دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- انشغلت الساحة السياسية الليبية في تحديد الأسباب الحقيقية لقرار مؤسسة القذافي، التي يديرها سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، الامتناع عن أي دور سياسي والتفرغ للعمل الخيري، فذكر محللون أن الأمر عائد لضغوط دولية على المؤسسة بعد تدخلها في عدة ملفات شائكة، في حين أشار البعض الآخر إلى انزعاج طرابلس من نشاطها وتقاريرها الداعية للإصلاح وفرض دستور.
فقد أعلنت مؤسسة القذافي في بيان صادر عن مجلس أمنائها المنعقد في العاصمة البريطانية لندن أنها "ستنأى بنفسها عن العمل في المجال السياسي والمسائل المرتبطة بالإصلاح السياسي وحقوق الإنسان ضمن أنشطتها وأنها ستضاعف جهودها لتحقيق مهمتها الأساسية الخيرية والتنموية المتمثلة."
وشدد بيان المؤسسة على أن الأولويات بالنسبة لها ستتمثل في "تقديم المساعدة والإغاثة للمحتاجين وبالدرجة الأولى في دول أفريقيا وراء الصحراء." ونقل عن رئيسها سيف الإسلام القذافي قوله: "إنني واثق أن هذه الثقة ستمكننا من توجيه جهودنا نحو القضايا الأكثر أهمية بغية تحسين حياة الناس في المناطق الأكثر فقراً في العالم."
وعبّر أعضاء المجلس خلال الاجتماع عن "قلقهم من أن بعض المواقف التي تبنتها المؤسسة مؤخراً مثل الدعوة لإطلاق سراح (المحكوم السابق بقضية تفجير طائرة أمريكية) عبد الباسط المقرحي من سجنه في اسكتلندا أو نقل المساعدات إلى غزة عبر السفينة أمل، نظر إليها على أنها اتخذت منحى سياسياً لاسيما جهود كسر حصار غزة."
وفي هذا الصدد سجل بعض أعضاء مجلس الأمناء "تعرضهم لانتقادات حادة من قبل مؤيدي إسرائيل حيال هذه النشاطات."
وقال عضو مجلس الأمناء البروفسور ريتشارد روبرت الحائز على جائزة نوبل في الطب عام 1993: "تعرضت المؤسسة للانتقادات السلبية بسبب ما اعتبر ارتباطا لأنشطتها بالسياسة خاصة بعد تقديمها للمساعدات الإنسانية لأهالي غزة.. ويسرني للغاية أن أرى أن المؤسسة وهي تقرر زيادة تركيزها على العمل الإنساني والخيري."
وأعرب المجلس عن خشيته من أن بعض الأنشطة التي اكتست طابعاً سياسياً قد ألقت بظلالها على الجهود الأخرى للمؤسسة، خاصة فيمل يتعلق ببناء المدارس، وإغاثة اللاجئين وجهود مكافحة المخدرات، وإزالة الألغام."
من جانبه أكد عضو المجلس الدكتور كواك تشومغ هوان، رئيس مؤسسة السلام العالمي: " إن رؤية وأهداف المؤسسة تكتسي أهمية بالغة ولقد اضطلعت المؤسسة دائماً بتنفيذ أنشطة جوهرية وأشعر أن الفصل بين العمل الخيري والعمل السياسي سيساعد في الدفع بمسار المؤسسة الجديد إلى الأمام."
وفيما جدد أعضاء مجلس الأمناء التزامهم بـ"أهداف وقضايا المؤسسة،" قرر المجلس أن يقتصر دور سيف الإسلام على الرئاسة الشرفية للمجلس والمؤسسة ، بينما يقوم مجلس أمنائها بممارسة صلاحيات السلطة العليا.
وكانت مؤسسة القذافي قد لعبت دوراً كبيراً في إطلاق المقرحي الذي قيل إنه يعيش أيامه الأخيرة، ما دفع اسكتلندا للإفراج عنه، إلا أن الخطوة أعقبها اتهامات وحديث عن وجود صفقات نفطية تحت الطاولة، أما محاولة المؤسسة إرسال سفن إلى غزة فقد انتهت بتحويل المسار إلى الموانئ المصرية، دون مواجهات مع إسرائيل.
غير أن المواجهة الأبرز للمؤسسة كانت في الداخل، فبعد أن كثرت التحليلات حول إمكانية حصول "توريث" للسلطة في ليبيا بين القذافي ونجله، تصاعد التوتر بين مراكز القوى في البلاد، وقامت عناصر من الشركة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باعتقال صحفيين في وكالة أنباء "ليبيا برس" المملوكة لسيف الإسلام.
ولم يفرج عن الصحفيين إلا بناء على تعليمات من معمر القذافي نفسه، في حين جرى وقف النسخة الورقية من صحيفة القذافي الابن، التي تحمل اسم "أويا،" بعد الانتقادات العلنية التي وجهها سيف الإسلام القذافي لنظام الحكم في البلاد.
وكانت الصحيفة قالت في افتتاحيتها إن "ليبيا اقتربت من درجة الأزمة في ممارسة السلطة الشعبية وإدارة شؤون الدولة المحلية،" بفعل من وصفتهم "بالسراق والمرتشين والمتاجرين بالشعارات ممن احتسبوا على الثورة وهي منهم براء."
ويطالب القذافي الابن بمجموعة من الخطوات الإصلاحية، منها إجراء تعديلات على النظام الاقتصادي للبلاد، إلى جانب وضع دستور ينظم عمل السلطات.