أوباما اعتبر القدارت الصاروخية الإيرانية التهديد الأساسي.
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بشكل رسمي الخميس ما كانت عدة مصادر قد تناقلته حول عزم واشنطن صرف النظر عن مشروع "الدرع الصاروخية" في أوروبا الشرقية، والذي كان قد أثار حفيظة موسكو، رغم إصرار البيت الأبيض على أن النظام موجه ضد المخاطر الصاروخية الإيرانية.
وكشف أوباما ان الولايات المتحدة تخطط لـ"نظام دفاعي جديد ضد الصواريخ في أوروبا،" سيكون من شأنه توفير قدرات الردع بشكل أسرع وأكثر فاعلية من المشروع المقترح الذي يعود إلى حقبة سلفه جورج بوش عام 2007.
ولم يتطرق أوباما إلى تفاصيل النظام الجديد، لكنه لفت إلى أنه حاز على دعم وزير الدفاع، روبيرت غيتس، وقيادة الأركان العامة للجيوش الأمريكية.
وبحسب الرئيس الأمريكي، فإن وقف النظام القديم والنظر في مشروع جديد يأتي بعد: "المعلومات الاستخباراتية والتقييمات الجديدة حول قدرات إيران الصاروخية،" والتهديدات التي تمثلها لأوروبا.
واعتبر أوباما أن الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى التي تمتلكها طهران تمثل "الخطر الحالي الأكبر" على أوروبا، موضحاً أن نظام الدرع الجديد سيكون الأفضل للرد على هذا التهديد.
وكانت متحدثة باسم وزارة الدفاع البولندية قد أعلنت في وقت سابق أن الولايات المتحدة علقت خططاً أقرتها إدارة بوش بشأن نشر منظومة الدرع الصاوخية في بولندا، لتؤكد بذلك صحة التقرير الذي نشرته مجلة أمريكية بهذا الشأن، فيما تلقى الرئيس التشيكي اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لم يفصح عن فحواه، ولكن تقارير تؤكد أنه يصب في الاتجاه نفسه.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" الخميس إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أبلغ رئيس الوزراء التشيكي، يان فيشر، بأن الولايات المتحدة تخلت عن فكرة نشر الرادار التابع لمنظومة الدرع الصاروخية الأمريكية في تشيكيا.
وأضافت الوكالة أن وسائل إعلام تشيكية قالت، استناداً إلى مصدر دبلوماسي مطلع في براغ، إن أوباما اتصل بفيشر الليلة الماضية وأخبره بهذا القرار.
وأكد رومان بروروك، السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء التشيكي، في حديث للصحفيين اليوم أن أوباما اتصل فعلاً بفيشر، وأن الأخير أطلع الرئيس التشيكي، فاتسلاف كلاوس، على مضمون المكالمة الهاتفية مع أوباما.
ومن جانبها أفادت وكالة الأنباء التشيكية أن وفدا أمريكيا برئاسة مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية ايلين توشير سيصل بعد ظهر اليوم الى براغ للقاء مسؤولين تشيك، مضيفة أن الوفد سيزور وارسو قبل توجهه إلى براغ.
وبحسب تقرير نشرته مجلة "وول ستريت جورنال"، أشار مسؤولون قدامى وجدد في الإدارة الحالية إلى أن الولايات المتحدة ستبني قرار تعليق البرنامج على تحديد أن البرنامج الصاروخي الإيراني لم يتقدم بالسرعة التي تم تقديرها سابقاً، ما يقلل من التهديد للعواصم الأوروبية الرئيسية الحليفة لواشنطن.
وعلى ذمة المجلة، فإن النتائج التي سيتم الانتهاء من تقييمها الأسبوع المقبل، جاءت بعد 60 يوماً على المراجعة التي طلبها أوباما، وأنها ستكون تراجعاً جوهرياً عن خطط إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، التي كانت تدفع باتجاه نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية قبل أن يغادر البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي.
