الرباط، المغرب (CNN) -- يبدو فيلم "هاري براون" كرسالة كبرياء وصمود من مؤسسة السينما البريطانية التي تعاني صعوبات كبيرة في الحفاظ على موقعها في ساحة الفن السابع أمام طوفان السينما الأمريكية التجارية، رغم أن المواهب البريطانية تعد عملة ثمينة ومطلوبة، تشخيصا واخراجا، حتى في قلب استوديوهات هوليوود.
"هاري براون" (انتاج 2009) يسلط الضوء على عنف الضواحي في المدن البريطانية وتضخم ظاهرة العصابات التي يشكلها شباب غارق في أوحال السلاح والمخدرات والجريمة. وهو يتبنى لهجة احتجاجية ضد "تخلي" السلطات عن فضاءات سائبة تتبنى شعار البقاء للأقوى ويتخذ فيها الموت والعنف طابعا عبثيا ومجانيا.
مايكل كين، الممثل البريطاني دائم التوهج، يلعب في الفيلم دور هاري براون، العجوز المتقاعد من الجيش، الذي يعيش حياته الرتيبة وحيدا بعد وفاة زوجته، قبل أن يحدث الانقلاب الكبير غير المتوقع.
ببرود غريب، دأب هاري على متابعة عنف الشارع وضلالات شباب العصابات من فتحة نافذة مكسورة. جاءه ذات يوم نبأ مقتل صديقه المسن في ليل الشارع ذاته بطريقة بشعة، فاتخذ قرارا بـ"معاقبة" الجناة في ظل عجز الشرطة.
يبادر هاري الى الحصول على مسدس، ويبدأ في حصد الشبان المشتبه فيهم واحدا واحدا إلى حين الوصول للفاعل حيث تنفجر معركة تستقطب أخيرا تدخل الشرطة في مشهد يلخص دعوة الفيلم إلى عودة السلطة إلى هوامش هجرتها لحساب مافيات الجريمة والمخدرات.
الموضوع تقليدي في السينما العالمية: تعجز السلطة عن توفير الحماية للمجتمع فيتصدى الفرد البطل للمهمة، لكن الاختلاف في التفاصيل، وخصوصا في أداء مايكل كين الذي أكد في هذا الفيلم مكانته لدى النقاد كسيد للتشخيص البارد، حيث تغيب عنه الانفعالات الحركية والصوتية والتعبيرات السطحية الظاهرة، بل يحيل ردود أفعاله إلى حالة باطنية عميقة تضفي على المشاهد جمالية الأغوار.
ومن مفارقات "هاري براون" أنه صور في مكان قريب من مسقط رأس مايكل كين، جنوب شرقي العاصمة لندن، كما أن الشخصية الرئيسية ليست ببعيدة عن ماضي النجم الذي كان يوما ما عسكريا وعضوا في عصابة شبابية.
الفيلم هو أول اخراج لدانييل باربر، ويبشر بمسيرة موفقة لهذا الأخير الذي رشح عام 2007 لنيل أوسكار أفضل فيلم قصير.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.