دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
لدى بعض الناس من أصحاب أوقات الفراغ الطويلة أو المتقاعدين من كبار السن هواية معينة، وهي البحث عن المعادن النفيسة باستخدام جهاز كشف المعادن اليدوي، وهو عبارة عن جهاز للاستشعار موصول بذارع طويلة يتم تمريره فوق الأرض لكشف ما قد يكون تحت التراب.
وفي بعض الأحيان يجد أصحاب هذه الهواية ما يبحثون عنه، فيعثرون على حفنة من العملات القديمة، أو يكتشفون خاتماً ماسياً أضاعته سيدة سيئة الحظ قبل سنوات.
ورغم أنني أجد هذه الهواية غريبة نوعاً ما، إلا أن صورتها طرأت على ذهني خلال زيارتي للعاصمة الماليزية، كوالالمبور، ففي مطار المدينة كانت عمليات التفتيش فعالة، ولكنها طويلة، وقد تزاحم خلالها في طوابير الانتظار عدد كبير من رجال الأعمال الأوروبيين والأمريكيين والعرب الذين كانوا يحاولون بدورهم استخدام أجهزة الاستشعار للبحث عن فرص في البلاد لتنمية أعمالهم.
ولكن بخلاف حال أصحابنا الذين يستخدمون كشافات المعادن، فإن الباحثين عن فرص الاستثمار في ماليزيا ليس عليهم الانتظار طويلاً قبل أن يعثروا على ضالتهم.
فخلال الأيام القليلة التي قضيتها في كوالالمبور، اطلعت على بعض التقارير الاقتصادية التي أعلنت خلال كل من ماليزيا وسنغافورة عن تحقيق معدلات نمو بنسبة عشرة في المائة خلال الربع الأول من 2010، وحققت الصين إندونيسيا نسباً قريبة من ذلك.
ومع أن هذه النسبة مذهلة للغاية وبكل المقاييس، إلا أنها تثير القلق حيال احتمال ظهور فقاعة في قيم الأصول بتلك الدول التي تشكل جزءا من "نمور آسيا" بينما يعيش العالم حالة الترقب جراء مخاوف عودة الركود الاقتصادي بسبب أزمة أوروبا.
وخلال المقابلة التي أجريتها مع مديرة المصرف المركزي الماليزي، زيتي أخطر عزيز، قالت لي المسؤولة الماليزية إن الأمور "تحت السيطرة" بما يتعلق بمخاطر بروز الفقاعات، وربما هذا يشرح تدخل المصرف المركزي لمرتين هذا العام بهدف رفع أسعار الفائدة، ويبدو أن المسؤولين في سنغافورة يقومون بخطوات مماثلة.
ويبدو أن الدول التي لديها فائض مالي كبير مهتمة للغاية بما يجري في تلك الدول الآسيوية، وهي تبحث عن طرق للاستفادة منه، فخلال المؤتمر الذي حضرته في كوالالمبور، شاهدت اثنين من أكبر الجهات الاستثمارية الشرق أوسطية.
فمن قطر، حضر رئيس الوزراء، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، بعدما أعربت قطر عن التزامها بصفقات لمشاريع بقيمة خمسة مليارات دولار في قطاعات متنوعة، بينها الطاقة والعقارات.
أما الحاضر الثاني فهي شركة "مبادلة،" إحدى الأذرع الاستثمارية لحكومة أبوظبي، وهي تبحث عن فرص استثمارية في منطقة الأعمال الملاصقة لبرجي "بتروناس،" خاصة وأن فيها مشاريع مجمدة منذ سنوات وبحاجة لضخ سيولة جديدة فيها.
وفي المؤتمر أيضاً، قابلت عيسى الغرير، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الغرير التابعة لهذه العائلة المعروفة بأعمالها التجارية في إمارة دبي، وقد كان بدوره يشارك في فعاليات الجلسات.
وقال الغرير إن التواصل سهل بين المستثمرين في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا لأن اللغة المشتركة بينهما هي لغة الأعمال، كما أكد لي أمراً مدهشاً يثبت التبدل الحاصل في العالم، إذ قال إن مجموعة الغرير تستثمر في مناجم فحم ومشاريع أخرى بماليزيا، بعد أن كانت لا تهتم سوى بالاستثمار في أوروبا والولايات المتحدة.
وكان لي أيضاً حديث مماثل مع المصرفي البحريني، خالد الجناحي، الذي كان منشغلاً في سلسلة من الحوارات بين المستثمرين، وقال لي ببساطة إن النمو في جنوب شرق آسيا جدير باهتمام المستثمرين في الشرق الأوسط، خاصة وأن الدول الآسيوية ترحب بتلك الأموال، ولم تقم بسن قوانين لتقييد عملها، كما فعلت الحكومة الألمانية القلقة من المضاربات.
الدول الآسيوية تتوق للتواصل مع الذين يمتلكون الأجهزة الكاشفة للنمو- أو بالأحرى للاستثمارات - الذين وجدوا فيها أرضاً جديدة للفرص.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.