حاوره: مصطفى العرب
الحريري كان قد زار الأسد عدة مرات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أكد عمار حوري، النائب عن تيار المستقبل الذي يقوده رئيس الوزراء اللبناني، سعد الدين الحريري، "استغراب" الأخير صدور مذكرات التوقيف السورية بحق عدد من أركان الدولة اللبنانية على المستويات السياسية والقضائية والأمنية، معتبراً أن القرار غير مفهوم.
وقال حوري، في حديث لـCNN بالعربية، إن المذكرات التي طالت قائد الشرطة والمدعي العام اللبناني وعدد من السياسيين والصحفيين والقضاة اللبنانيين والأجانب بتهمة الإدلاء بشهادات زور في ملف اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري "لا قيمة قانونية لها،" معتبراً أنها تنبع من خلفية سياسية، وإن كان قد استبعد أن ينجم عن الخلاف حولها تطورات أمنية ومواجهات في الشارع.
وبحسب حوري، فإن رئيس الوزراء اللبناني وتياره السياسي يعتبران أن الخطوة "مستغربة لأنها أتت رغم كل الإيجابيات التي قدمها الحريري لسوريا، والتي لا تستحق أن تقابل بتصرف من هذا النوع."
غير أن حوري شدد على أن تيار المستقبل لن يتراجع عن المسار الجديد الذي أخذه لجهة التقارب مع دمشق وفتح صفحة جديدة معها بعد قطعية استمرت أربع سنوات أعقبت اغتيال رفيق الحريري عام 2005.
وعن الأسلوب الذي ينوي من خلاله تيار المستقبل والحريري التعامل مع المذكرات، قال حوري إن الأمر سيطرح على طاولة مجلس الوزراء الذي سيجتمع الاثنين لمناقشة مجموعة كبيرة من الملفات.
ورفض حوري الرد على استيضاح حول التقارير التي تتوقع أن تفجر الموقف داخل الحكومة بين وزراء الأكثرية المنضوية ضمن تحالف "14 آذار" بقيادة الحريري، وقوى المعارضة المتمثلة بحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر المقربة من دمشق بسبب موضوع المحكمة الدولية الناظرة بقضية الحريري، مكتفياً بالقول "لننتظر ونرى ما يجري."
وشدد حوري على أن ما جرى على صعيد المذكرات السورية "خطوة سياسية لا قيمة قانونية لها، لأن القضاء السوري لا يتمتع بالصلاحية المكانية للنظر في قضية جرت بلبنان، كما أن الملف معروض أمام المحكمة الدولية، ولا يجوز بالتالي طرحه في محكمة أخرى."
وطمأن حوري المتخوفين من وقوع صدامات مسلحة في لبنان بسبب هذا الملف قائلاً: "نحن من ناحيتنا نجزم بعدم وجود فتنة لأن الاقتتال بحاجة لفريقين، ونحن ليس لدينا القدرة ولا النية للدخول في صدام، ويتوجب على الفريق الآخر أن يكون لديه الموقف عينه."
وفي إطار متصل، قرر مجلس الوزراء اللبناني تكليف وزير العدل، إبراهيم نجار، متابعة ملف مذكرات التوقيف السورية الصادرة بحق شخصيات قضائية وسياسية وصحفية لبنانية وأجنبية، على خلفية اتهامهم بملف ما بات يعرف بـ"شهود الزور" بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري.
وطلب المجلس من نجار القيام بهذه المهمة "في ظل احترام الأصول القانونية وبما يحقق العدالة والسيادة الوطنية،" كما نقل الناطق باسم الحكومة، الوزير طارق متري، أن الرئيس ميشال سليمان، تحدث خلال الجلسة، وقال إنه كان يتمنى عدم صدور هذه المذكرات، خاصة بعد أن أحالت الحكومة قضية شهود الزور إلى وزير العدل.
وأضاف متري أن رئيس الحكومة، سعدالدين الحريري، تحدث بدوره، معيداً التشديد على أهمية المحكمة الدولية من جهة ومواصلة العمل لتعزيز العلاقات مع سوريا من جهة أخرى، وإن كان قد أعرب عن أسفه لمذكرات التوقيف التي صدرت.
يذكر أن اللواء جميل السيد، القائد السابق لجهاز الأمن العام اللبناني، والذي أوقف لأربع سنوات على خلفية الاشتباه بضلوعه في قضية اغتيال الحريري، قبل أن يطلق سراحه في وقت لاحق، كان قد تقدم بدعوى ضد شخصيات لبنانية في سوريا، معتبراً أن للقضاء السوري الحق بالنظر في الملف بسبب اتهام دمشق أول الأمر بتنفيذ الاغتيال.
وقد أعلن مكتب السيد في وقت متأخر من ليل الأحد، أن القضاء السوري أصدر مذكرات توقيف بحق أكثر من 30 شخصية لبنانية وأجنبية،على رأسهم النائب اللبناني مروان حماده، ومدّعي عام التمييز سعيد ميرزا، مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن.
وذلك إلى جانب وزير الداخلية الأسبق حسن السبع ووزير العدل الأسبق شارل رزق، والسفير اللبناني الأسابق جوني عبده، ونائب الرئيس السوري السابق، عبد الحليم خدام، والصحفي الكويتي أحمد الجارالله، والمحقق السابق في لجنة التحقيق الدولية، الألماني ديتليف ميليس، ومساعده غيرهارد ليمان.
يشار إلى أن حزب الله، الذي يتزعم المعارضة في لبنان، ويشارك في الحكومة بالوقت عينه، كان قد أعلن أن لديه معلومات حول اتجاه المحكمة الدولية الخاصة بقضية الحريري لاتهام عناصر تابعة له بتنفيذ الاغتيال، وهو يقوم منذ فترة بالتشكيك في المحكمة، واتهامها بأنها "أداة أمريكية وإسرائيلية."
وكان اغتيال الحريري عام 2005 قد أحدث انقلاباً سياسياً في لبنان أدى إلى انسحاب القوات السورية منه بعد تواجد استمر لثلاثة عقود، ودخلت دمشق بعد ذلك في حالة من العزلة العربية والدولية استمرت لسنوات، رغم نفيها المستمر لأي دور لها في ما جرى.