وخلص التقييم الذي أجرته إدارة أوباما إلى أن الدول الأوروبية الحليفة لواشنطن، بما فيها دول حلف شمال الأطلسي، تواجه تهديداً أكثر جدية وإلحاحاً من الصواريخ الإيرانية قصيرة ومتوسطة المدى، وبالتالي فإنها ستحول اهتمامها نحو التطورات في الدفاعات الصاروخية الإقليمية للقارة الأوروبية.
وأشار المسؤولون إلى أنه من شأن هذه الخطوة تقليل الجدل والخلافات مع الأطراف المعارضة للدرع الصاروخية، وتحديداً مع روسيا.
من جانبهم، أثار منتقدو الخطوة المقبلة إلى أن هذا القرار المتوقع سيكون بمثابة مؤشر من أجل الفوز بتعاون روسي مع الجهود الأمريكية لفرض عقوبات اقتصادية على طهران في حال لم توافق الأخيرة على التخلي عن برنامجها النووي.
ويعتقد أن القرار، في حال اتخاذه، سيشكل نصراً للكرملين، خصوصاً وأن الرئيسين الأمريكي والروسي، ديمتري ميدفيديف سيلتقيان الأسبوع المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وكذلك خلال قمة الدول العشرين.
وكانت روسيا، وهي إحدى الدول الخمس دائمة العضوية، قد عارضت جهود فرض عقوبات جديدة على إيران.
على أن المسؤولين المقربين من الإدارة الأمريكية الحالية يقولون إن نتائج التقييم الأخير تشير إلى أن البيت الأبيض سيترك الخيار مفتوحاً على إعادة العمل بمنظومة الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا في حال أحرزت إيران تطوراً في مجال الصواريخ بعيدة المدى في المستقبل.
ومن المتوقع أن يثير القرار الأمريكي ردود فعل من جانب البلدين المعنيين بالمنظومة، أي بولندا وتشيكيا، حيث أصر المسؤولون فيهما سابقاً على ضرورة التقيد بالخطط التي وضعت إبان إدارة بوش، وحذروا من أن جهود البيت الأبيض لتحسين وتطوير العلاقات مع الكرملين ستكون على حسابهما.
وأشار أحد المسؤولين إلى أن البولنديين يشعرون بالغضب والعصبية تجاه مثل هذه الخطوة.
فقد أعلن مسؤول بولندي أن حكومته لن "تخمّن" شيئاً بشأن قرارات الإدارة الأمريكية حول الدرع الصاروخية، ولكنه أضاف قائلاً: "نحن نتوقع من الولايات المتحدة أن تلتزم بتعهداتها" في التعاون مع القوات البولندية في المنطقة بما يتجاوز الدرع الصاورخية.
يشار إلى أن ميدفيديف كان قد أعرب، قبيل القمة السابقة التي جمعته مع أوباما، عن تفاؤل بلاده بشأن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وربط ميدفيديف إمكانية التوصل لاتفاق جديد بشأن اتفاق جديد للحد من الأسلحة النووية، بالموقف الأمريكي من نظام الدفاع الصاروخي، الذي نشرته الولايات المتحدة في عدد من دول العالم، من بينها بولندا والتشيك، ما اعتبرته روسيا تهديداً لها، وتقليلاً من قدرة سلاحها النووي على الردع.
وقال ميدفيديف: "النظام الدفاعي الصاروخي مسألة تتعلق بأمننا وحماية أنفسنا من دول تعتبر تهديداً لنا، ونحن مستعدون للتحاور مع أمريكا بشأن ذلك."
ورفض الرئيس الروسي تبرير وجود النظام الصاروخي بأنه حماية من الخطر الإيراني المحتمل، وقال في هذا الصدد: "لا أستطيع أن أصدق كيف يمكن لهؤلاء القول بأن للمشروع علاقة بالشرق الأوسط، فهما بعيدان عن بعضهما جغرافياً، أعتقد أنها حجج أطلقتها الإدارة الأمريكية السابقة لتبرير القيام بالمشروع."