مستقلين مقربين منها، في حين أن للمعارضة 57 نائباً، أما كتلة جنبلاط فتضم 11 نائباً، ومن دونها يتراجع ثقل الأكثرية إلى ما دون نصف المقاعد.