CNN CNN

الأردن: فتور وانقسام و"تحالفات مرحلية" قبل الانتخابات

متابعة: هديل غبون
السبت، 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، آخر تحديث 11:00 (GMT+0400)
 
حمزة منصور يتحدث خلال مؤتمر صحفي
حمزة منصور يتحدث خلال مؤتمر صحفي

عمان، الأردن (CNN)-- رغم تأكيدات أحزاب المعارضة الأردنية (7 أحزاب) على تماسكها وحرصها على التنسيق المشترك في القضايا الوطنية والعامة، يبدو أن حالة من الفتور و"الاصطفاف المرحلي" تعيشه تلك الأحزاب على ضوء الاختلاف في مواقفها من المشاركة في الانتخابات النيابية الأردنية المقبلة، المقررة في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وتعمل الأحزاب المنضوية تحت ما يعرف بـ"اللجنة التنسيقية العليا لأحزاب المعارضة الوطنية الأردنية"، التي تأسست في بداية التسعينات، وفق مسارين متوازيين، أفرزهما إعلان حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر أحزاب المعارضة، والذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، مقاطعته للانتخابات، إلى جانب حزب الوحدة الشعبية الأردني (يساري)، مقابل إعلان خمسة أحزاب يسارية وقومية مشاركتها في الانتخابات، سواء من خلال الترشيح أو تأييد المشاركة.

واتخذت حالة "الفتور" هذه بين الأحزاب، وفقا لأمناء عامين فيها، أبعادا عدة، من بينها "انتقاد" الأحزاب المشاركة للمقاطعة، ودعوتها إلى عدم "التأثير" على موقفها من المشاركة، إضافة إلى "عقد اجتماعات التنسيقية الدورية،" من دون مناقشة قضية الانتخابات، رغم توافق جميع تلك الأحزاب على "الاعتراض" على قانون الانتخاب الأردني النافذ لسنة 2010، والقائم على حق الناخب بالتصويت لمرشح واحد فقط. 

وفي الوقت الذي أعلنت فيه 5 أحزاب معارضة مشاركة تسمية 3 مرشحين حزبيين، و4 مستقلين حمل اسم قائمة "الائتلاف الوطني"، قال أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، لموقع CNN العربية، إن اللجنة التنسيقية "ليست حزبا سياسيا، إنما إطار تنسيقي للعمل المشترك، رغم عدم التطابق في عدد من القضايا." 

وأكد منصور، أن جبهة "العمل الإسلامي" حريصة على استمرار العمل من خلال إطار التنسيقية، وحتى ضمن مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية،" التي أشار إلى أن اختلاف أحزابها بين مشارك ومعارض هو "اختلاف مشروع،" بيد أن المساعي يجب أن تتجه نحو  التركيز "على الإصلاح السياسي في البلاد."

وقد تخللت مؤتمرات صحفية عدة لأحزاب المعارضة المشاركة دعوات لعدم التأثير على قرار مشاركتها من جهة الأحزاب المقاطع، في حين أكدت الأحزاب المعارضة المقاطعة حقها "الدستوري في الدعوة إلى المقاطعة."

وأضاف منصور أنه "من السابق لأوانه تحديد فيما إذا كانت نتائج الانتخابات ستعيد شكل الإطار ألتنسيقي بين أحزاب المعارضة، علما بأن المعارضة لم تكن غائبة عن المواسم الانتخابية السابقة إلا خلال انتخابات عام 1997 حين قاطعنا الانتخابات."

ويأمل منصور، الذي تولى حزبه رئاسة التنسيقية في الأشهر الثلاثة الماضية، أن تتوصل أحزاب المعارضة المشاركة والمقاطعة إلى "صيغة" مستقبلية برؤية غايتها "الإصلاح السياسي."

وقاطع حزبا جبهة العمل الإسلامي والوحدة الشعبية الانتخابات استنادا إلى استفتاء للقواعد والهيئات الحزبية احتجاجا على قانون الانتخاب، وما اعتبراه حالة "التزوير الكبرى،" التي شابت انتخابات عام 2007. بينما أعلنت 5 أحزاب، هي الشيوعي، وحزب الشعب الديمقراطي "حشد" (يساريين) وحزبي البعث العربي الاشتراكي، والبعث العربي التقدمي، والحركة القومية الديمقراطية، مشاركتها وتأييدها للانتخابات.
وأطلق الحزبان المقاطعان هيئة حزبية نقابية سياسية، حملت اسم الهيئة الوطنية للإصلاح في 17 من الشهر الجاري، ترافقت مع إعلان بيان تواقيع تضامني لمؤيدي نهجهم (مقاطعة الانتخابات)، إضافة إلى برنامج إصلاح وطني أساسه الدعوة إلى تغيير قانون الانتخاب، واعتماد مبدأ التمثيل النسبي بدلا من الصوت الواحد.

وقال أمين عام الحزب الشيوعي المنضوي في إطار "التنسيقية،" الدكتور منير حمارنة، في تصريح لـCNN بالعربية، إن اختلاف أحزاب المعارضة على المشاركة في الانتخابات "قضية تكررت في مواسم انتخابية سابقة."

وأضاف أن "قرار المشاركة في الانتخابات قرار سياسي يجسد اختلافا في آلية التعاطي مع الانتخابات، ونحن كحزب لم نجد جدوى من المقاطعة.. ورغم توافق المعارضة على رفض قانون الانتخابات، إلا أننا ارتأينا أن نعبر عن موقفنا بالمشاركة، مع الاحتفاظ بالتوافق على القضايا الأساسية مع باقي الأحزاب الأخرى، كالموقف من الحريات العامة، والقضايا المعيشية، والقضية الفلسطينية."

وأطلقت الحكومة الأردنية حملات قبل شهرين من موعد الانتخابات لتشجيع الأحزاب السياسية على المشاركة، والتشديد على "عدم قيام الأحزاب المقاطعة بتحريض الشارع الأردني" على مقاطعة الانتخابات.

ولم يخف حمارنة، ما وصفه "بنزق" في المواقف نتيجة اختلاف الأحزاب فيما بينها على قضية المشاركة، مؤكدا أن ذلك "لا يعني حدوث انشقاق بأي حال من الأحوال مستقبلا، حتى بعد إعلان نتائج الانتخابات،" بحسب رأيه.

وقاطعت ثلاثة أحزاب معارضة أردنية موسم انتخابات عام 1997 هي حزب " العمل الإسلامي" والوحدة الشعبية وحزب "حشد"، بينما شاركت جميع الأحزاب في موسم انتخابات 2007 رغم نفاذ قانون الانتخاب القائم على الصوت الواحد الذي أقر في عام 1993.

وتعرض مرشحو العمل الإسلامي إلى خسارة كبيرة تمثلت في وصول 6 نواب في انتخابات 2007 ( المجلس النيابي الخامس عشر)، مقابل وصول 17 نائبا في انتخابات 2003 ( المجلس النيابي الرابع عشر). 

ويختلف أمين عام حزب الوحدة الشعبية المقاطع للانتخابات، الدكتور سعيد ذياب مع حمارنة، معتبرا "أن الاختلاف في موقف المشاركة بين أحزاب المعارضة" من شأنه أن يفضي إلى "تشكل اصطفافات جديدة "، قد تتبلور بعد ظهور نتائج الانتخابات.

ويعتقد ذياب أنه في حال وصول أي من "مرشحي المعارضة" إلى البرلمان، فإن "خطاب المعارضة ستختلف حدته"، وأن بعدا آخر سيحكم العلاقة بين الحكومة الأردنية والأحزاب، بمختلف ألوانها السياسة، مشيرا إلى أن "حالة من الفتور تعيشها أحزاب المعارضة المنقسمة في مشاركتها"، ومرجحا أن تتوجه "الأحزاب المقاطعة من جهتها "إلى توسيع نطاق عمل  مقاطعتها بصورة أكبر لتبدو أكثر فاعلية."

وقد يلقي "واقع متحرك قد تحدده نتائج الانتخابات"، كما يقول ذياب، بظلاله على "تنسيقية المعارضة"، مضيفا أن "تخوفات من حدوث انقسام حقيقي، في الوقت الذي تعمل فيه الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها على "تشكيل إطار موازي يضم قوى سياسية" للبرلمان، للدفع باتجاه تغيير قانون الانتخاب، والمطالبة بإصلاح سياسي شامل في البلاد.

إلى ذلك، فصلت المحكمة المركزية لجماعة الإخوان المسلمين السبت الماضي، 5 من أعضائها ترشحوا للانتخابات المقبلة، استنادا إلى لوائح وتعليمات داخلية، تقضي بمعاقبة كل من يخالف قرارات الجماعة.

وأكدت قيادة جماعة الإخوان المسلمين، مرارا حزمها في اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين المشاركين في الانتخابات.

وصدرت قرارات الفصل بعد خروج المخالفين عن قرار الجماعة بمقاطعة الانتخابات النيابية "ترشيحا وانتخابا ودعما لمرشحين."  كما تنظر محكمة حزب العمل الإسلامي هذا الأسبوع في محاكمة 7 أعضاء مرشحين للانتخابات أيضا، يشترك معهم أعضاء الجماعة الخمسة، بحسب تقارير.

أحد الأعضاء المفصولين لمخالفتهم قرار الجماعة بمقاطعة الانتخابات، سمير دبابسة، المرشح عن محافظة البلقاء ( 30 كم عن العاصمة الأردنية، عمان)، قال في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إنه لم يتفاجأ بقرار فصله، موضحا أنه تقدم إليها بطلب الترشح بعد صدور قرار المقاطعة، على أن يكون "بشكل مستقل"، علما أنه تقدم للترشح في موسمي الانتخابات 2003 و2007، ولكن "فرصة الترشح أحيلت إلى أعضاء آخرين."

وتابع دبابسة، الذي تعرض لحادثة اعتداء بالضرب من أنصار مرشح منافس في المحافظة قبل أيام، أنه لن يتخلى عن فكر الجماعة وسيحمله في الانتخابات رغم فصله، معتبرا ترشحه حقا له بعد رفض داخلي له في موسمين متتالين، خاصة عام 2007 ، حين طلب منه عدم الترشح لإتاحة الفرصة لرئيس مجلس الشورى، ورئيس مجلس النواب السابق، القيادي البارز في الجماعة الدكتور عبد اللطيف عربيات.

وتفيد التقديرات بأن أعداد الأردنيين الذين يملكون حق التصويت هم نحو 3 ملايين ناخب، في حين ترشح 853 مرشحا، من بينهم 142 امرأة.